مفاجآت الدائرة الرابعة بأسيوط، خروج مدو لمرشح الحزب وتقدم مستقل في نتيجة حصر الأصوات بأبو تيج    وائل إسماعيل يكتسح سباق «ملوي» الانتخابي ويتصدر ب 35 ألف صوت    حياة كريمة تنتقل بمستوى الخدمات لمياه الشرب والصرف الصحى بقرى شبين القناطر    القومي للمرأة يشارك في فعاليات معرض تراثنا 2025    زلزال بقوة 6.5 ريختر يضرب شمال اليابان وتحذيرات من موجات تسونامي    كأس العاصمة| غياب 14 لاعبًا في الأهلي قبل لقاء إنبي اليوم.. عودة «الشحات»    أمطار وشبورة كثيفة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس الساعات المقبلة    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 12 ديسمبر    ترامب: سننهي هذا العام وقد حصلنا على استثمارات تقدر ب 20 تريليون دولار    ياسمين عبد العزيز: غلطت واتكلمت في حاجات كتير مش صح.. والطلاق يسبب عدم توازن للرجل والمرأة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة أوي واتعاملت بقلبي.. ومش كل الناس تستاهل    زلزال بقوة 6.7 درجة يهز شمال شرق اليابان وتحذير من تسونامي    ياسمين عبد العزيز: اقتربت كثيرا من ربنا بعد مرضي.. الحياة ولا حاجة ليه الناس بتتخانق وبتأكل بعض؟    تبرع هولندي بقيمة 200 مليون جنيه لدعم مستشفى «شفا الأطفال» بجامعة سوهاج    الأمين العام للناتو يحذر من سيناريو روسي في أوكرانيا يهدد الحلف    وفد جامعة سوهاج يبحث تعزيز الشراكة التدريبية مع الأكاديمية الوطنية للتدريب    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    عمرو دياب يتألق في حفل الكويت ويرفع شعار كامل العدد (فيديو)    هل تعلن زواجها المقبل؟.. ياسمين عبد العزيز تحسم الجدل    نتيجة الحصر العددي للدائرة ال 5 بحوش عيسى بانتخابات النواب بالبحيرة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن للسلام    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    الحصري العددي لانتخابات مجلس النواب، منافسة محتدمة بين 4 مرشحين في دائرة الهرم    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    القيادة المركزية الأمريكية: توسيع فريق التنسيق لغزة إلى 60 دولة ومنظمة شريكة    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث انهيار عقار سكنى في إمبابة.. صور    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
كثير من الكلام.. قليل من الطرب !
نشر في أخبار اليوم يوم 21 - 12 - 2015

نحن في حاجة لضبط إيقاع الإذاعة المصرية.. التي تدخل كل البيوت كي تتحول إلي قوة ناعمة.. ترتفع بالذوق العام.
الخميس:
اعتاد صديقي القديم.. زميل «الدكة» بمدرسة حدائق القبة الابتدائية.. بعد إحالته للمعاش منذ 20 سنة ألا ينام إلا علي صوت أم كلثوم!
صوت سيدة الغناء.. هو الدواء الذي يدلك اعصابه.. والخروج به من عناء الارق.. خروج السهم من قوسه.. وينقله من عالم المتاعب والاكدار.. الي حالة من الراحة النفسية ويعيده لاجواء الصفاء والنشوة.. ويسرح بكل جوانحه في كلماتها عندما تشدو.. «طالت ليالي الالم.. واتفرقوا الاحباب كفاية بقي تعذيب وشقا ودموع في فراق ودموع في لقا»
واعتاد صاحبنا زميل الدكة.. ان يتهادي في مشيته نحو ذاته في تمام الحادية عشرة من مساء كل ليلة.. ويضع الراديو فوق منضدة بالقرب من أذنه اليسري.. ليستمع من اذاعة الاغاني الي حفلات ام كلثوم الشهرية التي تنقلها هذه الاذاعة وتنفرد بها كل ليلة.. ويسرح مع كلماتها:
الليل.. ودقة الساعات تصحي الليل.. وتفيد بإيه ياندم.. وحرقة الاهات في عز الليل وقسوة التنهيد والوحدة والتسهيد.
فيبدأ النوم يداعب جفونه.. وهو ينتقل من كلمة الي كلمة.. ويقف عند عايزنا نرجع زي زمان.. قول للزمان ارجع يا زمان.. فتزداد جرعات الاسترخاء.. وهو يلوح بأصابعه كلما رددت سيدة الغناء كلمة فات الميعاد.. فيبتسم بينه وبين نفسه.
صوت ام كلثوم يؤنسه من وحشة الوحدة.. في سفه التقدم «نسبيا» ويتملكه الاحساس بان سيدة الغناء تحمله علي كتفها كالطفل الرضيع الذي لم يفطم بعد.. وتغني له كي ينام.. وهي تهزه برفق الكلمات وعمق المعاني.. وهو لا يدري هل هو فوق الفراش ام انه يحلق في عالم تذوب له العيون الجوامد من فرط نعومة المواقف المشحونة بالعواطف الجياشة.
وبما ان النعمة لا تدوم.. فقد فوجيء صاحبنا في الشهور الاخيرة.. بأن الاحوال قد تبدلت.. وبدأ يطل عليه في الساعة الحادية عشرة من مساء كل ليلة.. صوت مذيع الحفل.. الذي يلقي محاضرة.. متكررة.. تجعله يفيق من غشيته.. وهو يردد الكلمات التي لا تمت بأدني صلة لا للرقص الشرقي ولا للطرب!
يقول مذيع الحفل.. سيداتي سادتي.. احييكم من دار سينما قصر النيل لأنقل لكم الحفل الشهري لكوكب الشرق أم كلثوم.. وقد امتلأت مقاعد القاعة عن آخرها.. بجمهور المعجبين بصوت سيدة الغناء العربي.. للاستماع للوصلة الثالثة من الحفل الكبير.. وكانت السيدة ام كلثوم قد شدت في وصلتها الاولي باغنية الاطلال للشاعر الطبيب المبدع ابراهيم ناجي وتلحين الموسيقار رياض السنباطي.. وفي وصلتها الثانية أغنية رق الحبيب وواعدني يوم.. لشاعر الشباب احمد رامي وتلحين القصبجي.. وسوف تشدو في وصلتها الثالثة باغنية اروح لمين واقول يامين ينصفني منك.
وفي هذه اللحظة يرتفع صوت صاحبنا رويدا رويدا.. وهو يحدث نفسه.. اي والله يا اخي.. لقد صدقت.. ولا اعرف اروح لمين واقول يامين ينصفني منك.. ما انت جرحي.. وانت اللي سرقت النوم من عيني.. وهو يتقلب في فراشة من فرط السخط.
ثم يعاود صاحبنا الاستماع لمحاضرة المذيع الذي يعلن علي الملأ انه يري علي خشبة المسرح مجموعة في باقات الزهور بعث بها عدد من المعجبين بفن كوكب الشرق.. قبل ان يقدم للمستمعين اسماء اعضاء الفرقة الموسيقية من عازفين وعمال ومساعدين.. وفنيين في ضبط الصوت ومراجعة مكبر الصوت الذي ستقف امامه كوكب الشرق.. وكأنه يشدو بابيات من الشعر.
قائمة طويلة يزيد طولها علي المسافة بين السيدة زينب وسيدنا الحسين.. تنتهي بالاعلان عن دقات الاعلان عن رفع الستار.
وبعد دقائق من الصمت الذي يقطعه التصفيق من جمهور الحاضرين يرتفع صوت المذيع قائلا..
الآن سيداتي سادتي ترتفع الستارة الحمراء.. وتظهر كوكب الشرق علي المسرح.. ترتدي فستانها الابيض المنقوش.. لتشدو باغنية الوصلة الثالثة من الحفل الساهر.. بقاعة سينما قصر النيل.. وهي اغنية اروح لمين.. واقول يامين ينصفني منك.. من تأليف الشاعر الكبير عبدالمنعم السباعي.. وتلحين السنباطي.
وعندما تبدأ الفرقة الموسيقية في عزف المقدمة الموسيقية.. يتطلع صاحبنا لساعته.. ليكتشف ان محاضرة المذيع استغرقت نصف الساعة.. وان ساعة منزله تشير الي الحادية عشرة والنصف.. بما يعني ان المقدمة الاذاعية استغرقت نصف الساعة.. ينتقل الميكروفون بعدها من المذيع.. الي كوكب الشرق.
ويقول صاحبنا العجوز المخضرم.. ان هذه المقدمة الطويلة تتكرر بأصوات المذيعين 30 مرة كل شهر.. لتقضي علي كل احاسيس الرغبة في الاستمتاع بصوت ام كلثوم.. وفي كل مرة يتكرر الكلام باصوات السادة المذيعين.. بلا ملل ولا كلل.. يضاف إلي هذه المأساة انه يجري اجراء تعديلات في تسجيلات الاغاني في المونتاج.. بحيث تطول مدة الاغاني.. ولا تنتهي سوي الساعة الواحدة صباحا.. لتبدأ اذاعة اغنية لموسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب لاتزيد مدتها علي خمس دقائق!
ويتساءل صاحبنا المخضرم.. الا يوجد في بلدنا مسئول واحد باذاعة بلدنا.. يراقب هذا الخلل الواضح.. في انتهاك الذوق العام لعشاق اذاعة الاغاني.. التي تردد علي مدار اليوم شعارها القائل «قليل من الكلام.. كثير من الطرب»؟!
ان ما يحدث في اذاعة الاغاني.. في الشهور الاخيرة يدعو لدق كل اجراس الخطر.. لانه يقضي علي البقية الباقية من عشاق الفن الجميل.. الذي يعد بمثابة القوة الناعمة لمكافحة التدهور في السلوكيات لعامة الشعب.. من البسطاء.. الذين تعيد اليهم اصوات كبار المطربين في الزمن الجميل.. عواطف وادبيات وتقاليد زمن مضي.. علينا ان نستعيده من خلال الفن الرفيع.. وليس من خلال محاضرات السادة المذيعين.
وسألني صاحبنا.. وقد تملكته احاسيس الغضب عن رأيي فيما يجري باذاعة الاغاني.. فقلت له اننا في امس الحاجة هذه الايام لاستخدام قوانا الناعمة.. وفي مقدمتها الاغنية.. وصوت ام كلثوم ومحمد عبدالوهاب ونجاة الصغيرة.. لتصحيح المسار باصوات المطربين وليس باصوات المذيعين.
نحن في حاجة لضبط ايقاع الاذاعة المصرية.. التي تدخل كل البيوت ويتابعها البسطاء الذين لا يملكون وسائل التخفيف عن آلام الحياة.. بحيث تتحول الي قوة ناعمة حقيقية.. ترتفع بالذوق العام والعواطف الوطنية الصادقة التي تبدع.. ولا تدمر!
للنساء.. فقط!
الجمعة:
تعجبني المعارك النسائية.. عندما تندلع.. حول قضايا المرأة.. وعندما تتحول الكلمات المطبوعة الي كلمات وصفعات.. وشلاليت وتلويح بالاصابع التي تحمل الاقلام.. ويصل الاعجاب الي حد الاثارة «الشرعية» عندما يندلع التراشق بالكلمات بين النخبة المثقفة من النجمات الساطعات في المملكة العربية السعودية.. اثناء الانتخابات المحلية الاخيرة التي جرت في المملكة.. والتي حصلت فيها المرأة علي 19 مقعدا في المجالس المحلية في اول مشاركة للنساء في الانتخابات كنائبات وكمرشحات.
وكانت تلك هي المرة الاولي في تاريخ المملكة العربية السعودية التي تصعد فيها النساء الي حلبة الملاكمة.. ويجلس فيها الرجال فوق مقاعد المتفرجين.. لا ينطق اي منهم بكلمة.. من باب الاعتراف بحق المرأة في مناقشة قضاياها.. بلا تدخل.. قد يفسد اجواء المعركة ويلوث البيئة النقاشية.
والمناسبة.. كما اشرت.. كانت الانتخابات المحلية.. عندما خرجت الكاتبة الصحفية «مي خالد» بمقال ناري اشارت فيه الي ان النساء اللاتي تقدمن للانتخابات كمرشحات.. لم يتقدمن ببرامج ولا سياسات.. ولم يقرأن اللائحة التنفيذية للمجالس المحلية واطلقن وعودا وهمية.. وان كل واحدة اعتمدت علي خصوصيتها الفريدة.. وانها امرأة.
وقالت الكاتبة السعودية.. انني لا استطيع ان اغفر للمرأة اطلاقها لوعود وهمية.. ولا ان اغفر لها دعوتها للنساء بأن يصوتن لها.. لانها امرأة فقط.. وان تطالب المرأة بالتصويت لها لكونها امرأة مثلها.. ليس الا!
وقالت الكتابة مي.. ان دعوة المرأة المرشحة للناخبات بان يمنحنها اصواتهن.. هي اشبه بالذين صوتوا لأبناء قبائلهم او مناطقهم.. او انتماءاتهم الطائفية.
وقالت الكاتبة «مي خالد» ان الغالبية العظمي من المرشحات لم يتقدمن ببرامج انتخابية تخاطب العقل والمنطق.. اكتفاء بسمة واحدة وهي ان المرشحة امرأة.. وعلي المرأة ان تنتخب بنت جنسها.
وفي اليوم التالي خرجت الكاتبة الصحفية الدكتورة عزيزة المانع.. بمقال في الصحيفة نفسها.. تحت عنوان «لا تنتخبوا الحريم» اشارت فيه الي ان الكاتبة مي خالد.. طالبت في مقالها بعدم انتخاب الحريم!!
وفي اليوم الثالث خرجت الكاتبة ناهد باشطح بمقال تحت عنوان «ضياع العقل النسوي» وصفت الكاتبة مي خالد بانها صاحبة عقل ذكوري مشوه.. وانها مازالت مستعبدة لدي الرجل.. واتهمتها بالحط من شأن المرأة!
ولم يعد يمر يوم واحد.. لاتخرج فيه احدي الصحف السعودية.. بمقال نسائي «متشنج» يتهم الكاتبة مي خالد بأنها تسلك طريق النساء المهووسات اللاتي يخرجن في مظاهرات عاريات الصدر ويوقدن النار فيما بقي من ثيابهن»!!»
وفي خلال اسبوع واحد.. تحولت الساحة الاعلامية الي حلبة ملاكمة مهولة.. ترتفع فيها الاصوات النسائية في كل حدب وصوب.. البعض يشجع والبعض يصفق.. والبعض يسأل الله التفريج لكربه.. والترويح عن نفسه.
بعض الاصوات النسائية التي تتسم بالاعتدال رأت ان الزمن قد تجاوز الخطاب النسوي في تعاطيه لقضايا المرأة.. واننا نعيش في زمن لم يعد فيه مكان لبحث قضايا المرأة بمعزل عن قضايا الرجل.. علي اساس ان كليهما انسان.. في عصر سقطت فيه الفوارق بين الرجل والمرأة.. واصبحنا نعيش في زمن ارتفعت فيه القيم الانسانية عن مستوي فصل قضايا المرأة عن قضايا الرجل.. وان جميع المنظمات والهيئات والمجالس التي تدعي الدفاع عن حقوق المرأة.. هي التي كرست الفوارق في الحقوق والواجبات بين الرجال وبين النساء من ربات الحجال.
بقي لي علي المعركة النسائية تعليق.. وهو ان الانتخابات المحلية التي جرت في المملكة العربية.. وما صاحبها من نقاش حاد وممتع.. خرج في بعض فقراته عما ينبغي ان يكون عليه الحوار.. وقد كشف للرأي العام العربي.. ربما للمرة الاولي بمثل هذا الموضوع عن تحول ايجابي تشهده المملكة العربية السعودية.. من خلال واقع ملموس وبلاشعارات لاتجد لها نصيبا علي ارض الواقع.. واننا امام تحول سوف يلقي بآثاره الايجابية علي مستقبل الامة العربية بأسرها.. باذن الله.
ومفهوم طبعا ان الكلام موجه.. للنساء فقط!
اضراب الشحاتين!
السبت:
في البداية.. لم يكن يتردد علي هذه الحديقة الشاسعة في قلب مدينة فرانكفورت الالمانية.. سوي شحات واحد.. ليس له زميل او شريك او منافس.
كان ذلك علي وجه التحديد سنة 1985.. والحديقة تحتل موقعا استراتيجيا للتسول بسبب قربها من محطة القطار الرئيسية في فرانكفورت.. وهي مترامية الاطراف.. ومشحونة بكل عناصر الجمال.. ابتداء من الاشجار النادرة.. والزهور التي تستقبل المارة في شوق.. وتشكو لهم وحدتها.. الي وجوه الحسان اللاتي يترددن علي الحديقة بصحبة انيس.. يفرج في كل واحدة منهن كربها.
وكان هذا الشحات الذي اطل علي الحديقة سنة 1985.. اشبه بكبار المكتشفين في علوم الجغرافيا.. وكان اول شحات تدوس اقدامه حشائشها.. بيد ان هذا الحال لم يستمر طويلا.. وتحولت الحديقة الي ملتقي للشحاتين من كل الجنسيات والاديان والمذاهب.. وبمرور الوقت اصبحت تضم اكثر من 2000 شحات.. لا يشوهون الحديقة فحسب.. وانما رأي بعض شباب المدينة.. من ارباب الجذور العنصرية.. ان هذا المشهد لا يليق بألمانيا.. ولا بكونها القوة العظمي المتوقعة.. وان المتسولين يسيئون لها ولسمعتها وشرفها.
المهم.. انه في مثل هذه الايام في سنة 1987.. قررت مجموعة الشباب التخلص من الشحاتين الذين يشوهون جمال الحديقة.. فقامت في احدي الليالي الشتوية بذبح العشرات منهم كذبح القصاب للشياه الراعية.
واستمرت عمليات ذبح الشحاتين.. علي نمط فريد وعجيب.. وقالت السلطات الرسمية ان عدد المتسولين في فرانكفورت وحدها بلغ 2000 متسول «الفي متسول» وان هذه السلطات لا تستطيع توفير الحماية للمتسولين الذين يتعرضون للذبح تحت جنح الظلام اعتمادا علي انهم بغير مأوي ويبيتون في الشوارع.
واصدرت قرارا بمنع التسول بعد السادسة مساء حتي توفر الأمن للمتسولين.
وبصدور هذا القرار.. دخلت طائفة المتسولين قواعد الانضباط السائدة في جميع مناحي الحياة علي الاراضي الالمانية.. والتزم كل شحات بمواعيد الشحاتة.. وعندما يلقي نظره علي الساعة الرئيسية بمحطة السكك الحديدية.. ويجدها تقترب من السادسة مساء.. يبدأ في جمع ادوات التسول.. ويستعد لمغادرة مكان العمل في الساعة التي حددتها السلطات التي تصدر الاوامر والتعليمات.. ولا يستطيع مواطن واحد او مجموعة من البلطجية مخالفتها.
لم يعلن المتسولون في فرانكفورت الاضراب عن العمل.. او الخروج عن اللوائح والقوانين.. اسوة بحملة الدكتوراه والماجستير في بلدنا او طلبة الثانوية العامة الذين طالبهم الوزير بالانتظام في الحضور إلي المدارس.. بسبب بسيط هو ان القوانين في ألمانيا تطبق علي الجميع.. وما يسري علي اسلام بحيري ينطبق علي احمد موسي بلا تفرقة وبلا تحيز.
المهم.. أن تنتشر بين عامة الناس ثقافة احترام القوانين.. لانها ملزمة.. واجبارية وتطبق علي الجميع.. بلا تفرقة بين شحات.. وبين واحد من أصحاب العمارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.