لسنوات طويلة تعبنا من المناداة بالتصدي الحازم والحاسم لهذه «المافيا»، التي نهبت أراضي الدولة، واستولت عليها بالقوة، أو بدعوي تحويلها إلي أرض زراعية منتجة، فإذا بها تتحول إلي قصور فاخرة ومنتجعات للأثرياء، وثروات حرام للمحظوظين من حزب الفساد!! من قبل ثورة يناير بسنوات ورائحة الفساد في نهب أراضي الدولة تخنق الأنفاس وتثير الغضب. وكنا - مع غيرنا- نكشف ونحذر ونطلب العدالة وحكم القانون، ولا أحد يسمع أو يهتم إلا بما يقوله تحالف الفساد مع الحكم!! وحين بدأت المحاولات بعد ثورة يناير لاستعادة حقوق الدولة، تعثرت كثيرا لأن القضية لم تكن تنحصر في مواجهة من استولوا علي الأرض فقط، بل كان الأمر مرتبطا ب«مافيا الفساد» الهائلة النفوذ، والتي مازالت - حتي الآن- تعشش في مؤسسات الدولة، وتتحالف مع حزب الفساد القديم، لتستمر الأوضاع في هذه القضية «كما في غيرها من القضايا».. محلك سر!! والأخطر.. أن التعثر بعد الثورة جعل هذه «المافيا»، تتصور أنها قادرة ليست فقط علي حماية ما جنته من فسادها القديم.. بل انها وببجاحة منقطعة النظير- تصورت انها قادرة أيضا علي استئناف فسادها، ومضاعفة نشاطها في حماية نفوذ رأيناه- بعد ثورتين!! يمتد ويتشعب ويزداد فجورا!! وهو يبني حصونا لحماية فساده. سواء بالنفاذ إلي البرلمان عن طريق المال السياسي، أو بممارسة الضغوط الاقتصادية علي الحكومات المتعاقبة، أو ببناء امبراطوريات إعلامية تمثل الثورة المضادة، وتسعي لتحصين فسادها القديم، واستعادة نفوذها وفرض السياسات التي تحمي مصالحها!! الآن.. تدخل المعركة ضد «مافيا»، نهب أراض الدولة منعطفا جديدا مع صدور القرار الجمهوري بتشكيل اللجنة التي يرأسها المهندس إبراهيم محلب لحصر أراضي الدولة التي تم الاستيلاء عليها واستردادها بجميع الطرق القانونية، وكذلك لحصر الديون المستحقة لصالح الجهات الحكومية صاحبة الأراضي المنهوبة واسترداد كل أموال الدولة. ومع تمنياتنا بالنجاح لهذه اللجنة في أداء مهمتها، فإننا نؤكد أن القضية هنا أكبر من استرداد المال المنهوب، والذي يصل إلي عدة مئات من المليارات. إنها قضية0 أمن قومي.. لأن القضاء علي الفساد أصبح شرطا للتقدم وللحفاظ علي الدولة. وهي قضية أمن قومي لأن استمرار نهب المال العام لا يعني إلا أن تصل الأزمة الاقتصادية بالدولة لحدود الكارثة. وهي قضية أمن قومي لانه لا يمكن الحديث عن رفع سعر تذكرة المترو «علي سبيل المثال»، بينما من هبش مليار جنيه من نهب المال العام والاستيلاء علي أراضي الدولة يعيش سعيدا بما هبش!! كل التوفيق للمهندس محلب وأعضاء اللجنة في مهمتهم الوطنية. وكل الدعم لهم ونحن نعرف جيدا أن حزب الفساد سيقاوم بشراسة وحتي النفس الأخير!!