ما بين المتنطعين وزارعي الألغام وتجار الدين السياسي تمضي سفينة الوطن تتلاطمها الأمواج وتلقي إليها فتنا كقطع الليل المظلم. المشهد في احتفالات الإخوة المسيحيين هذا العام بعيد القيامة كان غيره في السنوات السابقة، مابين انكفاء فتاوي أصحاب العين الواحدة وغباء تصريحات أصحاب الهدف الواحد، وبغاء انتقادات المشتاقين إلي سدة الحكم. جاء رد المصري الأصيل البسيط ليضرب كل هؤلاء من حيث لا يحتسبون، ويقدم للعالم مشهداً حضاريا اعتاد عليه العالم من أصحاب أقدم وأطول حضارات الدنيا حيث امتلأت الكنائس بالمهنئين من الأقباط المسلمين للأقباط المسيحيين ضاربين بفتاوي العين الواحدة عرض الحائط، ومقتدين بالإمام الأكبر شيخ الأزهر الموثوق في علمه والذي ارتوي من نيل مصر وتربي من ترابها وامتزجت بدمائه الخلطة المصرية الفريدة. بعيداً عن تلقين الرأي الواحد ورؤية العين الواحدة قدم المصريون درساً في الاحساس بالخطر إزاء دعاوي التمييز ومحاولات التمكين ومناوشات المحاربين علي الكرسي، وأن كل هؤلاء الفرقاء هم مجرد متصارعين علي التحكم في مصير البلاد والعباد مهما كان الثمن غالياً، حتي لو كان علي حساب جريان نهر من دماء الفتنة بين صنوين لهما جذر واحد، لكن فطرة البسطاء كانت أقوي من كل صراعات الأيديولوجية والسياسة والسيطرة وسارع عشرات الآلاف من المصريين المسلمين لتهنئة المصريين المسيحيين في مليونية تلقائية أطلقها نذير الخطر بين فرعي الشجرة الأم. إنه درس لابد أن نعيه دائما. وتبدو حاجتنا شديدة للتعامل مع الإعلام بمعايير واضحة يحكمها القانون، كما حدث في قضية عبدالله بدر مع الفنانة إلهام شاهين، فالرجل نزل برجله إلي مستنقع ما كان له أن يطأه كداعية وأخذ القانون مجراه، لكن أمثال بدر علي امتداد القنوات الفضائية من دعاة الدين والسياسة وتجار التوك شو كل هؤلاء أيضا بحاجة لمعاملة قانونية موحدة.