لم تكن الرحلة إلي هذه الجزيرة النائية عادية.. بل كانت مليئة بالمفاجآت المبهرة الجذابة.. هنا في سنغافورة غول التكنولوجيا في الشرق الأقصي - كما يطلق عليها - جئنا علي رأس وفد برئاسة وزيرين من أنشط وزراء حكومة الدكتور نظيف الذكية.. الدكتور محمود محيي الدين وزير الإستثمار والدكتور طارق كامل وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. شابان مثقفان مفعمان بالحماس والعمل ليل نهار دون كلل ولا ملل.. كل منهما يدرك تماما المعني الحقيقي للعمل العام وتحمل المسؤلية ويعرفان أن منصب الوزير تكليف وليس تشريفا يضاف إلي رصيدهما بقدر العطاء والإخلاص والإنجاز.. ولأنهما من هذا الجيل الواعد الملئ بالأمل والطموح إلي غد أفضل أدركا ايضا مفهوم التنسيق والتكامل بين الحقائب الوزارية.. فكانت زيارتهما معا إلي سنغافورة مبادرة ناجحة بكل المقاييس لاقتحام السوق التكنولوجية الأكبر في العالم في هذا المجال.. وحملت رسالة محددة.. البحث عن فرص الاستثمار في قطاع يمثل المستقبل.. فهي المدينة التي يفد إليها كل من يتطلع إلي اللحاق بالعالم المتقدم.. كل من يرغب في مواكبة العصر بالأساليب التكنولوجية الابتكارية.. كل من يريد أن يلمس علي أرض الواقع الطفرة التي يشهدها هذا النمر الآسيوي الناهض الذي استطاع بمهارة إحتواء الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية بإتخاذ حزمة من الإجراءات العاجلة كان أهمها ضخ المزيد من الأموال في السوق لتوفير سيولة إضافية للبنوك.. وتعديل الدستور للسماح للحكومة باستغلال كمية أكبر من عوائد استثمار الاحتياطات السيادية. اللقاءات هنا كانت مكثفة.. أولها كان علي مستوي القمة عندما استقبلهما الرئيس السنغافوري إس آر ناثنان معربا عن تقديره لمصر وللرئيس حسني مبارك وعن تطلعه لمزيد من التعاون بين البلدين.. كما كان لإنعقاد مؤتمر مصر مقصد للاستثمار المباشر وقع مميز من خلال حضور نخبة من ممثلي كبريات الشركات ورجال الأعمال ومثل فرصة سانحة لاستعراض فرص الاستثمار الواعدة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتعريف المستثمرين السنغافوريين بمزايا الاستثمار في مصر وخاصة في مجال القري الذكية.. وخلق نوع من التواصل مع دول الباسيفيك عامة وسنغافورة بصفة خاصة.. فكانت هناك تظاهرة مصرية تدعو للفخار امتدت ليوم كامل في قلب سنغافورة.. ثم جاءت اللقاءات الثنائية العديدة التي عقدها الدكتور محمود محيي الدين والدكتور طارق كامل مع نظرائهما وأعضاء مجلس أعمال تكنولوجيا المعلومات البالغ عددهم أربعمائة عضو.. والذي شهد الإعلان عن إنشاء منتدي الأعمال وتكنولوجيا المعلومات بين البلدين.. ثم التوقيع علي عدد من برتوكولات التعاون.. وكانت سعادتي غامرة وشعرت بالزهو عندما قال لي ليو توك وزير الاتصالات السنغافوري أن مصر تعد من بين الدول المتقدمة للغاية في مجال تكنولوجيا المعلومات.. وربما تقترب كثيرا من بلاده.