نشرة منتصف الليل| جلسة عاجلة بالنواب لمناقشة "الإجراءات الجنائية".. ومنصة الوحدات البديلة للإيجار القديم جاهزة    بالرصاص المطاطي.. إصابة فلسطينيين خلال اقتحام الاحتلال بلدة غرب جنين    رسالة التوأم حسن لدعم محمد صلاح قبل حفل الكرة الذهبية    وزير الشؤون القانونية: إعادة الإجراءات الجنائية للبرلمان فرصة ذهبية لإعداد صياغة أكثر توافقًا وفاعلية    يومان عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية    النيابة الإدارية تُشرف على انتخابات نادي الزهور ب «التصويت الإلكتروني»    اليوم.. آخر فرصة لزيارة معرض «أهلاً مدارس» بمدينة نصر    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الاثنين 22 سبتمبر 2025    سعر التفاح والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 22 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 22_9_2025 بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    رئيس شعبة الورق: ارتفاع أسعار الكتب رغم تراجع التكلفة "استغلال غير مبرر"    استجابة لاستغاثة "فيسبوك".. محافظ المنوفية يأمر بإيواء ورعاية "مشرد" (صور)    خبير يكشف توقعات حركة الذهب خلال الأسبوع الأول بعد خفض الفائدة    وزير الشؤون النيابية: انعقاد منقوص لمجلس النواب قبل أكتوبر لمناقشة اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا بفلسطين تحول كبير بالموقف الأوروبي    أبو الغيط يشيد بمواقف جوتيريش خلال مباحثات حول غزة وفلسطين    مقتل شخصين وإصابة 15 آخرين إثر هجوم أوكراني على شبه جزيرة القرم    عبد العاطي يشيد بدور برنامج الأغذية العالمي في غزة    ترامب وماسك يجتمعان مجددًا.. هل تصالح الرئيس الأمريكي مع أغنى رجل في العالم؟    محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية ليس أول مشروع يعيده الرئيس للبرلمان    برشلونة يكتسح خيتافي بثلاثية ويعزز وصافته في الليجا    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي الأهلي والزمالك في الجولة الثامنة بالدوري    محمد يوسف عن عرض الاتحاد السكندري: «لدي ملفات مهمة في الأهلي»    جائزة الكرة الذهبية 2025.. صراع مشتعل بين صلاح وديمبيلي ويامال    حكام مباراة الأهلي وحرس الحدود في الدوري المصري    هشام نصر: الزمالك مستعد للذهاب للرئيس السيسي بخصوص أرض أكتوبر    عبد الله السعيد عن العودة من الاعتزال الدولي: أنا تحت أمر منتخب مصر    اندلاع حريق بورشة نجارة شرق الإسكندرية وإصابة 5 أشخاص    علاقة محرمة تنتهي باختطاف وجريمة قتل داخل مزرعة بالبحيرة    مصرع شاب وإصابة 3 في انقلاب سيارة بالدقهلية    بداية الخريف.. الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس اليوم الإثنين 22 سبتمبر    رمضان صبحي في تحقيقات قضية التزوير: محمد الشناوي عرفني على الوسيط كوكيل لاعبين    من حقك تعرف.. ما إجراءات إقامة دعوى استرداد مصروفات دراسية؟    مصرع فتاة سقطت من الطابق السابع أثناء نشر الغسيل فى المنيا    15 صورة لنجوم الفن في حفل زفاف مخرج فهد البطل    توصيات لجنة «سرقة الإسورة»: تفتيش المرممين ومنع حقائبهم (تفاصيل)    «جلطة في الذراع».. إصابة مسلم بأزمة صحية جديدة    موقف يضطرك للدفاع عن نفسك.. حظ برج القوس اليوم 22 سبتمبر    د.حماد عبدالله يكتب: مصر أم الدنيا !! {2}    موعد صلاة الفجر ليوم الإثنين .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    الزبادي منخفض الدسم قنبلة سعرات حرارية.. 7 أطعمة تخدعك في رحلة «الدايت»    ليس له علاج وقد يتحول لورم خبيث.. أعراض ومضاعفات «متلازمة الرجل الشجرة»    محافظ المنيا: تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل نقلة نوعية للخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    نيكول سابا جريئة وروجينا أنيقة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    بمشاركة أمينة خليل وتامر عاشور.. 15 صورة من حفل الموريكس دور 2025    وزير العمل: نخوض معركة حقيقية ضد شركات إلحاق العمالة الوهمية    أمين "البحوث الإسلامية": الانتساب للرسول فخر ومسؤولية    ترامب يؤكد: أمريكا ستساعد في الدفاع عن بولندا ودول البلطيق في مواجهة روسيا    بينهم 6 أطفال.. إصابة أسرة في تصادم على زراعي البحيرة    الإسكان ل"ستوديو إكسترا": سيتم حصر كل التوكيلات الصادرة لوحدات وأراض    وزارة الصحة توجة تحذيرا هاما حول إصابات الأنفلونزا وطرق الوقاية.. التفاصيل    وزير الخارجية يلتقى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا    جمال يوسف ل "سيرا إبراهيم": خانتني صحتي وكانت أصعب محطات حياتي    بيان عاجل من وزارة الصحة بشأن شكاوى أسرة مريضة بمستشفى أم المصريين    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هارفارد وقاع النيل

تأثرت تأثرا بالغا بمقال رائع للكاتب محمد المنشاوي في جريدة الشروق يقص فيه حكاية داون لوجنز‏,‏ وهي تلميذة بمدرسة حكومية أمريكية في بلدة لوندال بولاية كارولينا الشمالية لم تبلغ‏18‏ عاما بعد‏.
وجدت نفسها مشردة في الشارع‏,‏ بعد أن أدمن والداها العاطلان المخدرات ولم يسددا إيجار السكن فطردت الأسرة بالكامل من مسكنها البائس وغادر والداها الولاية وانقطعت صلتهما بابنتهما‏.‏ قضت التلميذة الصغيرة أياما وأسابيع هائمة في الشوارع‏,‏ تنام في الحدائق والجراجات‏.‏ علمت إدارة المدرسة ما جد في حياة الطفلة البائسة‏,‏ فلم يرض المسئولون أن تصبح إحدي تلميذاتهم مشردة لأسباب ليس لها يد فيها‏,‏ وتناوب المدرسون والموظفون وسائقو حافلات المدرسة استضافة التلميذة الصغيرة في بيوتهم‏,‏ ومنحتها المدرسة عملا عاملة نظافة في مدرستها لتكسب بعض المال‏,‏ فكانت تستيقظ يوميا قبل مطلع الفجر لتغسل الطرقات والسلالم وتنظف فصول المدرسة من الساعة الخامسة حتي الثامنة صباحا‏,‏ وتحضر بعد ذلك حصصها حتي الثانية عصرا‏,‏ ثم تقوم بتنظيف حديقة المدرسة قبل أن تبدأ مذاكرة دروسها في المساء‏.‏ لم تكن الفتاة الأشطر أكاديميا‏,‏ كانت تحصل علي درجاتها فوق المتوسط بقليل‏,‏ ولكنها كانت متفوقة في مواد العلوم‏,‏ فتمت دعوتها لحضور برنامج للطلبة المتفوقين من الولاية في مواد العلوم أقيم في الصيف الماضي في مدينة تبعد كثيرا عن مدينتها التي تقيم بها‏,‏ فقام المدرسون بمساعدتها بتوصيلها وشراء ما تحتاج إليه من مستلزمات دراسة وملابس‏.‏ كانت غاية طموح الفتاة الصغيرة أن تنال فرصة لدخول الجامعة لتتجنب مصير والديها‏,‏ وحين أوشكت علي الانتهاء من تعليمها الثانوي‏,‏ تقدمت لأربع جامعات حكومية في ولايتها‏,‏ كما تقدمت إلي جامعة هارفارد حلم الأحلام لكل من يتطلع إلي مستقبل زاهر‏.‏ وكان ذلك مثيرا حيث لم تعهد مدرستها أن يتجرأ أحد تلاميذها للتقدم للقبول بإحدي الجامعات الأمريكية الكبري‏.‏ كتب مدرس التاريخ خطاب توصية لجامعة هارفارد شاملا تفاصيل قصتها‏,‏ فأشار إلي معاناتها الشخصية‏,‏ وكيف عرفت الفقر والجوع كما عرفت النوم في الشوارع‏,‏ ولكنها مصممة علي النجاح ومؤمنة بأنها تستحق فرصة في حياة كريمة‏.‏ وردت الجامعات الأربع الحكومية بقبول الفتاة‏,‏ وبينما هي تفاضل بينها تلقت ذات يوم بعد انتهاء عملها في تنظيف حديقة المدرسة‏,‏ خطابا من جامعة هارفارد جاء فيه نحن نفتخر أن نخبرك بأن لجنة القبول بجامعة هارفارد قد قررت قبولك للدراسة في الدفعة التي ستتخرج عام‏2016,‏ ونحن نرسل هذا الخطاب فقط لمن نراه مميزا من الطلاب المتقدمين‏.‏ شملت منحه الجامعة جميع مصاريف الدراسة والسكن والطعام‏,‏ اضافة لتوفير عمل لها داخل الجامعة‏.‏ احتفل أهالي البلدة بقبول ابنتهم في هارفارد‏,‏ وعرف الإعلام الأمريكي بقصتها فانهالت البرقيات المهنئة لها من كل أرجاء العالم‏,‏ وعرض الكثيرون تقديم مساعدة مالية لها‏,‏ إلا أن طفلة الشوارع رفضت الدعم المادي مؤكدة أن حصولها علي المنحة الجامعية‏,‏ وتوفير عمل لها هي كل ما تحتاج إليه الآن وللسنوات الأربع القادمة‏,‏ وإنها تحلم بعد أن تنتهي دراستها‏,‏ بأن تؤسس منظمة أهلية ترعي الأطفال والتلاميذ المشردين من أولاد الشوارع وتمنحهم فرصا مساوية لفرص أقرانهم من أطفال الشقق والبيوت‏.‏
هذه هي حكاية داون لوجنز وجوانبها الانسانية المؤثرة كما جاءت في المقال المعنون أطفال الشوارع يدخلون جامعة هارفارد‏.‏ دعني أحكي لك حكاية مختلفة نوعا ما‏,‏ بطلها عبد الحميد شتا‏,‏ شاب مصري يتميز بالطيبة والنبوغ الدراسي‏,‏ تخرج متفوقا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‏,‏ وقام بالعديد من الأبحاث بعضها نال المركز الأول في المسابقات الجامعية‏,‏ وشارك في المؤتمرات العلمية بالكلية‏,‏ يكتب في مجلة السياسة الدولية ومجلة الكلية‏,‏ حصل علي تقدير أساتذته‏,‏ وأوشك علي الانتهاء من رسالة الماجستير‏,‏ تقدم للحصول علي وظيفة ملحق تجاري بالسلك الدبلوماسي‏,‏ اجتاز كل الاختبارات بنجاح‏(‏ الشفوي والتحريري والهيئة‏),‏ وكان ترتيبه المبدئي الأول علي‏43‏ شابا وصلوا إلي التصفيات النهائية‏.‏ المفارقة أن ال‏42‏ الذين نجحوا معه في الاختبارات كانوا جميعا ضمن برنامج دراسي في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‏,‏ وكان شتا مكلفا من قبل وكيل الكلية بالاشراف علي الطلبة‏,‏ أي أنه كان يدرس لهؤلاء الذين ينافسونه علي الوظيفة‏.‏ كان عدد المقبولين لوظيفة الملحق التجاري‏42.‏ الوحيد الذي لم يقبل هو عبد الحميد شتا لأنه طبقا لتأشيرة معالي الوزير سليل الباشوات غير لائق اجتماعيا‏,‏ فكيف يقبل وأبوه فلاح مصري بسيط من قري إحدي محافظات مصر الفقيرة‏.‏
الرواية الحزينة تقول ان شتا أجري مكالمة لزوجة أخيه أوصي خلالها الأسرة علي شقيقه الأصغر ثم أغلق هاتفه المحمول‏,‏ واتجه إلي كوبري أكتوبر العابر للنيل وظهرت جثته في اليوم التالي عند القناطر الخيرية‏.‏
أبناء المصريين البسطاء غير لائقين اجتماعيا‏,‏ مكانهم قاع النيل بينما يعيش الأغنياء في قصورهم الفارغة علي ضفاف النيل‏.‏ أقارن بين القصتين‏,‏ بلاد تعطي الفرصة للمكافحين من أبنائها‏,‏ تنتشل العقول النابهة من وسط الركام‏,‏ تنظفها وتصقلها بالعلم والمعرفة‏,‏ وتشيع في قلوبها الدفء بالحب والرعاية‏,‏ وتعطيها الفرصة في القيادة‏,‏ يأتيها شاب أسود‏,‏ أبوه من مجاهل افريقيا‏,‏ أصوله إسلامية‏,‏ ليتولي رئاسة بلاد تؤمن بتمكين الكفء‏.‏ وفي الناحية الأخري نري بلادا نظامها يقصي الكفء‏,‏ ويلقي بأجمل شبابها وعقولها في قاع النيل‏,‏ أبعد كل ذلك نتساءل لماذا نحن متخلفون؟
الظلم والقهر أحرق بوعزيزي في تونس‏,‏ وأغرق شتا في مصر‏,‏ أبعد كل ذلك نتساءل لماذا قامت الثورة؟‏!‏ وهل نعتبر؟
جامعة الإسكندرية


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.