لو كنت من الحكومة لطالبت مجلس الشعب بعقد اجتماع طارئ و سن تشريع يعاقب الآباء الذين يصطحبون أبناءهم القصر للمظاهرات أو للاحتجاجات التي ينظمونها علي مظالم أو ضياع حقوق يرونها مستحقة لهم. هناك تجمعات احتجاجية عديدة صادقة, نظمها المحتجون للمطالبة بحقوق مهدرة فعلا, ووضعوا لها قواعد من أنفسهم, أكدوا من خلال سلوكياتهم أنهم أهل لتنظيم مثل هذه الاحتجاجات و أصحاب حقوق بجد. لكني لا أفهم أن يقوم أب باصطحاب أطفاله القصر إلي الطريق العام, و يضع علي رءوسهم أغطية حمراء, ويعلق في رقابهم مشانق تتدلي حبالها من شجر خلف رءوسهم, للاحتجاج علي حق يعتبره مهدرا. لا يمكن قبول أي تبرير لذلك المشهد الذي رأيناه جميعا و تناقلته كاميرات محطات التليفزيون المختلفة, و نشرتا عديدة, لا يمكن الاعتداد بأي مبرر لأن يتعرض أطفال أبرياء لمثل هذا المشهد الفظيع, الذي هو من جوهر مفاهيم انتهاك حقوق الطفل, و أين المنظمات الحقوقية التي تصدع رءوسنا ليل نهار عن حقوق الطفولة؟! أكرر مرة أخري لامبرر مهما كان لإقحام الأطفال في خلافات أو صراعات مع الحكومة, كما فعل بعض المعتصمين باصطحاب أطفالهم إلي أماكن الاعتصام والمبيت معهم علي الأرصفة, وتعريضهم لمواقف عصيبة محيطة بالاعتصام. نريد من الأطباء النفسيين تفسيرات واضحة و صريحة عن تأثير هذه الظواهر علي الحالة النفسية و العصبية للأطفال الآن و مستقبلا, وعن علاقتهم بأقرانهم, وعن علاقتهم بالمجتمع المحيط بهم, وكيف سيتعاملون مع الآخرين. لوحصلت هذه الوقائع في بلاد أخري لقامت السلطات المحلية وعلي الفور بسحب الأطفال من آبائهم, فلا مبرر علي الإطلاق للتعريض بالطفل و إلحاق الأذي به, فهناك العديدمن الوسائل الأخري لاسترداد الحقوق وهي مسئولية الآباء وليس الأبناء. كيف قررت وسائل الإعلام نقل هذه الصورة البشعة اللاإنسانية للأطفال وحبال المشنقة تتدلي فوق ورءوسهم و حول أعناقهم, هل يجرؤ أحد علي تبرير ذلك بمساعدة الأب و مساندته في مواجهة ظلم الحكومة؟! و ألا يعد نقل هذه الوقائع بمثابة اشتراك في انتهاك براءة هؤلاء الأطفال؟ ما حصل جريمة, والصمت عليها أو الترويج لها... تواطؤ في الجريمة. [email protected]