وصفت ياهو ذات يوم بأنها القوة الالكترونية العظمي المتربعة بلا منازع علي عرش الاعلانات في فضاء الانترنت.. ولم لا وقد بلغت قيمة أصولها أكثر من ثمانية عشر مليار دولار.. لكن عرض ياهو الاعلاني علي الشبكة العنكبوتية بدأ يتداعي بشدة علي مايبدو بتعاظم مايوصف بإمبراطورية فيسبوك أضخم موقع للتواصل الاجتماعي الذي بلغ عدد المشاركين الفاعلين فيه حوالي ثمانمائة وخمسة وأربعين مليون شخص لتصل القيمة السوقية المتوقعة لهذا الموقع إلي مائة مليار دولار. إطاحة فيسبوك بياهو من علي عرش الاعلانات الالكترونية كانت خطبا وأي خطب.. وكيف لا وحجم الكعكة الإعلانية في الفضاء الالكتروني قد يصل حجمها إلي أكثر من مليار دولار خلال عامين فقط. الصراع علي هذه الكعكة بين عملاقي الفضاء الالكتروني اتخذ الآن علي مايبدو شكل معركة كسر عظام في مجال براءات الاختراع بينهما والسبب بسيط أو هكذا بدا. فالطرف الذي سيكون بوسعه كسر منافسه تكنولوجيا ستكون له الغلبة إن آجلا أو عاجلا في معركة كعكة الإعلانات. وقد بدأت معركة كسر العظام برفع ياهو لدعوي تتهم فيها فيسبوك بسرقة أكثر من عشر براءات اختراع في مجالات تكنولوجيا الإعلان, والتواصل الاجتماعي, والرسائل الالكترونية مهددة إياها بأنها ستدافع عن حقها بقوة عن براءات اختراعاتها التي يبلغ عددها أكثر من ألف اختراع. وسرعان ماردت فيسبوك الصاع صاعين لياهو إذ رفعت دعوي مضادة متهمة إياها بنفس الاتهام. فقد أعلنت شركة فيسبوك التي تدير أشهر موقع للتواصل الاجتماعي علي الانترنت أنها ردت علي الدعوي القضائية التي أقامتها ضدها شركة خدمات الانترنت الامريكية ياهو بتهمة انتهاك براءات اختراع مملوكة لياهو بدعوي مماثلة تتهم فيها فيسبوك ياهو بانتهاك عشر براءات اختراع مملوكة لها. وكانت ياهو كما ذكرنا قد اتهمت فيسبوك بانتهاك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها بما في ذلك تقنية شخصنة محتويات معلومات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. من ناحيتها علقت ياهو علي الدعوي الجديدة من جانب فيسبوك بالقول إنها بلا أساس ومحاولة لإبعاد النظر عن ضعف دفاع شركة موقع التواصل الاجتماعي ضد اتهامات ياهو. وكانت فيسبوك قد اشترت سبعمائة وخمسين براءة اختراع من شركة الكمبيوتر الامريكية الضخمة آي. بي. إم لتعزيز دفاعها في مواجهة اتهامات ياهو. نوعية الخدمات التساؤل الجوهري الذي قد يطح نفسه الآن هو, كيف ستؤثر هذه المعركة علي نوعية الخدمات التي يقدمها موقعا ياهو و فيسبوك؟ تشي معطيات الواقع بأن هذه النوعية من الصراعات عادة ما تستغرق شهورا, أو ربما سنين عدة وأنها ستنتهي علي الأغلب بتسويات تكنولوجية ترضي الطرفين بدون تأثير كبير علي خدماتهما. لكن هذه التطورات قد يكون لها تأثير سلبي علي أسهم الشركتين خاصة أنها تأتي في الوقت الذي تسعي فيه فيسبوك إلي تنظيم واحد من أكبر اكتتابات الأسهم في التاريخ عما قريب. ولكن ثمة مسألة جوهرية قد تفرض نفسها بقوة في هذا الصدد, بل وقد تغيب عن أذهان الكثيرين جراء قلة ما تكشفه عنها وسائل الإعلام العالمية. وتتعلق هذه المسألة بالتساؤل التالي: هل هناك منفعة مادية ماتعود علي مستخدم شبكة الانترنت من وراء مليارات الدولارات التي تجنيها المواقع الالكترونية الشهيرة مثل ياهو و فيسبوك؟. وبعبارة أخري هل هناك مردود مايعود علي مستخدمي مواقع ياهو و فيسبوك من هذه الحصيلة الإعلانية الجبارة ولو بشكل غير مباشر؟. ثمة دراسة أعدتها مؤسسة ماكينزي آند كومبني العالمية جري فيها وللمرة الأولي علي الاطلاق تقريبا الكشف عن قيمة الخدمات المجانية التي يستفيدها مثلا مستخدمو بريد الياهو و جوجل علي سبيل المثال؟ ويكتسب هذا التساؤل أهمية بالغة إذا عرفنا مثلا أن الأوروبيين يمضون أربعة وعشرين ساعة شهريا أمام شبكة الانترنت. وخلال الفترات الطويلة التي يمضيها الناس في شتي أرجاء العالم علي شبكة الانترنت, فإنهم يعمدون إلي الاستفادة من خدمات مجانية يبدو أنه لاحصر لها مثل البريد الالكتروني وخدمات الماسنجر والتراسل الفوري والالعاب والموسيقي.