من الاعمال الدرامية الناجحة التي عرضت خلال شهر رمضان الماضي ويعاد عرضها مرة اخري حاليا حلقات »ريش نعام« تأليف فداء الشندويلي واخراج خيري بشارة وبطولة داليا البحيري وعمرو واكد ومجموعة من كبار النجوم أصحاب الاداء المتميز. وحلقات »ريش نعام« جاءت لتؤكد علي حجم الموهبة الكبيرة التي تتمتع بها النجمة داليا البحيري حيث جسدت شخصية »فريدة علوان« التي تدور من حولها الاحداث فهي ابنة رجل الاعمال »شاكر علوان« الذي يمتلك امبراطورية اقتصادية عاش من اجلها فقط وترك من ورائه اسرة مفككة زوجة مستهترة وابنة متمردة وطفلا صغيرا لا يفهم حقيقة ما يجري من حوله فالعائلة كلها تعيش في جو يكسوه الغموض ومناخ غير صحي علي الرغم من مظاهر الحياة الارستقراطية التي ينعم بها الجميع. ومن تتابع الاحداث تتكشف لنا الحقائق المؤلمة لاسرة »شاكر علوان« فالاب يدخل في خصومة شرسة مع صديق عمره »الشرقاوي بيه« بسبب صفقات البيزنس ويصل الخلاف بينهما الي حد الكراهية ثم يتحول الي صراع دموي بعد ان تصارحه ابنته »فريدة« بحقيقة حبها وارتباطها مع »كريم« ابن عدوه اللدود »الشرقاوي« ورغم موافقته الظاهرية علي اتمام زواج ابنته من »كريم« الا انه يقوم بتدبير حادث سيارة »للشرقاوي بيه« وابنه في نفس اليوم الذي حدده لهما للحضور الي منزله للاتفاق علي تفاصيل الخطوبة والزواج! وبموت »الشرقاوي بيه« في حادث السيارة تتحطم حياة »فريدة علوان« حيث تحول حبيبها »كريم« الي عدو لها ولاسرتها وتولدت بداخله رغبة في الثأر والانتقام لوالده الذي دفع حياته ثمنا لقصة حب فاشلة! وعلي الجانب الآخر اصبحت »فريدة علوان« تعيش حياة مضطربة ومتوترة ولم تعد تلك الفتاة التي تصحو وتنام علي ريش النعام حيث انزلقت قدماها الي مستنقع عفن انعكس علي كل تصرفاتها فأخذت تتقاذفها الرياح ويسارع والدها باقناعها بالتخلص من الجنين الذي نتج عن علاقة غير شرعية مع »كريم الشرقاوي« وخسرت صديقة عمرها »دينا« وانصرفت عنها امها بحياتها الاجتماعية المليئة باللهو والخداع والبذخ واللامبالاة مرورا باكتشافها زواج والدها سرا لتتفاقم الامور وتقودها الي حافة الهاوية! وتتتابع الاحداث بتفاصيل كثيرة لتصل في نهاية الامر الي اغتيال الاب »شاكر علوان« والوصول الي حقيبة مستندات تحتوي علي اسرار كثيرة عن أصحاب السلطة والنفوذ الذين وقفوا من وراء »شاكر علوان« وصنعوا منه اسطورة للفساد تتلاعب بمقدرات الشعب وبثرواته وكالعادة يدفع الابناء ثمن خطايا آبائهم خاصة بعد ان تفقد الام هي الاخري صحتها واموالها وتموت فقيرة معدمة لتصبح »فريدة علوان« مسئولة عن نفسها وعن رعايتها لشقيقها الصغير المريض بالسكر! ويحسب لداليا البحيري اداءها الجيد لشخصية »فريدة علوان« التي تمر بعدة مراحل صعبة ومعقدة تحتاج لقدرات خاصة في التمثيل فهي تنتقل من حياة الريش نعام الي حياة الجوع والتشرد والفقر والالم وموت المشاعر والاحاسيس الرقيقة التي كانت تزهو بها بين اهلها وناسها وتتحول الي حطام امرأة علي الرغم من محاولة »كريم الشرقاوي« استرداد قلبها مرة اخري بينما ينتظر الشاب »عصام« كلمتها النهائية في طلبه بالزواج منها وهو الذي عاش يحلم بها منذ ان كان يعمل في الامبراطورية الاقتصادية لوالدها مع والده الحاج »صالح« الذي تعرض ايضا بسبب ولائه الشديد لتلك العائلة لمشاكل كثيرة كادت تقضي عليه. والعمل في مجمله متميز لولا وجود مط وتطويل في بعض اجزائه مما انعكس ذلك علي الايقاع ولكن اداء فريق الممثلين خفف من احساسنا بالملل ونحن نتابع سير الاحداث في تطور الصراع بين »شاكر علوان« ومن بعده ابنته »فريدة« وافراد المافيا التي طاردتها في كل مكان ذهبت اليه لدرجة جعلتهم يخطفون شقيقها الطفل الصغير »مودي« وإن كنت اري ان المشهد الخاص بفك اسره وذهاب شقيقته »فريدة« ومعها »عصام« لاطلاق سراحه من داخل مسكن مهجور هو مشهد ضعيف وساذج ولا يليق بالمخرج الكبير خيري بشارة ان يقدمه بهذا الاسلوب البدائي والمتردي . وعلي أية الاحوال لكل عمل ناجح بعض الهفوات التي يقع فيها وهذا لا يقلل من روعة اداء فريق الممثلين وعلي رأسهم القديرة داليا البحيري التي تعيش الان احلي سنوات النضج الفني ومعها النجم الكبير عمرو واكد »كريم الشرقاوي« والموهوب احمد وفيق »عصام« والمجتهد جدا زكي فطين عبدالوهاب »شاكر علوان« ومرورا بطابور طويل من الممثلين الكبار اذكر من بينهم مادلين طبر وأحمد خليل واسامة عباس وسعيد طرابيك ونجلاء بدر وميمي جمال وهدي الادريسي والطفل »احمد« -نهاد نور- ثم لابد من الاشادة ايضا بديكورات العمل والتصوير وصوت هدي عمار في تترات البداية والنهاية للحلقات التي كانت ولاشك شيئا مختلفا عن كل ما قدمته الاعمال الدرامية الاخري خلال شهر رمضان الماضي وربما كان ذلك سببا في اعادة عرضها الان ليتابعها من لم يتمكن من الاستمتاع باحداثها بسبب زحمة الشاشة الارضية والفضائية بهذا الكم الكبير من المسلسلات جيدة الصنع في ظاهرة لم نشهدها منذ عدة سنوات.