لم يكن الموسيقار الراحل صلاح عرام مجرد عازف في عالم الموسيقي ولكنه كان واحدا من أبنائها المخلصين الذين قدموا كل ما يملكون من مجهود من اجل الارتقاء بقيمة هذه المهنة. ولد عرام بحي الجمالية بمدينة القاهرة في الثامن والعشرين من نوفمبر.1928 ونشأ نشأة دينية, حيث التحق بكتاب باب الشعرية, ثم بدأ تعليمه الابتدائي بمدرسة الجمالية, حتي السنة الثالثة الابتدائية, وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية, تركت الأسرة القاهرة إلي بلدتهم إخميم, بنجع أبو عرام وفي عام1940 عادت الأسرة إلي القاهرة, وعاشوا في حي شبرا, حيث كان والده يعمل في سكرتارية مجلس النواب, والتحق عرام بمدرسة الأمير فاروق الابتدائية وحصل منها علي الشهادة الابتدائية عام.1942 وفي مدرسة الأمير فاروق الثانوية بدأ نشاطه الفني, فانضم إلي فريق التمثيل الذي كان يشرف عليه الممثل أحمد علام وكان يقوم بأدوار ثانوية, وبدأ يهمل في دراسته وفي تلك الفترة تعرف علي جاره الفنان بليغ حمدي. واشتريا التي العود, وبدأ يتعلمان عزفهما سرا. في عام1949 تكون في مدرسة التوفيقية الثانوية بشبرا ناد للنشاط الصيفي للطلاب, وكان يشرف عليه الفنان المعروف يوسف عوف, فانضم إليه صديقه عاطف نصار يعزف آلة الكمان وصلاح عرام يعزف آلة العود, بينما كان بليغ حمدي يقوم بالغناء, كما كان عرام يلقي بعض المونولوجات, ونتيجة لذلك النشاط الفني تعثر صلاح عرام في دراسته الثانوية ورسب عدة مرات, ولكنه انتهي منها بعد جهد عام1952, ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة عين شمس وفيها أنضم لفريق التمثيل وأصبح رئيسا له. وفي أول عهد ثورة23 يوليو1952, أقيمت المسابقات بين فرق التمثيل بالجامعة وفي تلك المسابقات فاز صلاح بميدالية ذهبية وكان ذلك عام1953 وفي نفس الوقت التحق سرا بقسم النقد بمعهد الفنون المسرحية. وتطور نشاط عرام عندما أعلن أحمد طاهر المشرف علي برامج المنوعات بالإذاعة المصرية آنذاك, عن إن الإذاعة ستقدم نشاطا لهواة الفنون في برنامج بعنوان ركن الهواة وتقدمت عدة فرق موسيقية للإذاعة, فقام صلاح عرام بجمع أصدقائه الذين كانوا يشتركون معه بالعزف في الحفلات, وتقدموا كفرقة للامتحان بالإذاعة, وبعد أن نجحت الفرقة دخل لهم في الأستوديو الفنان محمد حسن الشجاعي أحد أعضاء اللجنة وسألهم من رئيس هذه الفرقة؟ فلم يرد أحد, فنظر إليهم ثم أتجه ببصره ناحية عرام قال له أنت تبقي رئيس الفرقة, ورفض عرام خوفا من والده وبعد حوالي عشرين يوما, فوجئ بوصول خطاب مسجل من الإذاعة يطلب منه الحضور مع فرقته لتسجيل البرنامج الجديد فذهب مع زملائه وسجلوا البرنامج وانصرفوا وفي شهر رمضان المعظم من ذلك العام1954 وبينما صلاح عرام يتناول طعام الإفطار مع أسرته, وهم يسمعون إذاعة البرنامج العام بالقاهرة, أعلن المذيع عن تقديم فرقة موسيقية جديدة بقيادة صلاح عرام ولاحظ أن والده كان سعيدا بنجاحه. وفي منتصف عام1954, أقيمت حفلات أعياد التحرير بحديقة الأندلس بالقاهرة, وكان المشرف علي تلك الحفلات الفنان يوسف عوف فاستعان بفرقة عرام, الذي أطلق عليها اسم الفرقة الذهبية وزادت شهرتهم مع اشتراكهم في تلك الحفلات وعندما اندلعت حرب السويس عام1956 اشتركت الفرقة, في التسجيلات التي تمت في الإذاعة المصرية لأغاني الحرب الحماسية في ذلك الوقت, وفي تلك الفترة بدأ ظهور برنامج ساعة لقلبك الذي كان بليغ حمدي يغني مقدمته واستعان بفرقة صلاح عرام لعزف فقرات البرنامج. وبذلك انتظمت الفرقة في عملها ببرنامجي ركن الهواة, وساعة لقلبك, وكان للفنانة فايدة كامل دورها الكبير في دخول الفرقة للمجالات الرسمية المختلفة, خاصة بعد نجاح أغنيتها عاد السلام يا نيل التي غنتها بعد حرب عام1956, بمصاحبة الفرقة وفي تلك الفترة احترف أعضاء الفرقة واهتموا بالبحث عن المكسب المادي الأكبر, فتفككت الفرقة عندها قام الفنان سيد محمد بدعوة صلاح عرام لعزف الكمان في فرقته وإدارتها في نفس الوقت لما كان له من خبرة في هذا المجال. وفي عام1957 بدأت حفلات أضواء المدينة التي كانت تقيمها الإذاعة المصرية وبعد أن أشترك عرام في أول حفلة وكانت في مدينة طنطا عاد إلي القاهرة وصمم علي أن يعيد تكوين فرقته, ولكن بصورة جديدة تمكنه من تلافي أخطاء الماضي. قامت الفرقة الذهبية بقيادة صلاح عرام بمصاحبة الفنانة فايدة كامل, في حفلاتها بالنوادي نظرا لأن تكلفتهم المادية كانت أقل كما عملت الفرقة في تلك الفترة أيضا مع الفنانين سعاد محمد, ومحمد عبد المطلب, وعباس البليدي وكانت الفرق الموسيقية حتي ذلك الوقت تحفظ الألحان عن طريق تكرارها أثناء التدريبات, ولكن عندما أنشئ التليفزيون المصري عام1960, تغير أسلوب العمل في الفرق الموسيقية, التي كان مطلوبا منها تسجيل عدد كبير من الأعمال أسبوعيا فاضطرت الفرق إلي تدوين موسيقي تلك الأعمال وقراءتها من المدونات مباشرة, وتوفيرا للوقت, ولملاحقة السرعة المطلوبة في أنجاز الأعمال. وهذا هو ما فعله الفنان صلاح عرام في فرقته. والجدير بالذكر أنه يتفق مع الكثيرون في إن إدخال الآلات الموسيقية التي تعمل بالكهرباء في فرق الموسيقي العربية قد أضرت كثيرا بطابع الموسيقي العربية, بسبب سوء استخدامها في أغلب الأحيان وقد زار الفنان صلاح عرام وفرقته معظم دول العالم. فزار كل الدول العربية والدول الأوروبية وبعض البلاد الأفريقية, كما زار الولاياتالمتحدةالأمريكية مرتين, وفي كل مرة طاف مع فرقته كل الولايات في جولات فنية, كما زار استراليا وقد صاحبت الفرقة الذهبية الكثير من الفنانين والفنانات المصريين والعرب, وكان وكيلا لنقابة الموسيقيين المصريين وبعدها نقيبا لها وقد كتب عددا من المقطوعات الموسيقية نذكر منها ليلة حلوة, فرحة, مسا الجمال, فكرة, لعبة.