نعم تغيير القيادات الجامعية ضرورة, ولكن علينا دراسة ما يضمن لعملية الانتخابات ان تكون قادرة وفق ما يتم توفيره من نظم في اختيار قيادات صالحة لتحقيق التغيير. لاشك ان جامعاتنا هي أكثر مؤسساتنا المصرية التي تحتاج لحشد الجهود لضبط وتقدير ردود الفعل المتوقعة بشكل علمي وموضوعي يتناسب مع قدر ومكانة ودور تلك المؤسسات اثر احداث متغيرات جوهرية تترتب علي هذه المجموعة الهائلة من القرارات التي تتسق مع احلام المواطن المصري من ثورته العبقرية في الإصلاح والتطوير لمنظومة أداء التعليم الجامعي. هناك قرارات قد تم اتخاذها, وتم الشروع في تنفيذ بعضها بالفعل مثل إخلاء الجامعات من تشكيلات الحرس الجامعي بزيه الشرطي, واستبدالة بمجموعات أمنية مدنية للحراسة, ايضا كان قد تم اتخاذ قرار بتغيير اللائحة الطلابية وإن كان التغيير لم يكن محققا بشكل كامل مطالب شبابنا, وايضا ودون قرار معلن تم السماح بممارسة النشاط السياسي في كليات الجامعات, ووصل الأمر للمطالبة بإلغاء إدارات رعاية الشباب بالكليات والاكتفاء بالإدارات المركزية لرعاية الشباب للجامعات. وقد كان لتلك القرارات في توقيتات متقاربة ومتعاقبة وبشكل مباغت ردود فعل يمكن ان تكون مقبولة في ازمنة التغيير الثورية, وينبغي التعامل معها بموضوعية للتقليل بقدر الإمكان من آثار التداعيات السلبية لتنفيذها علي الأداء العام لتلك المؤسسات الجامعية في المدرجات والمسارح والمعامل والملاعب وقاعات البحث والندوات التي تشكل وعي قدرات أجيال قادمة. مع السماح علي سبيل المثال بالأنشطة السياسية والانفتاح في ممارسة أنشطة طلابية يختارها الطلاب بأنفسهم كان البعض يأمل عدم التعجل في قرار خروج الحرس الجامعي, لأن الصراع المحتمل بين ممثلي التيارات الدينية المتشددة وطلاب الأنشطة السياسية والفنية والثقافية التي تصل إلي حد الاشتباكات بالأيدي وسقوط ضحايا اثر حالة انفتاح مفاجئة سمحت للجميع بالوجود بحرية وقوة علي ارض الواقع. وعليه ينبغي التخطيط العلمي الجيد عند تفعيل القرار الأهم والأخطر والذي يلقي حالة من الإجماع علي ضرورة اتخاذه وتنفيذه بشكل عاجل, وهو ضرورة تغيير القيادات الجامعية, ويري المطالبون بالتغيير وأنا معهم ان تلك القيادات والتي مارست نظما للإدارة التقليدية المتخلفة التي تجاوزتها النظم الجامعية المتقدمة في دول العالم المتقدمة, قد تورط البعض منهم ايضا في الانخراط في تشكيلات لنظم الأداء السياسي المنافق لنشر الفساد وبيع مقدرات الأمة والإطاحة بأحلام شعب له تاريخ حضاري عبقري في وجود منظومة للبحث العلمي تدفع بالبلاد والعباد إلي حالة كان يمكن مع دعمها الاقتراب من تحقيق تكامل رسالة ودور الجامعات حتي لا يتكرر إخراجها من كل التصنيفات والتقييمات العالمية بالشكل المخزي الذي حدث في السنوات الأخيرة. وقد تسبب قرار مجلس الوزراء بشأن تغيير القيادات الجامعية أول اغسطس حالة من الجدل داخل الجامعات وعليه فقد حدد الاساتذة4 مطالب اساسية وهي: الاعفاء الفوري لجميع القيادات الجامعية, واختيار قيادات جديدة بالانتخاب, ورفع موازنة الجامعات والبحث العلمي إلي2,5% من الدخل القومي, وتعديل الكادر المالي لأعضاء هيئة التدريس, وتعديل الأوضاع القانونية للمعيدين والمدرسين المساعدين لتشملهم الرعاية الاجتماعية والصحية وحمايتهم من الاضطهاد والتعسف, ونصت الخطابات التي وقعت عليها القيادات الجامعية في الجامعات, علي أن القرار بمثابة اهانة لها, ومؤكدة التزامها بواجبها في العمل علي أكمل وجه, طول فترة عملها المقبلة, مثلما التزمت بها طوال الفترة الماضية. وأوصي المؤتمر الثاني لأعضاء هيئة التدريس بالإسكندرية, بضرورة تحالف جميع الأعضاء تحت مظلة نقابة مستقلة, وسرعة الانتهاء من تغيير جميع القيادات الجامعية الحالية قبل يوليو المقبل, وانتخاب القيادات الجامعية علي جميع المستويات, وعدم اتاحة اي فرصة لأي قيادي سابق يتولي منصبا جديدا, وزيادة ميزانية البحث العلمي أسوة بمراكز البحوث والمعاهد البحثية الأخري, فيما هدد المشاركون بتنظيم اعتصام عام في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم, أو الدعوة إلي مقاطعة الدراسة في العام الدراسي المقبل. نعم تغيير القيادات الجامعية ضرورة, ولكن علينا دراسة ما يضمن لعملية الانتخابات ان تكون قادرة وفق ما يتم توفيره من نظم في اختيار قيادات صالحة لتحقيق التغيير, بعيدا عن أثر الشللية والتربيطات وتبادل المصالح والمنافع, او تأتي استجابة لغالبية تنتمي لفكر أيديولوجي او ديني او عشائري في الأقاليم. وقد افزعني تصريح الدكتور عمر السباخي, عضو لجنة الحريات بجامعة الإسكندرية, وما أطلق عليه نزيف الأموال الذي يصرف علي دخل القيادات الجامعية وخارجها مشيرا إلي تقاضي بعض القيادات مليون جنيه شهريا, مضيفا: لابد من التحرك لوقف هذا النزيف ووضع سقف اعلي لدخل القيادات الجامعية, بحيث لا يتعدي25 ألف جنيه علي الأكثر, مشددا علي أن المطلب الرئيسي هو رحيل القيادات الجامعية الحالية, مهددا بمقاطعة الاساتذة للعام الدراسي المقبل في حالة عدم الاستجابة. واري علي الأقل في المرحلة الانتقالية وحتي تفعيل نظم الأداء الديمقراطي الحر ضرورة الجمع بين الانتخاب والاختيار الإداري للجمع والاستفادة بمميزات كلا النظامين عبر تشكيل لجان أكاديمية تضع المعايير اللازمة للشخصية القيادية الأكاديمية إداريا وعلميا, ونظم لمتابعة الأداء ومشاركة الطلاب في عمليات التقييم والاختيار وفق النظم المعمول بها عالميا. انني أتفق مع ما ذهب إليه الدكتور خالد سمير عضو ائتلاف اعضاء هيئات التدريس بجامعة عين شمس عندما رفض الدعوة للمشاركة في اللجنة التي شكلها وزير التعليم العالي لأن معظمها من أعضاء الحزب الوطني, ورغم ذهاب مجموعة من الاساتذة الاصلاحيين وعلي رأسهم د. أبوالغار, د. عواطف عبدالرحمن لكنهم رفضوا المقترحات التي أسفرت عنها اللجنة لأنها مع بقاء قانون الجامعات الحالي الذي وضعه الحزب الوطني للسيطرة علي الجامعات ويتبع نفس نظام التعيين خاصة بالنسبة لمنصب رئيس الجامعة, كما أن نسبة مشاركة المعيدين في انتخاب العمداء ورؤساء الأقسام لا تزيد علي10%. عندما تم الإعلان عن حصول جامعاتنا علي أرقام متدنية عام2006, وبقيت جامعاتنا في ذيل قائمة الجامعات ضج مجلس الشوري, وارتفع صوت الرأي العام بالاعتراض والاحتجاج علي هذه النتيجة, فهبت الجامعات لتحسين مستوياتها ودرجاتها ومراتبها, واليوم نعود إلي نقطة الصفر بعد إعلان التصنيف الاسباني للجامعات لنجد انفسنا في ذيل الجامعات. إن الشباب المصري الذي تقدم الصفوف, وكان في طليعة ثورة اللوتس العبقرية يستحق جامعات عالمية الأداء, واساتذة يقدرون الثمن الذي دفعه شعبنا العظيم للتغيير في ميادين التحرير. كاتب وخبير في شئون الجامعات