مصطفى حمدى تمثل السينما الأمريكية نموذجاً صارخاً في الدعاية السياسية، فهوليود التي ولدت وترعرعت وغزت العالم في مهد دولة تمثل الأب الروحي للديمقراطية تبدو متهمة منذ زمن بالترويج الايجابي وربما الخيالي لنظامها السياسي والاجتماعي بشكل ساهم في تعزيز الانبهار بذلك المجتمع المؤمن بالتسامح والحريات وهو في الحقيقة مجتمع ربما يكون أبعد عن تلك النموذجية "اليوتوبية". الحديث عن صناعة الأسطورة الأمريكية "سينمائيا" تفرضة الموجه "الأوبامية" من أفلام هوليود التي ظهرت خلال العام الماضي ومطلع هذا العام .. لاتندهش من مصطلح »السينما الأوبامية« فهو اختراع يملك براءته نقاد هوليود في توصيفهم لمجموعة من الأفلام التي طرحت نموذج الرئيس الأسود في أفلام تقدم أمريكا كدولة تواجه خطر الفناء أو ربما فناء العالم لتخرج هي بالحل لانقاذ البشرية وهو ماتجسد منذ ثلاث سنوات تقريبا في فيلم »2012« الذي تنبأ بنهاية العالم. الخطاب الرئاسي الامريكي والذي تركز مع انتخاب اوباما لدورة ثانية علي محاربة العنصرية ومواجهة الارهاب تجسد في الموجة الثانية من الافلام الاوبامية التي ربما كانت تقرأ أفكار الرئيس قبل أن يطرحها اعلاميا! مثل فيلم ابراهام لينكولن الذي يحمل دعوة صريحة لعودة المجتمع للمباديء والتقاليد التي يدعمها التيار اليميني في الولاياتالمتحدة بينما يطل فيلم »دجانجو طليقا« للنجم ليوناردو ديكابريو والمخرج كوينتن تارنتينو ليمثل رسالة واضحة ضد العنصرية التي بدأ الحديث عنها يطفو علي سطح المجتمع الأمريكي. ان »السينما الأوبامية« تمثل منحني جديدا في علاقة الأنظمة السياسية بصناعة السينما خاصة في الدول الكبري التي تعي أهمية ترويج ثقافتها ومفاهيمها عبر شريط مرئي لاتتجاوز مدته 120 دقيقة ولكن قيمته تعادل وربما تفوق آلاف الخُطب وعشرات المنتديات واللقاءات والاجتماعات، الحكمة أن السينما تكسب الشعوب قبل الحُكام وتمهد الطريق أمام السياسيين لنشر أفكارهم ومخططاتهم حتي ولو في أقاصي العالم ، ولكن من يفهم ومن يتعلم ؟