مركز الابتكار يتعاون مع «إكسيد» لتطوير تطبيق أتمتة ضمان الجودة بمراكز الاتصالات    «الغرف التجارية»: استثمارات جديدة ب10 مليارات دولار في 13 محافظة    «قصف مكثف واستدعاء مروحيات».. هجوم غير عادي على الجانب الإسرائيلي من معبر كرم أبوسالم    الاحتلال يعتقل 25 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم فتاة من القدس بزعم حيازتها سكين    بوتين يهنيء المسيحيين الأرثوذكس بحلول عيد الفصح: رجال الدين كانوا دائما مع الشعب    عاجل.. الأهلي يوجه طلبًا خاصًا ل "كاف" قبل مواجهة الترجي بنهائي دوري أبطال إفريقيا    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    منخفض جوي.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس في شم النسيم (فيديو)    البابا تواضروس الثاني يتلقى تهنئة آباء وأبناء الكنيسة بعيد القيامة    شريف منير يحتفل بانطلاق عرض فيلم السرب مع أبطاله: دم المصريين خط أحمر    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    موعد مباراة الأهلي والهلال في الدوري السعودي.. المعلق والقنوات الناقلة    حمدي فتحي: استحقينا التتويج بكأس قطر.. وسنضع الوكرة في مكانة أكبر    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    قبل ساعات من انطلاقها.. ضوابط امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل 2024    موعد عودة الدراسة بالجامعات والمعاهد بعد عيد القيامة واحتفالات شم النسيم 2024    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    قوات روسية تسيطر على بلدة أوتشيريتينو شرقي أوكرانيا    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    أمن جنوب سيناء ينظم حملة للتبرع بالدم    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    وفد أمني إسرائيلي يعتزم الاجتماع مع إدارة بايدن لمناقشة عملية رفح    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    حكومة نتنياهو تقرر وقف عمل شبكة الجزيرة في إسرائيل    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة أولاد مرعي والنصر لمدة يومين    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجتمع السلبي زائل
لا محالة علماء الدين: الفرق بين الفاعل في مجتمعه والمتخاذل الكسول كالفرق بين الليل والنهار
نشر في الأهرام المسائي يوم 08 - 02 - 2019

إن المتأمل في أحوال المسلمين اليوم وشئونهم يري عجبا, ينظر فيري ما هم عليه من تخلف وتخاذل, وكيف أن أعداءهم تطاولوا عليهم, ونهبوا ثرواتهم, واحتلوا من أراضيهم, وفعلوا بهم الأفاعيل, يقفز سؤال في ذهنه: لماذا نحن كذلك؟ وأين الخلل
يقول الشيخ حسن الرفاعي من علماء الأوقاف إن من أعظم الأسباب التي أدت بنا إلي ذلك هي سلبية الكثير من المسلمين اليوم, والتي يعبر عنها البعض بقوله وأنا مالي, إن هذا هو الداء العضال الذي لا بد من أن نتداركه بالعلاج إن أردنا العزة والرفعة لأمتنا.
إن الإسلام يريد أن يكون المسلم فيضا من العطاء, لا ييأس حين يقنط الناس, ولا يتراخي عن العمل حين يفتر العاملون, يصنع من الشمعة نورا, ومن الحزن سرورا, متفائل في حياته, شاكر في نعمائه, صابر في ضرائه, قانع بعطاء ربه له, مؤمن بأن لهذا الكون إلها قدر مقاديره قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة, إن المجتمع السلبي الذي يعيش فيه كل فرد لنفسه علي حساب الآخرين مجتمع زائل لا محالة.
إن الفرق بين الفاعل في مجتمعه النافع له, وبين المتخاذل الكسول الذي لا يهمه إلا نفسه فرق عظيم, إنه الفرق بين الليل والنهار.. بين الكائن الحي والجماد.. بين الوجود والعدم. قال تعالي وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر علي شيء وهو كل علي مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو علي صراط مستقيم, النحل:76]
إن بعض الناس يتكاسلون عن أن يكونوا فاعلين في مجتمعاتهم اعتقادا منهم أن الإنسان لكي يكون فاعلا في مجتمعه لا بد أن يكون قد حاز الكمال في نفسه, وهذه شماعة يعلق عليها السلبيون سلبيتهم ويحتجون بأنهم ليسوا من أهل الكمال ليتحركوا ويعملوا وهذا خطأ.
ويشير الشيخ حسن الرفاعي إلي أن حال مؤمن آل يس لم يكن نبيا ولا عالما بل كان شخصا عاديا وعلي الرغم من ذلك تحرك فخلد الله ذكره في الآخرين قال الله تعالي: وجاء من أقصي المدينة رجل يسعي قال يا قوم اتبعوا المرسلين*اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون*وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون*أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون*إني إذا لفي ضلال مبين*إني آمنت بربكم فاسمعون*قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون*بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين( يس:20-27). يأتي رجل ليس بنبي, بل رجل عادي. تخيل معي أخي, لو أن المدينة التي تعيش فيها بها ثلاثة أنبياء, هل هناك حاجة إليك؟ بالطبع هناك حاجة إليك.
كان من الممكن جدا ألا يبالي هذا الرجل, ويقول: وما دخلي أنا؟ ولاحظوا أنه جاء من أقصي المدينة, أي ليس من أثرياء البلد, ولا من أصحاب النفوذ, فمن المحتمل أن يقتل ولن يعبأوا به, فلماذا يقدم علي دعوة هؤلاء القوم؟
لم يستطع السكوت أو الجلوس في مكانه, بل دعا بكل إصرار وعزيمة, وانظروا معي, من أعلي مقاما وأعلم وأتقي؟ الرجل أم الأنبياء الثلاثة؟ الأنبياء بالطبع, لكن القرآن ركز علي الرجل, لماذا؟ لكي يخبرك بأنك عظيم وغالي عند الله إن كنت إيجابيا, لا تنقص من قدر نفسك أمام الدعاة, بل ادعو إلي الله أنت أيضا.
وبعض الناس لا يبالون بما يحدث من حولهم بدعوي أن المبادرة, مدعاة للرياء, وهذه حيلة شيطانية, تحول بين الإنسان وبين العمل الصالح. إذا صلحت نيتك الأولي لم يضرك ما قد يقع من ثناء الناس, أو حصول مغنم, بادر في هذا المشروع الطيب, وكن رأسا فيه, فإذا رأيت من هو أولي منك, فكن عونا له, قال الفضيل: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما, قال يزيد بن هرون طلبنا العلم لغير الله فأبي إلا أن يكون لله
ويقول الدكتور/ نبيل عجيب أبو عبد الله الأستاذ بكلية أصول دين, إن الإنسان حاز علي مرتبة عالية جعلته مركزا للحياة ومحورا... جعلت علي عاتقه أمورا جسيمة وأمانة تنوء بحملها السماوات السبع والأرض بما رحبت والجبال الصم.. فكيف لدفة الحياة أن تسير وللخط الحضاري أن يصعد للأعلي ما لم يتحرك هذا الكائن الكريم لغرس بذرة العمارة لهذه الأرض, وتحقيق العبودية الحقة لله بمفهومها الشامل, ودفع عجلتها للنماء والتطور.
وقال إن الوعي لا يتشكل بتفكير الفرد وتعلمه فقط وإنما يتشكل من خلال الفطرة.. والمبادئ والقيم.. والثقافة.. والحياة الاجتماعية ونظمها.. والصورة الذهنية.. والظروف المحيطة.. والخيال والمشاعر.. والأحاسيس والضمير.. وغيرها تدخل لتكون ذلك الخليط المتجانس من المقومات, والتي بدورها تحدث تباينا من شخص لآخر, ومن مجتمع لمجتمع آخر, فتتكون عملية الوعي وتصبح واقعا يسير مواقف المرء وأحكامه وهذه النقطة غاية في الأهمية لمعرفة القيمة الحقيقة للوعي والجدوي من تحقيقها وتكميلها.
ومن تأمل المنهج الإسلامي الأصيل في معالجته, ونظرته للأمور, وللأحداث من خلال آيات الذكر الحكيم, وأحاديث سيد المرسلين وسير السالفين من علماء الأمة وأهل الرأي فيها.. وجد الطريقة المثلي للوعي السليم, والجاد, قال تبارك وتعالي: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين( الحجرات:6) فأكد ربنا علي الاستبانة أولا.. بقوله فتبينوا قبل القيام بالفعل وردته, حتي لا نصبح بعد ذلك من الجاهلين.
إن اهتمام المرء وانشغاله بما يعنيه فيه فوائد عظيمة, فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية, فمن اشتغل بالناس نسي أمر نفسه, وأوشك اشتغاله بالناس أن يوقعه في أعراضهم بالقيل والقال, كما أن انشغال المرء بنفسه وبما يعينه فيه حفظ للوقت, ومسارعة في الخير, فضلا عما يورثه ذلك علي مستوي المجتمع من حفظ الثروات, وتنمية المكتسبات, وإشاعة روح الجدية والعمل, والإخاء والتعاون.
والترك المقصود في هذا الحديث يشمل أمورا كثيرة, منها ترك فضول النظر, لما في التطلع إلي متاع الدنيا من إفساد للقلب, وإشغال للبال, وترك فضول الكلام, ولغو الحديث; لأنه يتعلق بجارحة خطيرة, ألا وهي جارحة اللسان, وقد امتدح الله عباده المؤمنين بقوله:{ والذين هم عن اللغو معرضون}( المؤمنون:3), فمن صان لسانه عن فضول القول, سلم من انزلاقه فيما لا يحبه الله ويرضاه, وحمي منطقه من الغيبة والنميم, ولذلك حث الشرع في مواطن كثيرة علي لزوم الصمت إلا بما فيه ذكر الله تعالي, والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, قال الله عز وجل:{ لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس}( النساء:114).
ويضيف الدكتور نبيل جاد أنه ينبغي أن يعلم أن الضابط الصحيح لترك ما لا يعني هو الشرع, لا مجرد الهوي والرأي, لذلك جعله النبي صلي الله عليه وسلم أمارة علي حسن إسلام المرء, فإن البعض يدع أمورا قد دلت عليها الشريعة, بدعوي أنها تدخل في شئون الآخرين, فيعرض عن إسداء النصيحة للآخرين, ويترك ما أمره الله به من الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, بحجة احترام الخصوصيات, وكل هذا مجانبة للشرع, وبعد عن هدي النبوة; فإنه صلي الله عليه وسلم كان تاركا لما لا يعنيه, ومع ذلك كان ناصحا مرشدا, آمرا بالمعروف, ناهيا عن المنكر, عاملا بأمر الله في حله وترحاله.
وأما مقولة( دع الخلق للخالق) فهي ليست قرآنا ولا سنة حتي يرد بها ما جاء الشرع به من إنكار المنكر, ويمكن حملها علي معني صحيح, وهو ترك حسابهم بعد أمرهم ونهيهم, كما قال تعالي: ما عليك من حسابهم من شيء{ الأنعام:52}, وكما في قوله تعالي عن نوح أنه قال: وما علمي بما كانوا يعملون* إن حسابهم إلا علي ربي لو تشعرون{ الشعراء:113,112}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.