مصطفى حمدى تبدو الشحنة الأولي من افلام الثورة والتي خرجت من خط انتاج السينمائيين الثائرين طوال العامين الماضيين كطبخة »مسلوقة« بلاطعم أولون. التجربة والزمن يؤكدان أن الافلام التي شحنت بشجن الثورة الاولي وهتافات الجيش والشعب ايد واحدة واكتست بالغضب المتفجر ضد أمن الدولة والداخلية لم تحمل رؤية واضحة المعالم لثورة مازالت مستمرة في الشارع. يستثني من ذلك بعض التجارب التي كان لدي صناعها شيئ من التبصير وبصيص من فهم التاريخ وبعض الخبرات »المريرة« مع أجهزة الأمن، من بين هؤلاء المخرج إبراهيم البطوط صاحب فيلم الشتا اللي فات، ذلك العمل الذي يبدو كقطرة ماء عذبة في بحر من الافكار والنظريات والاعمال الثورية الضحلة. الحديث عن »الشتا اللي فات« الان وبعد مرور شهور علي ظهوره الاول يأتي من وحي شارع غاضب وسلطة عنيدة يقدمان عرضا دمويا رأيناه في شتاء 2011 ونراه في الشتاء الحالي وربما كل شتاء ستعيشه القاهرة طالما لم تتحقق أهداف الثورة، أدرك البطوط وهو يقدم فيلما لتوثيق الثورة انها لن تنتهي بسقوط مبارك وتبادل القبلات والاحضان والدموع بين كل المشاركين في الثورة مفجروها ولصوصها وان القصة تكمن في عصا مغرية تثير الشهوة ليستخدمها صاحبها رافعا شعار »العصا لمن عصا«. كان البطوط اكثر نضجا في هذا الفيلم عن تجربتيه السابقين، حركة كاميرا دقيقة ومتزنة وتصاعد شيق لكل المؤثرات خاصة الموسيقي وأداء صادق من عمرو واكد وفرح يوسف، وكان مثيرا أن يعرض في تيتر النهاية قائمة بأسماء شهداء ومصابي الثورة منذ اندلاعها وطوال العام الماضي ولكن لم يفته ان يكتب »العد مازال مستمرا«.. ومازلنا مستمرون في عد الشهداء والمصابين مع ابراهيم البطوط كل شتاء.. باختصار الثورة مستمرة.