بينما كنا في الإسكندرية نحرص علي استقبال السنة الجديدة بإلقاء شيء بسيط من البلكونة عند منتصف الليل تعبيرا عن وداع السنة بحلوها ومرها ، كان من تبقي من جيراننا الطلاينة أو الجريك يضعون الكراكيب التي يرغبون التخلص منها في صندوق علي الرصيف . كانت أياما جميلة نستقبل العام وفي قلوبنا سعادة لا تختصر وأحلام لا نهاية لها . علمتني أيام الطفولة أن السنة تبدأ صفحة بيضاء يمكن لكل واحد فينا أن يكتبها كيفما يشاء ويرسم عليها مايرغب بألوان الحياة . كم أتمني أن نستقبل السنة الجديدة وقد ألقينا كراكيب الروح من البلكونة ، ونبدأ رحلة دون أن نحمل معنا أعباء وكراكيب سنة ماضية ، ننظف قلوبنا ونحتمي في مشاعر نبيلة تحلم بالخير والسعادة . الحياة قصيرة مهما طالت ولن تحسب بالسنوات لكن تحسب أدق بما نملأ به أيامنا بالخير والبهجة ، 365 يوما قائمة محطات كثيرة يمكن لكل محطة أن نري شيئاً جديداً ونتعلم درساً جديداً ونغني أغنية جديدة ونضيف لحياتنا معني جديداً. لا معني لأن ننهي عاما ونبدا عاما وتبقي الأيام متشابهة وفارغة ، لا طعم للحياة مع أيام بدون تجربة جديدة نخوضها و حلم جديد نحققه ومغامرة جديدة نكون جزءا منها . الأبطال هم من يصنعون الأيام .. الضعفاء هم من تصنعهم الأيام، الأحداث العظيمة فقط هي التي تحسب للإنسان وتمنحه قيمة .. والأحداث العظيمة لا يصنعها إلا أشخاص عظماء وأقوياء ويحبون الحياة ، لماذا لا تكون عظيما ؟ لا تنتقل للسنة الجديدة وأنت حزين وأنت مكسور وأنت ضعيف وأنت خائف وأنت مستسلم ، استقبل السنة الجديدة من نفس البلكونة التي تعلمنا فيها إلقاء أيام الحزن والكراكيب المكسورة والأحلام الضعيفة الخائفة المرتعشة . ابحث في داخلك عن وهج القوة وعن الحلم الذي يقاوم البرد والخوف والظلام واليأس .. وتحول من إنسان عابر إلي إنسان يستطيع أن يترك في رحلته أثرا وفي سنواته تغييرا . سنة سعيدة . الحياة في انتظارك .