بحكم الوظيفة يمر علي الكثير من السير الذاتية لشباب يسعون وراء فرصة عمل. من أكثر الأشياء التي تستوقفني في كثير من السير الذاتية التي تصادفني حرص أصحابها خاصة من المسلمين- علي كتابة ديانتهم ومن ضمن المعلومات الواردة في السيرة الذاتية. وظيفة السيرة الذاتيةهي أن تقدم لجهة العمل معلومات تحتاجها لإصدار حكم بشأن ما إذا كان المتقدم للوظيفة مناسبا للقيام بها أم لا. أفهم أن يذكر كاتب السيرة الذاتية نوع ومستوي التعليم الذي حصل عليه, فالتعليم هو أهم أساليب التأهيل للقيام بالوظيفة أيا كان نوعها. أفهم أن يتم تضمين السيرة الذاتية اسم المؤسسة العلمية التي تخرج فيها طالب الوظيفة, فليست كل الجامعات ولا حتي المدارس متساوية. لكني لا أفهم بالمرة ما هي الصلة بين الدين وأهلية الفرد للقيام بالوظيفة من عدمه, اللهم إلا إذا كان البحث يجري عن وظيفة إمام مسجد أو كاهن لكنيسة. لا يوجد في حدود ما أعرف أي أبحاث علمية تقول إن أصحاب ديانة معينة أكثر تأهيلا لأداء وظيفة بعينها من أتباع ديانة أخري. الحرص علي ذكر الديانة في السير الذاتية هو حرص علي عرض شيء آخر غير المؤهلات الملائمة لأداء الوظيفة. في مجتمع عادة ما تكشف أسماء الناس فيه ديانات أصحابها, فإن ذكر الانتماء الديني في طلبات التوظيف فيه محاولة للتأكد من وصول رسالة معينة لا تخلو من تحيز طائفي. في ظهور الانتماء الديني لطالب الوظيفة واضحا صريحا ضمن السيرة الذاتية تحريض لصاحب العمل علي إدخال الانتماء الديني ضمن المعايير التي يعتمد عليها في اتخاذ قراره, وفيه, إذن, دعوة صريحة للتمييز الطائفي ضد أصحاب الديانات الأخري. لست متأكدا من الطريقة التي انتشرت بها هذه الطريقة في كتابة السيرة الذاتية. قد يكون الشباب الباحثون عن عمل لاحظوا اهتماما متزايدا من جانب جهات التوظيف لمعرفة الانتماء الديني لموظفيهم, فقرروا إضافة هذه المعلومة غير ذات الصلة تحت ضغط الإلحاح الطائفي لأصحاب العمل. قد يكون أحد أولاد الحلال المنتشرين في كل مكان أعد نموذجا لكيفية كتابة السيرة الذاتية وقام بنشره علي قطاعات واسعة من الشباب, فانتشرت معه هذه العادة غير الحميدة بحسن نية. قد تكون بعض الجماعات المتعصبة تعمدت الترويج لهذه العادة بسوء نية لا لبس فيه. أيا كان السبب فأنا شخصيا, ومن باب الحرص علي هذا الوطن, أستبعد وبلا تردد أي سيرة ذاتية بذكر صاحبها ديانته فيها.