عابر سبيل

بشرُ.. يوحي إليه

سأل ربه ألا يجعل قبره وثنا يعبد، «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله علي قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» فأجابه مولاه الكريم لذلك فحفظ قبره الشريف صلي الله عليه وآله وسلم من أن يسجد إليه مخلوق معتقدا ألوهيته وسأل ربه ألا يشرك به أحد مع الله تعالي، فعصم الله نبيه وأمته أن تعتقد في حبيبه ومصطفاه ألوهيته «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ».. أو تعتقد ببنوته لله تعالي : «وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَي المَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ» .. بل حفظ المولي الكريم أمته من الشرك بعده فقال صلي الله عليه وآله وسلم «.. وأني لا أخشي أن تشركوا بعدي ولكن أخشي عليكم الدنيا أن تتنافسوا فيها كما تنافس من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم».
وكما كمل الدين وتمت النعمة برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فقد كمل رسول الله صلي الله عليه وسلم وحوي الكمال البشري كله، فهو الإنسان الكامل في خلقه وصورته فلم ير الرائي قبله ولا بعده مثله، كامل في خلقه وسجاياه «وإنك لعلي خلق عظيم» وكامل في صفاته الحسية والمعنوية ومنزه عن كل عيب ونقص.. فقد أعطي المصطفي صلي الله عليه وسلم الحسن كله والجمال كله ولكنه جمال متوج بالهيبة والجلال. وقد كان الصحابة رضي الله عنهم لا يستطيعون إمعان النظر فيه.. لقوة مهابته ومزيد وقاره.. قيل للربيع بنت مقود رضي الله عنها صفي لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت : يا بني لو رأيته لرأيت الشمس طالعة.. وجاء في حديث الامام الحسن بن علي عن خاله هالة بن أبي هالة رضي الله عنهم قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم نخما فخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر. ونظر إليه جابر بن سمره رضي الله عنه في ليلة مقمرة قال : فجعلت أنظر إليه وإلي القمر فلهو عندي أحسن من القمر.
.. جمال بل غاية الجمال المتوج بالهيبة والوقار، وسئل أحد الصالحين عن نسوة يوسف وقد قطعن أيديهن حين سطع لهن الجمال اليوسفي ولم يفعل ذلك مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد أعطي الجمال كله فقال أن كان نسوة يوسف قطعن أيديهن فإن قلوب الصحابة مزقت شوقا وولها بالحبيب عليه وآله وسلم.
ولقد اختص الله سبحانه وتعالي سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم بأنواع من الفضائل اختص بها وحده ، منها.. رأت أمه عند ولادته نورا خرج منها أضاء لها قصور الشام، وأنه ظللته الغمامة في الحر، وأنه كان يبيت جائعا ويصبح طاعما يطعمه ربه ويسقيه، وأنه كان يري من خلفه كما يري من أمامه، وأنه كان يري في الليل في الظلة كما يري بالنور والضوء.
وأنه كان يبلغ صوته وسمعه مالا يبلغ صوت غيره وسمعه، وأنه كانت تنام عينه ولا ينام قلبه ، وأنه صلي الله عليه وسلم ما تثاءب ولا احتلم قط، وأنه عرقه صلي الله عليه وسلم أطيب من المسك، وأنه إذا مشي مع الطويل طاله.. وأن الله تعالي حفظ كتابه المنزل عليه وهو القرآن من التبديل والتحريف «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» .. و أنه صلي الله عليه وسلم بعث إلي الناس كافة.
اللهم صل علي الذات المحمدية، اللطيفة الأحمدية ، شمس سماءالأسرار مظهرالأنوار ، مركز مدار الجلال وقطب فلك الجمال،اللهم بسره لديك وبسيره إليك آمن خوفي وأقل عثرتي وأذهب حزني وحرصي وكن لي وخذني إليك مني، ولا تجعلني مفتونا بنفسي ، محجوبا بحسي واكشف لي عن كل سر مكتوم، وصلي الله عليه وعلي آله وصحبه يا حي يا قيوم يا الله.