«تغيير سلوك.. تطوير إنسان».. بهذه الكلمات الأربع جاءت رسالة المنتدى الدولى للاتصال الحكومى الذى احتضنت فعالياته إمارة الشارقة على مدار 48 ساعة من الجلسات والحوارات والمنصات التفاعلية وورش العمل. انطلقت رسالة المنتدى فى دورته الثامنة بالمزج بين السلوك البشرى كأساس لتنمية المجتمعات فى ظل متغيرات العصر الراهن، وأثره على تحول سياسات التنمية المجتمعية، والتحول فى مسلكيات الأفراد داخل بلدانهم من جهة، وبين تطوير قدرات العنصر البشرى بما يعزز القيام بدوره فى تلك العملية التنموية من جهة أخري، وعليه جاءت الفعاليات من ورش عمل ومنصات تفاعلية وجلسات عامة لتتناول بمزيد من الترابط المجالات التى يتمحور حولها شعار المنتدى الدولى للاتصال الحكومي. وكمصريين حضروا هذه الفعاليات وشاركوا فى عدد منها، كان لا بد أن يستلفتنا ما يدور حول محور مواقع التواصل الاجتماعى والإعلام والعلاقة بينهما وتأثيرهما على الاتصال الحكومى واستقرار المجتمعات، لاسيما أن الخطاب الرسمى المصرى لا يخلو أبدًا من تحذير العالم من مخاطر ما يتم بثه على مواقع التواصل من شائعات وأخبار مغلوطة من قبل المتربصين بالشعوب واستقرارها. فهل باتت مواقع التواصل تشكل خطرًا حقيقيًا على الحكومات واستقرار الأوطان والشعوب؟ لا يقترن الجواب على هذا السؤال بظروف مجتمعات أو دول بعينها، وإنما أصبح الخطر عالميًا،فمن رحم العولمة والتطور التقنى وعصر الثورة المعلوماتية يولد الخير والشر، وتبقى تنقية المكون النهائى الذى يتحصل عليه الإنسان مرهون بقدرة الاتصال الحكومى على تغيير السلوك وتطوير الإنسان وصونه من هذه المخاطر. ولعل ذلك ما جعل المحور الرئيس للجلسة المهمة من فعاليات المنتدى الدولى للاتصال الحكومى تتناول هذا الشق المهم من العلاقى بين التكنولوجيا وتطبيقاتها والحكومات، وفى هذا الصدد جاء التحذير من انتشار الشائعات والأخبار المزيفة عبر الإنترنت، وبشكل خاص عبر الشبكات الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعى التى تعمل على مدار الساعة، وتأثير ذلك على الاتصال الحكومي، باعتبار ذلك من أكبر التحديات التى يواجهها العالم فى ظل الثورة المعلوماتية التى تتطور بوتيرة متسارعة، وبالتالى تتطلب آليات أكثر سرعة للمواجهة. ففى حضور حشد كبير من الإعلاميين وخبراء الاتصال الحكومى من دول مختلفة، استهدفت المناقشات البحث عن حلول ممكنة للحد من مخاطر »السوشيال ميديا« بما يكفل القضاء على هذه الظاهرة ومنع وسائل الإعلام من السقوط فى براثنها وما يترتب عليها من أضرار، ولعل هذا ما شكل - وفق المناقشات - التحدى الأكبر الذى بات يواجه حكومات هذا العصر فى ظل الحملات الممنهجة التى تستهدف أمن واستقرار الدول على مواقع التواصل الاجتماعى على اختلاف أنواعها من خلال العبث بالمحتوى المقدم للجمهور ودس رسائل مقصودة للتأثير على الرأى العام والنيل من السلم المجتمعي. هذا التحدى هو الذى جعل خبيرًا أمريكيًا معنيًا بتأثير التكنولوجيا على مجتمعات القرن الواحد والعشرين، هو أندرو كين، يدعو حكومات العالم إلى التحلى بالثقة والحزم فى مواجهة هذا الخطر، اعتمادًا على جمع البيانات وفق إستراتيجيات واضحة ومن خلال حملات لتغيير السلوك البشرى بما يكفل وقاية علمية وسليمة من مخاطر التكنولوجيا ويدفع أضرارها السلبية التى تزايدت فى الآونة الأخيرة. الخلاصة أن المنتدى الدولى للاتصال الحكومى بالشارقة استهدف تشجيع كل أفراد المجتمع بمختلف تخصصاتهم وفئاتهم العمرية ليكونوا مبادرين وأصحاب مساهمة فى إيجاد حلول إبداعية للتحديات السلوكية التى تواجه المجتمع، من خلال إطلاق العنان لخيالهم وتفكيرهم من خلال جلسات عصف ذهنية جماعية يتشارك فيها الجميع أفكارهم ورؤاهم، بالشراكة مع جهود الحكومات من أجل مستقبل آمن للعالم فى شتى القطاعات التى تستهدف تنمية الإنسان وتطوير قدراته فى ظل الثورة الصناعية الرابعة وفى ظل التوصيات التى دعت الجميع إلى التكاتف من أجل هذا الهدف، هذه الرسالة التى أوضحها الشيخ سلطان بن محمد القاسمى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بقوله: إن «حضارة الأمم تقاس بممارسات أبنائها وثقافتهم وبمدى مساهمتهم فى تحقيق الأهداف العامة التى ترسمها الحكومات».