فى أسوان..وحتى وقت قريب لم تكن هناك محال شهيرة لبيع الحلوى الشرقية باستثناء الفنادق فقط، حيث كان اعتماد أهل أسوان على صنعة يديهم داخل المنازل من كنافة وقطائف فى رمضان، لذا فقد انتشرت وقتها شوادر بيع الكنافة البلدى التى يستعد لها وارثو هذه المهنة الرمضانية قبل حلول الشهر الكريم بأسابيع، وذلك بإقامة فرن الكنافة الشهير فى المناطق الحيوية والشعبية. ومع تغير الزمان ودوران عجلة السنين اندثرت المهنة واتجه الأسوانيون إلى الحلوى الرمضانية الجاهزة، إلا قليل منهم لايزال يتمسك بالعادات والتقاليد الموروثة، ورغم انقراض أفران الكنافة البلدى إلا أن أولاد وأحفاد «المدهش» لا يزالون يواظبون على مواصلة مشوار الجد الذى كان واحدا من ظرفاء أسوان، حيث تأثر بمجاورة أشهر سينما صيفى وابتدع فكرة لطيفة يجذب من خلالها الزبائن بإطلاق الإفيهات الفنية على الكنافة والقطايف وبلح الشام والبسبوسة تحت عنوان كبير يتصدر لافتاته وهو « افلام عطية المدهش تقدم«. وتقول فاطمة إنها متمسكة بإحياء ذكرى والدها كل عام فى رمضان، وتحرص على التجهيز لإقامة الشادر والأفران فى شهر شعبان بعد الحصول على التصاريح اللازمة، مشيرة إلى أن والدها سيطرت عليه النزعة الفنية وكان يدعو الكنافة باسم كنافة هانم، والقطايف باسم الراقصة الكبيرة قطايف، والبسبوسة باسم الفنانة القديرة بسبوسة، كما ينادى بلح الشام بالأستاذ حمام وهكذا ولا نزال نحتفظ بلافتاته القديمة منذ عشرات السنين، وكما تقول فإنه وبعد وفاة عطية الأب توارث الأبناء هذه المهنة المؤقتة التى يعملون فيها فى شهر رمضان من كل عام وفى ذات المكان منذ 45 عاما. وتوضح فاطمة أن الكنافة الطبيعية ذات مذاق ألذ من تلك الكنافة الآلية التى تدخل فى صناعتها مواد أخرى، مشيرة إلى أن العجينة البلدى تتكون من دقيق وماء وتحتاج ل « النفس الحلو « الذى هو سر التميز فى كنافة «المدهش»، وحول شكل الفرن القديم تقول نحرص على الاحتفاظ به وتشغيله عقب تلميع « الصينية « الصاج وتجهيزها، لافتة إلى أن أهالى أسوان الكبار يفضلون شراء الكنافة البلدى والقطايف وتجهيزها فى البيوت حرصا منهم على تواصل عادات الشهر العظيم،وتعد فترة ما بعد صلاة الظهر وحتى السحور هى أوقات ذروة البيع. الناس..» الشقيانة « من أمام الأفران وفى ظل طقس حار وحرص على الصيام، يقف أبناء العمومة رشيدى ورأفت وممدوح لضبط العجين ورش الكنافة بإناء مثقوب، يقول رأفت رشيدى إنه يعمل فى هذه المهنة منذ 25 عاما ويقوم بتجهيز رمية العجين لمدة ثلاث ساعات، مشيرا إلى أنه يقف أمام الفرن ويتحمل درجة الحرارة والصيام بقدرة الله وحده. ويضيف ممدوح إن رش العجين على الصاج يستغرق ثوانى وسرعان ما يتم رفعه ثم مسحها قبل وضع قليل من الزيت، لافتا إلى أن مواعيد العمل تبدأ من التاسعة صباحا وتستمر طوال اليوم على فترتين، وعن الأسعار الحالية للكنافة والقطايف يقول «المدهش» إن العائلة لا يهمها الربح بقدر التمسك بالعادات الرمضانية