ميتانوياMetanoia مصطلح يوناني وجد طريقه الي علم النفس ليعبر عن طريقة من طرق العلاج الذاتي يقوم فيها الشخص بمساندة نفسية لذاته لمساعدته في التغلب علي مشكلاته النفسية والحياتية, وربما اختارت نرمين همام هذا العنوان لمعرضها المقام حاليا بجاليري التاون هاوس بوسط القاهرة لسبب فسرته في نهاية حديثها للاهرام المسائي بقولها: كل مجتمع يعاني من مشاكله الخاصة, ونحن كأشخاص علينا ان نواجه انفسنا في المرايا لنتعرف علي عيوبنا ونبدأ في اصلاحها مهما كانت عيوبا شائهة او قبيحة ومهما كانت المواجهة قاسية,وكذلك المجتمعات عليها ان تفعل المثل ان كانت تبغي التقدم. هذا المبدأ هو ماتنطلق منه نرمين همام في كثير من معارضها بما فيها معرضها الاحدث الذي ترصد فيه حال النزلاء بمستشفي الامراض النفسية والعصبية بالعباسية, تقول نرمين همام: هؤلاء الناس بحاجة للرعاية والاهتمام لا العزل والقسوة, حال المستشفي يضعهم في معاناة لاتقل عن التي يلاقونها في الشارع لهذا كان مدير المستشفي د. نصر لوزة متفهما لاهمية عملي في لفت النظر الي حاجة المستشفي الماسة للتطوير والتحسين. هذا التفهم لم يستمر حيث طالبت جهة رفضت نرمين همام الافصاح عنها بازالة22 لوحة من المعرض لتعرض فقط55 لوحة من اصل77 اختارتها نرمين للعرض, من بين حصيلة بلغت11 الف صورة جمعتها خلال ثلاثة أشهر قامت فيها بمعايشة نزلاء المستشفي وتصويرهم. بدأت همام العمل علي المعرض قبل عامين وهي قصة روتها قائلة: بدا الامر عندما لفت انتباهي ما يجري بالمستشفي ومايواجهه هؤلاء النزلاء او المصابون بالمشكلات النفسية والعقلية في الشارع من الناس, فكرة العزلة والحصار التي يعانون منها حتي في الشارع جعلتني ارغب في التعرف عليهم وارصد حالهم فخاطبت منظمة الصحة العالمية وانتظرت لعام ونصف العام قبل ان تأتيني الموافقة علي القيام بالتصوير في المستشفي وبعدها قضيت شهرا كاملا غير قادرة علي التقاط اي صور خاصة أن النزلاء انفسهم لم يكونوا قد وافقوا علي عملية التصوير مما كان سيجعل من تصويرهم عملية غير اخلاقية وتفتقر للأمانة,بعد وقتها لهذا قضيت بعض الوقت في التعرف عليهم واعتيادهم الي ان وافقوا علي قيامي بالتصوير خاصة واني ارتبطت بهم انسانيا وهو مايظهر من خلال المعرض فهم( بني آدميين) لا موضوعات تصوير او كتلة بشرية تسبب الخوف والتهديد كما يراهم معظم الناس. هذه النظرة الانسانية تظهر في المعرض من خلال الحالة البائسة التي ظهر عليها المستشفي والمرضي في صور نرمين أو بالاحري لوحاتها حيث تقف اعمالها الفوتوغرافية بسبب من تدخلاتها اللونية علي تلك الحافة الفاصلة بين الفوتوغرافيا والتصوير( الرسم)..بين الاسرة الخشبية المجردة من فراش يمكن الارتكان اليه والكراسي المهترئة التي تحتل بطانتها الارض, الغرف المكدسة والحمامات القليلة, وحالة المرضي انفسهم التي تجعلهم اقرب لبقايا اسهمت عزلة المرض وعزلة الحصار وسوء حال المستشفي في تفاقم سوء احوالهم, خاصة بعد تقطيع اشجار المستشفي فيما تصفه نرمين همام بالمذبحة وقد عاينتها العام الماضي. في عام1928 رسم الفنان البلجيكي رينيه ماجريت لوحة سميت بغدر الصورة TheTreacheryofimages تصور بايب آداة تدخين وكتب تحتها هذا ليس بايب اي انه مجرد صورة لبايب, هذا المجاز الذي تحمله الصورة المرسومة تستطيع الصورة الفوتوغرافية ان تتخفف منه, فما يظهر في معرض نرمين همام ليس مجرد صور لحالات اناس يمرون بالمعاناة, بل هي تجسيد لهذه المعاناة بوسيلة فنية لاتنفي نرمين عدم اعتنائها بها فتقول: لم اهتم بالجانب الفني والجمالي في المعرض قدر اهتمامي بالحالة والقضية نفسها, فهذا المعرض شكل لي تجربة انسانية وخبرة نفسية شديدا الصعوبة مازلت أحاول التخفف منها. الا ان الفنية تظهر بوضوح في تدخلاتها الفنية والحالات التي تعكسها الصور الي جانب تنظيم المعرض الذي علقت فيه الصور مجردة من الاطار علي عوارض خشبية مشدودة بحبال الي الارض تفسرها نرمين همام بقولها: تم وضع اللوحات بحيث تعكس الحالة التي يمر بها ابطالها فهم ايضا معلقون بلا حائط يرتكنون اليه ولا ارض يرتبطون بها, هذه الحالة من التعليق والحصار في آن واحد هو مايعكسه تنسيق اللوحات في المعرض. في منطقة من المعرض تجد نفسك قد دلفت الي حجرة خشبية شديدة الضيق بها ست لوحات تنقلك فورا لاستيعاب حالة الضيق والحصار التي صارت تشارك المرضي المصورين فيها, وتشرح نرمين انها رغبت في وضع المزيد من الحجرات وترتيب المعرض بطريقة تعكس المزيد من الحالات التي يمرون بها الا ان رفع الاثنين وعشرين لوحة قبل العرض وبعد ان مر المعرض بالكثير من المشكلات حتي يتم عرض لوحاته جعلها تلجأ الي تنسيقه بالشكل الذي يستمر عليه حتي الثاني عشر من مايو المقبل. يشار الي ان نرمين همام(1967) حصلت علي شهادة البكالوريوس في الفنون الجميلة من كلية تيش للفنون بجامعة نيويورك عملت مساعدة انتاج في فيلم مالكوم إكس من اخراج سبايك لي كما عملت مع المخرج المعروف يوسف شاهين, وبعدها بوقت قصير قامت بتغيير مجال عملها الفني بالتحول الي التصميم الجرافيكي عادت همام الي القاهرة في1994 لتدرس التصميم الجرافيكي بشكل منتظم قبل ان تكون شركتها الخاصة تحت اسم كوينوكس ديزانزعرضت أعمال همام علي نطاق واسع في مصر والخارج, ومنها مشاركتها في معرض فوتوكي في متحف كيه برانلي في باريس في2009 وفي بينالي اكوادور العاشر في كوينسا في نفس العام.