تقابل في طريقك أحيانا أشياء، تجدها تعلق في ذهنك، وتترك ذكريات جميلة لا يمكن أن تنساها، ولكن مع ضغوط الحياة المختلفة تختفي تلك الاشياء وفي لحظة لا تتوقعها، تجد الذكريات تتدفق وتتذكر كل شيء لحظة بلحظة، بل وتعيش الذكريات. حدث هذا لي منذ أيام قليلة وأنا استعرض المشروع الذي تقدمت به الحكومة منذ فترة ليست بقليلة، ولكن قامت اللجنة المشتركة من لجان الاعلام والثقافة والآثار والدفاع والأمن القومي في مناقشته أخيرا تمهيدا لعرضه علي مجلس النواب، وهو مشروع القانون الخاص بحماية المخطوطات والذي تم تعديله أكثر من مرة. ثم انتهت تلك اللجنة المشتركة مؤخرا من صياغته تمهيدا لمناقشته في مجلس النواب، هذا المشروع الذي يهدف إلي حماية المخطوطات، خاصة بعد العديد من البلاغات والشكاوي بشأن الاحراز والضبطيات الجمركية التي تحتوي علي مخطوطات نادرة والتي حولت إلي وزارة الاثار، علي الرغم من أن ذلك الأثر تراث علمي وفكري ويجب ان يحافظ عليه وأن يكون أيضا في متناول العلماء والباحثين، لذلك فإن مشروع القانون المعروض يقترح أن تودع تلك المخطوطات في دار الكتب. وحينما وجدت كلمة دار الكتب في مشروع القانون وقرأت ما كتبته اللجنة عن تاريخ دار الكتب منذ نشأتها بمبادرة علي باشا مبارك ناظر المعارف في عصر الخديو اسماعيل عام 1870 وإلي الآن، وتاريخها ومساحاتها، وما تقدمه وتحتويه، وجدتني أعيش الذكريات الجميلة، والأوقات السعيدة التي كنت أعيشها في دار الكتب منذ أن كنت طالبة في كلية الآداب جامعة عين شمس في أواخر السبعينيات. كانت أحلي الأوقات عندما يطلب منا أحد الاساتذة الافاضل عمل بحث أو كتابة موضوع عن الأدب أو الشعر أو حتي موضوع تراثي قديم كنت أعيش لحظات في التفكير، ولكن سرعان ما يتلاشي ذلك أمام وجود دار الكتب في باب الخلق وهو المكان الذي كنا نذهب إليه لتقرأ ونقرأ وأتذكر أنني ذهبت في أحد الأيام لعمل بحث عن الأدب الجاهلي فوصلت الي دار الكتب عندما فتحت أبوابها، ووجدت مساعدة من المشرفة التي كانت موجودة في ذلك الوقت والتي وضعت أمامي العديد من الكتب والمخطوطات في هذه الموضوعات، وظللت اقرأ حتي وجدتها تقول: حان الآن وقت الانصراف ويمكنك أن تحضري غدا إذا كنت في حاجة أخري للمزيد من المعلومات، منذ ذلك اليوم، وجدتني أذهب إلي دار الكتب كلما وجدت نفسي اشتاق إلي القراءة والبحث. لذلك اتمني أن تتم الموافقة علي مشروع القانون، كما أتمني أن يحاول اساتذة الجامعات إعادة البحث الميداني مرة أخري إلي التعليم.