الحج هو أفضل العبادات فهو يجمع معاني العبادات كلها وفيه شكر لله علي نعمة الصحة ونعمة المال, فمن حج فكأنما صام وصلي واعتكف وزكي ورابط في سبيل الله, والحج يكفر الذنوب التي بين العبد وربه إلا مظالم العباد فلابد من ردها والتحلل منها, ومن الجائز أن يتكرم الله تعالي فيرضي صاحب الحق بما أعد له من النعيم وحسن الجزاء فيسامح المدين تفضلا وتكرما, وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه), والحج يعين علي تجديد العهد مع الله ويساعد علي التوبة الخالصة ويهذب النفس ويرقق المشاعر نحو بيت الله العتيق. ونحن نستطيع أن نشارك الحجيج في هذه النفحات في تلك الأيام المباركات, فالله الرحيم يعطي عباده هدايا ومنحا في بعض الأزمان لكي يجتهدوا في العبادة ويثقلوا الميزان ويفوزوا بجنة الرحمن, كما قال النبي صلي الله عليه وسلم( إن لله في أيام الدهر لنفحات, فتعرضوا لها فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقي بعدها أبدا) ومن هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة, وهذه أفضل أيام الدنيا علي الاطلاق لقول النبي صلي الله عليه وسلم( افضل أيام الدنيا أيام العشر) ويستحب في هذه الأيام كثرة الصيام والقيام, كما يستحب فيهما كثرة الأعمال الصالحة, وكثرة الذكر والتكبير, ويستحب لمن عليه ذبح أن يشارك الحاج في الاحرام فلا يقص أظافره ولاشعره, ويكف سمعه وبصره, ويكف لسانه عن الحرام, ولايتعالي علي أحد. لذلك أوصيكم بأن تعملوا لله بقدر حاجتكم إليه, وأن تعملوا للدنيا بقدر بقائكم فيها, واعملوا للآخرة بقدر ما ترجوه منها, واعملوا من الطاعات بقدر ما تشتاقوا إلي الجنة, وهناك حكمة قالها يحيي بن معاذ الرازي فقال( عجيب من ذي عقل يقول في دعائه اللهم لا تشمت بي الأعداء, ثم هو يشمت بنفسه كل عدو له, قيل له وكيف ذلك ؟ قال: يعصي الله ويشمت به في يوم القيامة كل عدو له. لذا..اتقوا الله ولتنظر كل نفس ماذا قدمت لآخرتها, فالعاقل هو من يغتنم الفرصة ويستغل هذه النفحات من الله, ويكفيكم في فضل صيام هذه الأيام أنه كما قال النبي صلي الله عليه وسلم( من ختم له بصيام يوم دخل الجنة) ولأن الصوم عبادة مخصوصة لأن الله سبحانه قال:( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) فإذا كان الثواب من عند الله فكيف به, ألا يكفيكم أن الصائم دون غيره له باب مخصوص في الجنة يدخل منه دون غيره إسمه باب الريان. عباد الله لاتحزنوا فالفرصة مازالت أمامكم سانحة وأبواب العمل مفتوحة وطرق الخير كثيرة والتجارة مع الله رابحة فقد قال النبي صلي الله عليه وسلم( مامن أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إلي الله العمل فيهن من هذه الايام العشر, فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). ونصيحتي الأخيرة إياكم أن تتعبوا أنفسكم في جمع الحسنات وتتكبدوا المشقة في تحصيل الطاعات ثم تغتابوا وتسبوا وتظلموا, فتكونوا أنتم من سكب ما جمع. عباد اللهأما سمعتم ما نادي به المنادون من أن( كل ما دون الجنة دون)