إذا سئمت حرارة الصيف.. انتظر قليلا: الخريف يبدأ 20 سبتمبر    نشرة التوك شو| إقبال كبير على "دولة التلاوة".. والأرصاد تكشف توقعاتها لحالة طقس الفترة المقبلة    محافظ الدقهلية يوقف تاكسي شهرًا لمخالفة العداد ومطالبة راكب بزيادة    سموتريتش: سنواصل تعزيز الاستيطان في جميع أراضينا.. ولن نقيم دولة عربية إرهابية على أرض إسرائيل    ترامب يستعد للقيام بأول زيارة إلى إسرائيل منذ 8 أعوام    المكتب الإعلامي في غزة: 96% من سكان القطاع بلا مأوى وسط تفاقم الكارثة الإنسانية    اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء إلى 6 قتلى و86 جريحًا    "ثلاثي هجومي".. تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة غزل المحلة بالدوري    وليد خليل: غزل المحلة يسير بخطى ثابتة ونثق في قدرات لاعبينا أمام الأهلي    إثيوبيا تفتح بوابات سد النهضة.. و"شراقي": البحيرة امتلأت والتخزين فى بحيرة ناصر مُطمئن- صور    عاجل أول بيان رسمي حول حادث وزير الكهرباء    «مائدة الموت».. كيف حصدت الغيرة القاتلة 7 أرواح من أسرة واحدة في دلجا؟    محمود سعد عن أنغام: لم تُجري 3 عمليات جراحية وتحسنت حالتها الصحية    من "ألسن" للسوشي.. مريم تغزو الشرقية ب"لفائف الأحلام" (صور)    إعلام سوري: أصوات انفجارات بالتزامن مع اشتباكات عنيفة في العاصمة دمشق    مزاد علني لبيع سيارات وبضائع متنوعة خاصة بجمارك مطار القاهرة    سعر البطيخ والموز والمانجو والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025    بثنائية فلاهوفيتش وديفيد.. يوفنتوس يبدأ الموسم بثنائية ضد بارما    «مستشهدًا ب الخطيب».. نجم الإسماعيلي السابق يطالب بحل مجلس نصر أبو الحسن    جيرو يمنح ليل فوزا قاتلا على موناكو    أسامة عرابي: فتوح قصر في حق نفسه.. وتعجبت من رحيل هذا اللاعب عن الأهلي    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاثنين 25 أغسطس 2025    انتهاء سماع أقوال طبيب واقعة مستشفى سيد جلال.. و«الأطباء»: لن يتنازل عن البلاغ    «من حقك تعرف» ما الحالات التى تسقط الحضانة عن الأم وفقا لقانون الأحوال الشخصية؟    موكب وزير الكهرباء يتعرض لحادث سير على طريق القاهرة – الإسكندرية    نقابة الصحفيين: نتابع واقعة القبض على الصحفي إسلام الراجحي    فضل شاكر يستعد لطرح ألبومين من إنتاج شركة سعودية    بعض الكلمات الجارحة قد تأتي تجاهك.. حظك اليوم برج الدلو 25 أغسطس    «زى النهارده».. وفاة الأديب محمود تيمور 25 أغسطس 1973    «زي النهارده».. بداية الحرب الصليبية السابعة 25 أغسطس 1248    الجرام يسجل أقل من 4000 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 بالصاغة    الريحان والنعناع.. طرق طبيعية للتخلص من الناموس ولدغاته المزعجة    يفسد المظهر ويؤثر على تدفق المياه.. 3 مكونات لتنظيف الحنفيات من الجير والرواسب    محافظ بني سويف يستقبل السكرتير المساعد الجديد ويؤكد: المرحلة القادمة تتطلب تكثيف العمل الميداني    باريس تستدعي السفير الأمريكي لدى فرنسا.. وصحيفة: يسير على خطى نتنياهو    أسرة "يسى" ضحية حادث الغرق بالإسكندرية تروى تفاصيل موجعة.. فيديو وصور    نجاة وزير الكهرباء بعد حادث مروري أثناء توجهه لمدينة العلمين    وكيل الصحة ببني سويف يتفقد وحدة الإسكان الاجتماعي الصحية بمنطقة ال 77 فدانًا شرق النيل    خالد جاد الله: كل الفرق ستدافع أمام الأهلي باستثناء الزمالك وبيراميدز    جامعة قناة السويس تبحث الخطط الدراسية واستعدادات انطلاق العام الجامعي الجديد    السياحة والآثار تحسم الجدل حول أول يوم لدخول الجماهير المتحف المصري الكبير عقب الافتتاح الرسمي    تفاصيل الحادث المروري الذي تعرض له وزير الكهرباء ومرافقوه    استشهاد المعتقل محرم فؤاد .."منصات حقوقية تدين استمرار نزيف الأرواح بسجون السيسى    فلسطين.. مستعمرون يهاجمون قرية سوسيا في مسافر يطا    ريال مدريد يكتسح أوفييدو بثلاثية في الليجا    وزير الاتصالات يشهد فعاليات إطلاق منظومة مصرية بالكامل للكشف المبكر عن سرطان الثدى باستخدام الذكاء الاصطناعى بمستشفى بهية فى الشيخ زايد    النيابة تطلب التقرير الطبي لجثة سيدة قتلها زوجها في المرج    حدث بالفن | وفاة ممثل والتطورات الصحية ل أنغام وأزمة شيرين وياسر قنطوش    حفل هيفاء وهبي في بيروت.. نجاح جماهيري وإبهار استثنائي    أخبار × 24 ساعة.. وزارة التعليم: تسليم الكتب للطلاب دون قيود أو شروط    وصول طائرة تقل 146 عسكريا روسيا محررين من أسر أوكرانيا إلى مطار قرب موسكو    تعليم القاهرة تفتح باب التحويلات المدرسية مرة أخرى لمدة أسبوع    وكيل وزارة الأوقاف: المولد النبوي فرصة للاقتداء بأخلاق وتعاليم النبي    هل يجوز نقل الموتى من مدفن لاخر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يحرم استخدام ملابس المتوفى أو الاحتفاظ بها للذكرى؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)    دراسة: ارتفاع استهلاك الملح يسبب التهاب الدماغ ويزيد ضغط الدم    أفضل أدعية تعجيل الزواج.. تعرف عليها    هل يحق للمطلقة رجعيًا الميراث من زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصث قصيرة : صباح جديد للحرية

الطريق طويل والمسافات بعيدة‏..‏ والقطار يمضي مسرعا يمزق أحشاء الشريط الحديدي متجها إلي القاهرة‏..‏ أصوات كثيرة متداخلة‏..‏
أعداد الركاب تتزايد أمام كل محطة يقف عندها القطار منذ اللحظة الاولي التي تحرك فيها من مدينة فاقوس‏..‏ أغاريد وأناشيد وهتافات كأنما تحول القطار بكل عرباته الي ميدان آخر للتحرير‏..‏ حاول عم حامد جاهدا ان يتفحص اكبر عدد من الواقفين امامه وخلفه وفي كل اتجاهات عربة القطار الذي يجلس فيها‏.‏
جاء يوم الحساب‏..........‏
قالها عم حامد في نفسه بينما يترقب كل همسة وكل حركة وكل ضحكة ويري كل دمعة‏..‏ عالم ثوري يحيط به من كل مكان‏..‏ وأنشودة واحدة تلتف حولها الحناجر‏..‏ رجال ونساء شباب وفتيات وأطفال‏.‏
بلادي بلادي‏..‏ لك حبي وفؤادي‏..‏ كانت الدمعات الساخنة تنساب رقراقة علي خدي عم حامد الذي أغمض عينيه للحظات رأي فيها مشاهد كثيرة‏..‏ رأي مشهد احتضار زوجته التي عانت لسنوات من مرض السرطان‏..‏ ورأي مشهد ابنته الكبري وأطفالها بعدما انفصل عنها زوجها الذي لم يستطع ان يلبي احتياجات اسرته ورأي مشهد ابنةالذي تخرج منذ سنوات بعيدة دون ان يستطيع الالتحاق بوظيفة حكومية كما رأي مشهد ابنته الصغري المتمردة علي كل شيء تراه ناعية حظها الذي اوجدها في زمن بغيض قاتل لكل شيء جميل حتي اصابها الهزال البادي علي كل جزء من اجزاء جسدها المتأهب لاستقبال الحياة بفرض ما ينبغي ان يكون عليه هذا الجسد‏..‏ لكن واقع الحال ينبيء من وجهة نظرها عن ان هناك قنبلة موقوتة لا شك أنها ذات يوم ستنفجر‏..‏ وقد كانت ثورة‏52‏ يناير بمثابة هذه القنبلة التي انفجرت فأزالت رؤوسا كان من رابع المستحيلات الاطاحة بها‏.‏
الشعب يريد اسقاط النظام
هتاف يبدو كما لو كان كأغاريد ترتقي دوما الي عنان السماء لتتلاقي مع شمس النهار ثم تعود لتعانق قمر الليل‏..‏ تنهد عم حامد مبتهجا بما يحدث وخالطه يقين قد ملأ عليه سويداء قلبه فآمن بان هذا النظام لابد ان يسقط‏..‏ ذلك الايمان الذي جعله يقطع عمل يومه كصاحب كشك شاي بجوار مقر الحزب الوطني بمدينة فاقوس‏..‏ تركزت نظراته بين الحين والاخر علي شاشة التلفاز بداخل محل السيد الحلاق الذي يفصل بين كشك عم حامد ومقر الحزب الوطني فانصب جل اهتمامه بما يدور من حوله لما رأي مئات الالاف في أماكن متفرقة وفي توقيت واحد انشودتهم واحدة وأغنيتهم واحدة‏(‏ الشعب يريد اسقاط النظام‏).‏
كان قد اتخذ قراره الأخير بأن يكون شريكا في اسقاط نظام جعله كطائر وضعوه فوق مقلاة زيت مشتعلة فلا هو قد وافته المنية فاستراح‏,‏ ولا هو قد ازرته القدرة علي الفرار في أقرب قارب للنجاه من الموت المحقق‏..‏ كان الزحام داخل عربة القطار قد أجبر عم حامد علي ان يحمل دلوه الصاج الممتليء بالأدوات البسيطة التي تكفي لإدارة مقهي صغير وساعده الواقفون ان يضع دلوه علي الحامل الخشبي بأعلي سقف القطار الذي أوشك علي الوصول الي محطة رمسيس‏..‏ بينما قطار عمر عم حامد لم يفارق بعد محطة الحياة‏..‏ فكان ذلك حافزا سيطر علي كل ذرة من ذرات جسده وهام شوقا الي اسقاط النظام‏,‏ ومما ضاعف من ايمانه بضرورة هذا السقوط ذلك الخلاف الشديد الذي نشب بين الاستاذ لطيف الموظف بمقر الحزب الوطني وبين السيد الحلاق عندما قذفه الحلاق بحجر جعل الدماء تتناثر هنا وهناك وأقسم الحلاق حينها بأن يشعل النيران في تلك اللافته البغيضة البالية المعلقة في اعلي مبني مقر الحزب بل وسيشعل النيران في مبني المقر ذاته ان لم يقم الاستاذ لطيف بنفسه بإزالة تلك اللافتة‏..‏ وكان هذا القسم بمثابة الجرح الذي أدمي قلب الاستاذ لطيف الذي لم يعد لطيفا حين حاول جاهدا ان يقبض بيديه علي رقبة السيد الحلاق الذي ما ان افلت من قبضته حتي قذفه بحجر أصاب رأسه‏..........‏
كان ركاب القطار الذي يقل عم حامد قد وصلوا الي ميدان التحرير وأعقب القطار قطارات أخري وميدان التحرير الذي بدأ أمامه كبقعة طاهرة تضم حجاج بيت الله‏...‏ الالاف التي افرغتها بطون عشرات القطارات ومئات السيارات في شكل صفوف وحلقات تعلوها اعلام ورايات‏..‏ لافتات صغيرة وكبيرة‏..‏ هتافات واناشيد ادخلت السرور علي قلب عم حامد الذي اتخذ موقعه في احد جوانب الميدان يوزع علي الثائرين اكوابا من الشاي تلتها اكواب اخري‏..‏ وفي لحظة واحدة خالط فيها عم حامد شعور جامح‏..‏ شعور لم يعرف له مثيلا‏..‏ شعور بأن شيئا ماسيحدث قريبا‏..‏ وأن هذا الشيء بلا أدني ريب لابد ان يحدث‏..‏ والذي لابد له ان يحدث ان هذا الشعب سيسقط هذا النظام‏..‏ راح يدعم الشعب بصوته المبحوح‏.‏
الشعب يريد اسقاط النظام‏..‏ كان عم حامد قد اتخذ قرارا اخر رغم تعرضه للخطر المحقق‏..‏ فإن افلت من شرك الزحام فلم ولن يفلت من شرك الرصاصات التي تتقاذف بكل قسوة الي صدور وقلوب وعيون ورءوس وأذرع وأرجل الثوار الذين علا هتافهم وزاد اصرارهم علي اسقاط النظام‏..‏ اخترق عم حامد الصفوف‏..‏ كل الصفوف حتي وقف حائلا بين الرصاصات وقلوب الثائرين‏..‏ تقدم الي الصفوف الاولي وقد اخذ التعب والاجهاد منه كل مأخذ‏..‏ وكانت خيوط العرق بادية علي وجهه الصغير‏..‏ كانت الطلقات تصرخ في وجوه الثائرين وكانت الصرخات الناعمة الهادئة تصدر عن عم حامد حين اخترقت جسده طلقات بغيضة فانهمرت الدماء التي صنعت حول جسد عم حامد خارطة جديدة للوطن‏..‏ كانت الابتسامة لاتزال ترتسم علي شفتيه حين طلب من الواقفين حوله ان يكتبوا علي ارض ميدان التحرير وبكل قطرة من قطرات دمائه صباحا جديدا للحرية‏.‏
محمد الحديدي الشرقية


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.