ماجري مساء أمس الأول من مواجهات دامية سقط خلالها ضحايا ومصابون بالمئات في صفوف الشرطة العسكرية والأمن المركزي والمتظاهرين الأقباط يثير تساؤلا مهما, والاجابة عليه قد تفيد في تحديد الجهة المسئولة عن تنفيذه.. السؤال هو من المستفيد من الفتنة؟! يقول الدكتور حسن نافعة ان هناك شبكة كبيرة من المصالح في الداخل والخارج تريد أن تستمر الفوضي في مصر والاضطرابات في الحياة السياسية. ففي الداخل هناك شبكة من المصالح المرتبطة بالنظام السابق الممثلة في رجال الأعمال الذين ارتبطت مصالحهم بالحزب الوطني, وهناك أيضا الأجهزة الأمنية التي كانت تقتات علي الفساد, وعلي ملف التوريث وهم الذين يسعون الآن إلي الانتقام ممن خلعوهم من مناصبهم, وهناك أيضا أعضاء الحزب الوطني الذين عز عليهم أن تشهد مصر عصرا جديدا واعدا بكل خير. وعلي المستوي الخارجي, هناك إسرائيل التي لا تريد لمصر أي تحول ديمقراطي وتسعي بكل الطرق إلي الحيلولة دون إدراك مصر ذلك الهدف وذلك التحول, وما يؤكد ذلك تصريحات رئيس الموساد الاسرائيلي عندما قال أن بلاده قامت بزرع شبكة هائلة من العملاء في مصر لتعميق التناقضات الداخلية بين القوي السياسية المختلفة, وزرع الفتنة بين المسلمين والأقباط, وهذا يعني أن إسرائيل أول المستفيدين من أحداث ماسبيرو. وعلي المستوي الاقليمي, هناك بعض الدول تريد أن تثبت لشعوب المنطقة, خاصة الخليجية منها, أن الثورات لن تنجح وأن المنطقة ستشهد فوضي إذا استمرت هذه الثورات, ومن أجل أن تثبت لشعوب المنطقة ذلك, فقد أخذت تدفع الأموال هنا وهناك لإثارة الاحتقان وتعميق الانقسام. وهؤلاء هم المستفيدون من أحداث ماسبيرو. ويقول الدكتور عبد الحليم قنديل رئيس تحرير صحيفة صوت الأمة: لا أحد في مصر يستفيد من هذا المشهد الدموي العنيف وهذا اليوم حزين علي هذا البلد, ولابد من أن نلاحظ تكرار هذه الأيام علي مصر في الفترة الأخيرة, ومن الملاحظ أيضا أن الكثيرين يكتفون بكلام عن وحدة المسلمين والأقباط وأننا شعب واحد وكلام من هذا القبيل. ان هذا البلد ينزح صديدا لم يكن يشعر به تحت وطأة الغيبوبة وهناك احتقان اجتماعي شديد أصله مثلث الفقر والبطالة والعنوسة يجد طريقه مثلي للتصريف في الفتن الطائفية, تبدأ من بيئات معروفة في الصعيد أو أحياء معينة ثم تجد من يستغلها, ولو اكتفينا مثل كل مرة بمثل: عفا الله عما سلف وخلافه أعتقد أننا نؤهل أنفسنا لاستقبال أحداث أكثر دموية. وأوضح قنديل أن هناك سؤالا حاسما: هل توجد مشكلة كنائس في مصر من الأصل؟ وفقا للإحصائيات لا توجد مشكلة وأيضا لا توجد مشكلة لدي المسلمين في وجود أماكن صلاة للمسيحيين, والمستفيد من كل ذلك التيارات السياسية التي لا هم لها إلا إثارة أجواء الاحتقان التي تتعمد إغفال أصل المشكلة وجوهرها اجتماعي وشعور كبير بعدم وجود عدالة كاملة في هذا البلد, وهناك نوع من افتقاد الثقة السياسية في السلطة القائمة, وهذا يضاعف الاضطرابات. وبسبب غياب قانون بناء دور العبادة, يستطيع أي شخص أن يدعي أي شيء, فالقانون يتيح للسلطات اتخاذ ما تراه, وفي غيابه تصبح المسألة فوضي. ومن جانبه, يري الدكتور والمؤرخ فيصل الخيري أن هناك جهات عديدة مستفيدة من أحداث ماسبيرو, أولها فلول النظام السابق الذين هددوا بالأمس القريب باحتلال الصعيد وبدأوا بنفذون وعيدهم هذا, وهم يعتمدون في ذلك علي سلاحين: الأول سلاح العصبية القبلية, والثاني سلاح العصبية الطائفية. وتأتي اسرائيل في المرتبة الثانية, ولعلنا نتذكر ما توارد من أنباء خلال العام الماضي عن أن مدير المخابرات الاسرائيلية طالما تباهي بانجازات جهازه في بث الفرقة والشقاق بين المسلمين والأقباط في مصر, وبالتالي فهم مستفيدون. كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية مستفيدة مما حدث لأنها متخوفة من التحول الديمقراطي في مصر, ولا ينبغي أن نغفل في هذا الصدد عن مقولة كولن باول وغيره عشية غزو العراق عندما قال أن غزو العراق تكتيكي, وغزو السعودية استراتيجي وغزو مصر هو الجائزة الكبري. ويقول الخبير العسكري قدري سعيد أنه إذا أردنا معرفة من المستفيد فعلينا أن نحدد من المتضرر من تلك الأحداث, ومن الوهلة الأولي سنجد أن حكومة الدكتور عصام شرف والمجلس العسكري والإسلاميين هم المتضررون منها وبالتالي فان المستفيدين هم المناوئون لهم, وهم قيادات النظام السابق و أعضاء الحزب الوطني, وأجهزة الأمن السابقة الممثلة في أمن الدولة الذين يسعون إلي تشويه انجازات الثورة.. وأضاف أن إسرائيل أيضا مستفيدة من تلك الأحداث لأنها ستضعف مصر في تلك الفترة الحرجة وتؤدي إلي المزيد من عدم الاستقرار, ويستبعد أن يكون للولايات المتحدةالأمريكية أو الغرب عموما أي مصلحة من وراء تلك الأحداث, علي الرغم من سقوط النظام الذي كان مواليا لهم. ويقول السفير عبد الرؤوف الريدي أنه بالتأكيد توجد جهات مستفيدة مما حدث في مصر من أحداث مؤسفة, فكلما نعتقد أن الأوضاع قد هدأت نجد من يشعل فتيل أزمة جديدة, وأنه يعتقد في وجود أياد تسعي لإحداث اضطرابات في البلاد, دون أن يحدد ماإذا كانت أيادي داخلية أم خارجية, أم كلاهما معا.