خاض الشعب المصري الاسبوع الماضي أول انتخابات حقيقية لاختيار رئيس للجمهورية, ومارس المصريون حقهم في تحديد هوية رئيس البلاد مدركين أن المبادرة في ايديهم لاحداث أي تغيير منشود, واستبانت لهم قيمة أصواتهم التي يتسابق المرشحون لكسبها ونيل شرف خدمتهم كبشر أولي بالرعاية لطالما تم تهميشهم والتصرف نيابة عنهم دون تفويض, ويطيب لي تسجيل الخواطر والتأملات التالية بخصوص انتخابات الرئاسة ونتائجها: 1 هذه الانتخابات غير المسبوقة قد اتسمت في مجملها بقدر كبير من العدالة والحرية والشفافية, ولا أقول بصفة تامة فقد شابتها بعض الممارسات السلبية التي تؤثر جوهريا علي النتائج العامة, ويرجع ذلك لتطبيق مبدأ انه ليس كافيا ان تكون الانتخابات عادلة, بل يلزم أن يري الناس هذه العدالة وهي تتحقق من خلال رقابة شعبية وإعلامية وحزبية ومنظمات حقوقية محلية ودولية. 2 جاءت نتائج الانتخابات في جولتها الأولي صادمة لجموع المصريين, وأصبح الناخب أمام خيارين أوقعاه في حيرة وقلق كالمستجير من النار بالرمضاء, ولسان حال الناخب غير المسيس أو الموجه ايديولوجيا يقول نحن أمام مسار يميل للتشبث بالماضي وعلاقته بنظام بائد ومسار آخر يتعلق بمستقبل يستعصي علي التحقق نتيجة فقدان الثقة في تيار الاسلام السياسي. 3 انخفاض نسبة المشاركة في التصويت طبقا للبيان الرسمي للجنة العليا للرئاسة والتي بلغت46% وهي نسبة غير متوقعة نتيجة كبر عدد الناخبين في اللجان ومشقة السفر وحالة البلبلة والزن الاعلامي علي عقول الناخبين وكذلك ضعف وعي الناخبين الذي أسفر عن عدد كبير من الأصوات الباطلة بلغ406 آلاف صوت. 4 كان للإعلام دور حاضر ايجابا وسلبا في الجولة الأولي, ويحسب له تبصيز الناخبين بالمرشحين وبرامجهم, ولكن شاب ذلك كثير من السلبيات تمثلت في توجيه الناخبين والتأثير علي ارادتهم والاستقطاب السياسي وسماح الفضائيات لأن تكون ساحة للدعاية الدينية وكذلك خرق فترة الصمت الانتخابي من قبل بعض القنوات بالاضافة إلي غياب الحيدة وتحيز بعض الاعلاميين كما جاء في تقرير لجنة متابعة وتقويم الدعاية الإعلامية والإعلانية للانتخابات( تامر أمين وتوفيق عكاشة وابراهيم عيسي). 5 يمكن رصد عدة أنماط متباينة للناخبين من حيث دوافعهم واتجاهاتهم, فهناك الناخب الحزبي والناخب العقائدي ونمط الناخب العقابي الذي يصوت لمرشح ليس حبا فيه وانما نكاية في آخر, ثم نمط الصوت الاستراتيجي الذي يصوت للمرشح الأوفر نصيبا حتي لا يضيع صوته, وهناك النمط الانتهازي الذي يصوت لمن يغويه سياسيا أو ماديا أو دينيا, وأخيرا هناك النمط العشائري أو القبلي الذي ينقاد لرأي زعيم القبيلة. 6 كشفت نتيجة الانتخابات موقف النخبة التي غرقت في مستنقع التحليلات الاستراتيجية والتوقعات غير الذكية بل كونت صورة ضبابية عملت علي تشتيت فكر المواطنين بتفسيراتهم وخلافاتهم التي فشلت في توقع سيناريو نتيجة الانتخابات في غياب لرؤي واضحة وضمير وطني. 7 أفرزت الانتخابات جيلا جديدا من الشباب الواعي الذي اكتسب خبرات وقدرات سياسية وتنظيمية رائعة في ادارة الحملات الانتخابية وتنظيمها واقناع الناخبين بعد فترات من التهميش والاقصاء مما أوحي للكثيرين بتدني ولائهم لهذا البلد. 8 أثبت الشعب انه الفائز الوحيد من تجربة الانتخابات الرئاسية والدخول الهائل لعالم السياسة وبات الحارس علي مقدراته, وأثبت تفوقا علي المرشحين الذين خلت برامجهم المتشابهة من روح الابداع ووقعوا في اخطاء الدعاية السوداء وفخ التنافس المحموم بدلا من التحالف المضمون وخاصة بين صباحي وأبو الفتوح. 9 وأخيرا لا تفوتنا الاشارة إلي روح الفكاهة الساخرة التي يتحلي بها الشعب المصري وتمثل احدي سماته الثقافية, وامتلأت الصحف والمواقع الاليكترونية بعشرات من التعليقات والنكات ومن ذلك: لو النتيجة اعادة بين مرسي وشفيق كلنا لازم نعمل لايك لآسفين ياريس, و الفل هو كائن أولي طفيلي يتغذي علي برامج التليفزيون المصري وورد أيضا هو مبارك الغبي ده كان بيزيلوه.. ما الشعب اهو زي الفل, مصر هي البلد الوحيد اللي المرشح ينضرب فيه بالجزمة وياخد أصوات ولاد الجزمة اخر النهار ونختم بهذه التحليل المصري السريالي1 شفيق مراته تموت2 شفيق يفوز بالرئاسة3 مبارك يموت4 شفيق يتجوز سوزان5 جمال يورث الحكم برضه, وكل انتخابات وأنتم مصريون دمكم خفيف.