حاول الجيش الإسرائيلي احتلال السويس قبل حلول وقت وقف إطلاق النار للمساومة عليها في المفاوضات المقلبة وقام بحصار السويس من كل النواحي من البر والبحر أيضا,وقام بقطع المياه العذبة عنها, وتدمير شبكة الضغط العالي وقطع الكهرباء والهاتف. وظنت إسرائيل أن أهل السويس سيقابلون دباباتها ومدرعاتها بالأعلام البيضاء بعد هذا الحصار القاسي فلا طعام ولا ماء ولا كهرباء ولا هاتف ولا أدوية فضلا عن قصفها المدفعي المركز للأحياء السكنية وقصف طيرانها المستمر لمنشآت السويس الحيوية فسقط آلاف الشهداء والجرحي الذين اكتظت بهم ساحة المستشفي العام فوضعوا الجرحي في طرقات المستشفي. كانت قوات الدفاع الشعبي بالسويس تتكون من منظمتين هما: منظمة سيناء التي كونتها المخابرات الحربية عقب نكسة يونيو من أبناء السويس, والثانية هي فرق حماية الشعب تحت إشراف الدفاع الشعبي وكانت مسئولة عن تأمين المرافق. كان أبطال منظمة سيناء قد استعدوا بإمكانياتهم الضعيفة لمنع الدبابات الإسرائيلية من اقتحام السويس فقاموا بعمل كمينين, أحدهما عند ميدان الأربعين, والآخر عند مزلقان الشهداء, وهداهم تفكيرهم العبقري للبحث عنRBJ فلم يجدوا إلا في المستشفي العام حيث تخزن أسلحة الجنود الجرحي والشهداء لحين تسليمها للجيش,اعترضهم المخزنجي خوفا علي عهدته فأخذوها كرها عنه. توجه الأبطال وعلي رأسهم الشهيدان إبراهيم سليمان وأحمد أبو هاشم بالأسلحة, كان قاذفRBJ في يد الشهيد إبراهيم سليمان هو مفتاح النصر وكأنه كان علي موعد مع القدر. أرسل العميد/يوسف عفيفي قائد الفرقة19 بمبادرة شخصية منه سرية مقذوفات بقيادة المقدم/حسام عمارة والتي اشتبكت مع الدبابات الداخلة إلي السويس ودمرت9 دبابات منها. كما أرسل العميد/عفيفي طاقم قنص دبابات بقيادة الملازم أول عبد الرحيم السيد وتم تزويده بقواذفRBJ وقنابل مضادة للمدرعات. رفض الشيخ حافظ سلامة ومعه الأهالي في المسجد اقتراح المحافظ بتسليم السويس,واكتظ المسجد بالمصلين في صلاة الفجر,وألقي فيهم الشيخ حافظ كلمات نارية ألهبت حماسهم واتفقوا جميعا علي الدفاع عن السويس حتي آخر قطرة من دمائهم,وارتفع الهتاف مدويا من المسجد لتسمع السويس كلها الله اكبر وارتفع الدعاء من أعماق القلوب إلي السماء فارتفعت الروح المعنوية إلي السماء. جاءت أول طلائع الغزو بتقدم كتيبة مدرعة للعقيد آرييه علي محور الجناين الساعة9 صباح يوم24 أكتوبر1973 فتصدي لها كمين للجيش المصري دمر الدبابة الأولي وتعطلت فوق الكوبري الضيق فاستدار الباقون وتجمعوا في منطقة جبلاية هاشم. وبعدها دخلت كتيبة مدرعات العقيد جابي السويس ووصلت لمنطقة المحافظة وفندق بلير دون مقاومة. وثق الإسرائيليون بأنفسهم فظنوا أن السويس نزهة لجيشهم لنجاح كتيبة جابي دون مقاومة,فدخلت بعدها كتيبة آرييه ومعها قوات مظلات كانوا من فرط ثقتهم بانهيار مقاومة السويس يطلون برءوسهم من أبراج دباباتهم المفتوحة,عندما وصلوا لميدان الأربعين أطلق محمود عواد قاذفة فأصاب الدبابة الأولي,ثم عاجلهم البطل إبراهيم سليمان عند الكمين الثاني ودمر دبابة أخري وأكمل الرمي من الجانب الآخر. كانت هذه هي النقطة الفاصلة في هزيمة الإسرائيليين حيث خرج الآلاف من بيوتهم يهتفون الله أكبر ويطلقون رشاشاتهم وقنابلهم علي أبراج الدبابات التي بدأت تنفجر وتتحول إلي قطع من الجحيم, فقفز الإسرائيليون وهم في حالة رعب, وفر المظليون إلي قسم شرطة الأربعين وحوصروا هناك. وعندما رأت الدبابات الإسرائيلية في موجاتها التالية ما حدث للأولي هربت واصطدم بعضها ببعض من ضيق الطريق. وقد اعترف الجنرال هيرتزوج رئيس إسرائيل الأسبق بمقتل وجرح عشرين قائد دبابة من قادتها ال.24 هكذا انتصرت السويس علي جيش مدرع مسلح بأحدث الأسلحة وهي لا تملك من الإمكانيات العسكرية شيئا يذكر ولكن كان الله معها وإصرار عظيم وبطولة رائعة وتضحيات جسام. تحية لشهداء السويس وللشيخ حافظ سلامة وللفريق عفيفي وإبراهيم سليمان وعواد في ذكري السويس الخالدة,هذه الذكريات ينبغي أن تدرس للأجيال القادمة جيلا وراء جيل, وكان ينبغي عمل فيلم روائي كامل عنها,فضلا عن أفلام تسجيلية كثيرة تشرح معارك جزئية فيها, مثل معركة قسم الأربعين..,سلام علي الشهداء والأبطال في كل مكان.