له مفاهيم وتعبيرات في علوم الادارة وتنمية البشر صكها علي مدي السنين حتي تكاد تسجل باسمه أشهرها مصر ليست بالفقيرة وانما اداراتها هي الفقيرة في فكرها وعلمها واحجامها عن الاقدام علي اقتحام المشاكل .. مصر ليست فقيرة بمواردها بل المشكلة في عقلية من يديرها وهذا ما ينعكس علي كيفية التفكير والتخطيط هذا ان وجد وعلي الميزانية التي تخصص 140 مليارا لدعم البطون، و20 مليارا لتغذية العقول أي للتعليم ولابد وتستدعي هنا ألف علامة استفهام وتعجب . بلاد صغيرة محدودة السكان بموارد طبيعية شبه معدومة كالسويد فنلندا كوريا وحتي اسرائيل تخصص ما لا يقل عن 4٪ من مجمل دخلها القومي للبحث العلمي ونحن .. لنصمت هنا تماما لأن الرقم المخصص في الميزانية مخجل! ولندرك أهمية الادارة التي هي الحكم أو الحكومة فلابد ونعلم أنه عندما اجتمع مائتا عالم في لوس انجيليس بكاليفورنيا منذ عدة سنوات ليتباحثوا في مؤتمر عن ماهية العنصر الاهم الذي أدي للطفرة في الحياة الانسانية الحديثة، طرحوا عناصر شتي كالطيران والطاقة النووية والليزر وغيره انما اتفقوا في النهاية علي أنها »الادارة الحديثة« هي علم القاسم المشترك الذي لولاها ما انتقلت الاكتشافات والاختراعات العلمية الي حيز الانجاز لخدمة البشرية .. الادارة الحديثة بكل تفاصيلها صارت علوما، التمويل علم والتسويق علم والتنمية البشرية والتطوير واكتشاف القدرات بين العاملين كلها علوم، فالدولة الحديثة تقوم علي حكم ديموقراطي حقيقي يختار ادارة علمية حديثة، وقد تعودنا من القيادة المصرية السابقة ألا نتوقع منها أن تأتي بغير من ترتاح اليهم وتتقبلهم وغالبا من هم في أحجامها.. فلا تبحث عن المتميزين ولا تفتش عن الندرة البشرية وهذا ما نضح علي منتجاتنا التي لم تتطور ولم تنافس في عصر يقوم علي المنافسة ومن لا يقفزفيه ويجري ويسابق فهو يتخلف وتتدني قيمة انتاجه... من هنا أهمية ألا تكون الادارة سلطوية وانما تكون حاسمة وعادلة وباحثة عن أهل الندرة البشرية ولو بمنكاش لتشغيلهم في تخصصاتهم لا لتقصيهم فان هذه الندرة البشرية هي سبيل الدول الي الرخاء .. فاذا نظرنا الي الهند نجد اولي خطوات التحديث لديهم بدأت عندما استدعي (راجيف غاندي) العلماء الهنود من الخارج وجاء بهم ليكونوا لبنة النهوض بالهند، فقد ثبت ان أي ادارة حديثة من أولي مهامها أن تبحث عن الندرة البشرية في مجتمعها من ذوي التخصص والمبتكرين لأن هؤلاء هم حضانة التقدم في الحضارة الانسانية الحديثة اهل الندرة هؤلاء .. احتضانهم لا اقصاؤهم .. هكذا تقوم الدولة الحديثة في هذا العصر: ادارة علمية حديثة، الديموقراطية ذاتها أسلوب ادارة لمجتمع يشارك في اتخاذ قرارات تخصه سواء علي مستوي ادارة دولة أو مستوي ادارة مؤسسة أوحتي مصنع لأن الديموقراطية لا تتجزأ ..والنظام السابق كان سلطويا وشرها واستولي علي البلد وكأنه مستعمر من الداخل وهو أسوأ من استعمار الخارج لأنه لا يعتبر ذاته أجنبيا سيخرج يوما! ملاحظة عامة: نحن في الاستثمارات نفتت ولا نركز ونختار قصير الأمد سريع الربح كأنما نفكر بمنطق احييني النهارده بكره ما يهمنيش وننسي الفارق بين العيش والحياة ، فقد أكون حيا ولكني لا أعيش، ولوطبقنا استراتيجية التركيز علي صناعتين أو ثلاث فقد نحقق النقلة الاقتصادية بامتياز فالقطن المصري له سمعة طبقت آفاق العالمية ولو نبيع بمليار وطبقنا مفهوم القيمة المضافة فاتبعنا منهج التطوير والموضة والاذواق المرغوب فيها وحولنا أقطاننا لصناعة رائدة واستخدمنا التكنولوجيا الحديثة في المعدات والماكينات لكان بمقدورنا ان نكون علي رأس المنافسة العالمية .. و صناعة الغزل والنسيج، لو توقفت عند الفتلة والقماشة معناه الجمود ولو طورنا الانتاج حسب الموضات المطلوبة والاذواق العالمية ننتقل بها لما يعرف بالقيمة المضافة... صناعة السينما هي الأخري من أهم صناعات نجيدها بل نتفوق فيها علي مستوي المنطقة بلا منازع انما نهملها أو لا نركز في استثمارها بالنحو الذي يعود بأضعاف ما يأتي به الوضع الراهن ، والسوق حجمها هائل في المنطقة باتساعها فلم لا نبيع ما نجيده ونستطيع تجويده والابداع فيه ...لم لا تكون مصر أهم مركزخدمات في العالم وهي مهيأة بموقعها الفريد علي وجه أفريقيا وظهر اوروبا وبجوار أهم منطقة احتياطي بترولي، والمناخ مستقر علي مدار السنة فلا جليد ولا زلازل ولا براكين أو أعاصير وشواطيء ممتدة علي طول 2500 كيلو علي بحرين، وشعب ثبت أنه قابل للتعلم وللتدريب فماذا ينقصنا غير إدارة حديثة بالمقومات السابق ذكرها؟ يبقي في النهاية ركنا مهما من أركان الادارة وهو عدالة توزيع الثروة الإنتاجية .. وهذه تأتي بتوسيع الملكية أي تتحول شركات القطاع العام إلي شركات مساهمة من المواطنين وليس احتكاريات يقول أنها خاصة، و هنا نقطة مهمة لابد من توضيحها وهو مفهوم القطاعين العام والخاص لدينا وهو مغلوط .. فالقطاع العام بمفهومه الاشتراكي كان يفترض أنه ملك الشعب بينما هو في الواقع ملك الدولة وما القطاع العام بمفهومه الحديث فهو تملك جموع مواطنين لاسهم شركة أو مؤسسة بنسبة كبيرة 70٪ مثلا فهذا ما يكون هو القطاع العام الحقيقي.. لذا الشركات الكبري في الدول معظمها يملكها مواطنوها، جنرال موتورز و مرسيدس بنز وآي بي ام وغيرها.. أما الخصخصة فمفهومها لدينا كان نقل القطاع العام الي فرد أو أفراد، ولا كانت قطاعا عاما ولا انتقلت لفرد او افراد بل واقع الامر الي »محتكري« الأسواق فلا المواطن استفاد في السابق ولا يستفيد في اللاحق بل تحول المواطنون ليكونوا تحت رحمة المحتكرين بدءا من الاسعار الي مستوي الجودة غير القضاء علي المنافسة وهي أم الابتكار... اذن نحن نمر بمرحلة تستدعي اعادة نظر في مفاهيم أساسية أخذنا بها طويلا بدون تفكير.