محمد نبينا سراج الأنام, شفيع البرايا, في يوم الزحام رسول السلامة نبي البرية, عليه الصلاة وأزكي السلام, مشي في طريقة يفادي الصعاب, وجاهد وبين طريق الصواب, ونور عقولنا بهدي الكتاب. الشيخ سيد مكاوي من ابرز الملحنين التي شهدتهم مصر في عصرها الحديث, والذي بدأ حياته مع الإنشاد الديني والمنشدين. ولد سيد مكاوي في أسرة بسيطة في حي الناصرية في السيدة زينب في8 مايو1926, وكان لكف بصره عاملا أساسيا في اتجاه أسرته إلي دفعه للطريق الديني بتحفيظه القرآن الكريم فكان يقرأ القرآن ويؤذن للصلاة في مسجد أبو طبل ومسجد الحنفي بحي الناصرية. وما أن تماثل لسن الشباب حتي انطلق ينهل من تراث الانشاد الديني من خلال متابعته لكبار المقرئين والمنشدين آنذاك كالشيخ إماعيل سكر والشيخ مصطفي عبدالرحيم وكان يتمتع بذاكرة موسيقية كبيرة فما أن يستمع للدور أو الموشح لمرة واحدة فقط سرعان ما يحفظه وكانت والدته تشتري له الاسطوانات القفديمة من بائعي الروبابيكسا بالحي بثمن رخيض ليقوم بسماعها إرواءا لتعطشة الدائم لسماع الموسيقي الشرقية. وتعرف فيما بعد علي أول صديقين في تاريخه الفني وهما الشقيقين إسماعيل رأفت ومحمود رأفت ومان من أبناء الاثرياء ومن هواة الموسيقي وكان أحدهما يعزف علي آله القانون والثاني علي آلة الكمان. كون سيد مكاوي مع الأخوين رأفت ما يشبه التخت لإحياء حفلات الأصدقاء وكان لحفظ سيد مكاوي لأغاني التراث الشرقي عاملا أساسيا في تكوين شخصيته الفنية واستمد منها مادة خصبه أفادته في مستقبله الموسيقي, كما كان لحفظه تراث الانشاد الديني والتواشيح عاملا أساسيا في تفوقه الملحوظ في صياغة الألحان الدينتية والقوالب الموسيقية القديمة مثل تلحينه الموشحات التي صاغها من ألحانه. كان سيد مكاوي في بدايته مهتما أكثر بالغناء ويسعي لأن يكون مطربا وتقدم بالفعل للإذاعة المصرية في بداية الخمسينات وتم اعتماده كمطرب بالرذاعة وكان يقوم بغناء أغاني تراث الموسيقي الشرقية من أدوار وموشحات علي الهواء مباشرة في مواعيد شهرية ثابتة. ومن المفارقات أن أول أغانيه الخاصة والمسجلة بالإذاعة ليست من ألحانه بل من ألحان صديقة الفنان عبدالعظيم عبدالحق وكانت مديحا للنبي عليه الصلاة والسلام هي محمد نبينا. في منتصف الخمسينات بدأت الإذاعة المصرية في التعامل مع سيد مكاوي كملحنا إلي جانب كونه مطربا وبدأت في إسناد الأغان الدينية إليه والتي قدم من خلالها للشيخ محمد الفيومي الكثير من الأغاني الدينية مثل تعالي الله أولاك المعالي وأمين أمين ويا رفاعي قتلت كل الافاعي وحياري علي باب الغفران حتي توجها بأسماء الله الحسني. وقدم سيد مكاوي بعد ذلك العديد من الألحان للإذاعة من أغاني وطنية وشعبيه. وكانت الحانه تتجلي فيها عبقريته في شدة بساطتها والتي استمدها من المدرستين الموسيقتيين التي كان ينتمي إليهما وهما مدرسة سيد درويش ومدرسة زكريا أحمد وكان كثيرا ما يغني ألحانهما سواء في جلساته الخاصة أو حفلاته العامة, وبدأ تهافت المطربين والمطربات علي الملحن سيد مكاوي كل يسعي للحصول منه علي لحن فقدم ألحان لليلي مراد وشادية وشهر زاد ونجاة الصغيرة وصباح, ولوردة الجزائرية مجموعة كبيرة من الأغاني الناجحة. انطلق الشيخ سيد مكاوي يصول ويجول بألحانه لكبار المطربين وكذلك للجيل الصاعد منهم آنذاك مثل المطربة فايزة أحمد حيث كان أول لحن تقدمه للإذاعة المصرية من ألحان سيد مكاوي وهو أغنية يا نسيم الفجر صبح. بدأ سيد مكاوي في تقديم المسحراتي مع الشاعر الراحل فؤاد حداد الذي صاغها شعرا وظل يقدم المسحراتي بنفس الأسلوب حتي وفاته. كان لسيد مكاوي اهتمام شديد بقضايا مصر وكذلك القضايا القومية للوطن العربي وشارك في الكثير من المناسبات القومية الهامة مرجعا موسيقيا هاما بمكتبة المعاهد والكليات الموسيقية. لحن سيد مكاوي أيضا لكوكب الشرق أم كلثوم وكان من أهمها أغنية( يامسهرني) وقدم أغنية( أوقاتي بتحلو) التي كان من المفترض أن تغنيها أم كلثوم قبل وفاتها إلي الفنانة وردة الجزائرية.