لا شك أن الدراما الإذاعية تعد واحدة من أهم أنواع الدراما وتحتاج إلي موهبة خاصة ينقل من خلالها الفنان عبر الميكروفون مشاعر وأحاسيس مختلفة من خلال الصوت فقط ليطلق المستمع لخياله العنان في تمثيل المشهد, ولهذا لم يكن غريبا أن يخرج أكبر النجوم من رحم ميكروفون الإذاعة, وأن تتمتع المسلسلات الإذاعية بخصوصية ومكانة في قلوب المستمعين, الأمر الذي كان يدفع كبار الكتاب والأدباء والشعراء للكتابة في الإذاعة, وكذلك لجوء النجوم إلي المسلسلات الإذاعية رغم ظهور التليفزيون وبريق السينما. وقد ظهرت العديد من الأعمال الدرامية الخالدة التي لا تزال تقدمها الإذاعة كواحدة من أعمال التراث مثل أرجوك لا تفهمني بسرعة, عودة ريا وسكينة, واحة الغروب, كما قدم النجم فؤاد المهندس عدد كبير من الأعمال الإذاعية مثل سها هانم رقصت علي السلالم, أجري أجري, العتبة جزاز, أنا وبابويا علي نص اخويا, وأنت اللي قتلت بابايا, ورغم هذا الكم الضخم من الأعمال الدرامية, رغم قلة المحطات الإذاعية إلا أن النقيض تماما بات يحدث اليوم فرغم انتشار عدد كبير من المحطات الإذاعية الخاصة إضافة إلي شبكات الإذاعة المصرية, ولكن تبقي هناك أزمة في عدم وجود دراما إذاعية إلا في شهر رمضان بحثا عن الإعلانات ولا تأخذ الاهتمام الكافي في ظل مهرجان الدراما الرمضانية التليفزيونية, لتصبح الدراما الإذاعية مجرد ديكور في الوقت الحالي, ولا يلجأ إليها النجوم إلا في المواسم, بعد أن كان يهتم بها كبار النجوم مثل شادية, فاتن حمامة, عبد المنعم مدبولي, فؤاد المهندس, وغيرهم. تقول د.لمياء محمود رئيس شبكة صوت العرب إن المسلسلات الإذاعية قديما كان يتم إنتاجها علي مدار العام في وقت كان عدد الإذاعات فيه قليلة, بينما كان يحرص النجوم علي المشاركة وتقديم أعمال تضم بطولات جماعية, فلا تحدث أزمة عندما يضم عمل إذاعي عدد كبير من النجوم علي عكس الآن حيث يعتمد العمل علي النجم الأوحد ومعه فنانين ثانويين, إضافة إلي المغالاة الشديدة في أجورهم, مشيرة إلي أنه بالرغم من أن المسلسل الإذاعي يتم تسجيله في يومين فقط فإنهم يبالغون في أجورهم ويتعاملون معه علي أساس أنه مسلسل تلفزيوني وهذه المقارنة خاطئة, وهو ما يؤدي بالنهاية إلي ضعف الإنتاج. وأوضحت أن المسلسلات الإذاعية قديما كانت تقدم روايات لإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس وبالتالي تحظي بمتابعة كبيرة من ناحية الجمهور وبالتالي كان مرتبط بها كثيرا وكانت الإذاعة وقتها تنتج مسلسلين خلال شهر رمضان أما الآن تعددت الإذاعات وأصبح القطاع الخاص ينتج عشرات المسلسلات دون تحكم. وتابعت قائلة: نحن الآن في الإذاعة ننتج دون الاعتماد علي الإعلانات لكن الإذاعات الخاصة تتفق مع وكالات إعلانية تنتج لها وبالتالي النجوم يبالغوا في أجورهم بسبب ذلك ونحن لا نهتم بالإعلانات بقدر اهتمامنا بالعمل القيم والقطاع الخاص أفسد علي العام الأمر برفع الأرقام لملايين الجنيهات علي عكس الماضي حيث كان يأتي النجوم يتبرعون بأجورهم لعملهم لصالح الإذاعة المصرية ويسعدون بذلك بالإضافة إلي أن المخصصات المالية للدراما مع ارتفاع التكاليف قلت للغاية ولذلك أصبحنا لا نستطيع الإنتاج طوال العام ونكتفي بمسلسل واحد فقط فمثلا العام الماضي لم تنتج أي دراما للأسف وأشارت إلي أن المسلسلات الإذاعية الآن مضمونها فارغ وتحمل ألفاظ لا تليق بقيمة الإذاعة ولا يوجد بها قصة وتعتمد علي الافيهات الكوميدية دون وجود رسالة أو هدف من العمل. بينما قال حمدي الكنيسي نقيب الإعلاميين إن هذه الظاهرة بدأت تتشكل عندما توقف إعلام الدولة ماسبيرو بشكل أو بأخر عن الإنتاج الدرامي سواء في الإذاعة أو التلفزيون, بينما لم يهتم الإعلام الخاص بالدراما الإذاعية إلا في شهر رمضان فقط والمناسبات والنتيجة أننا خسرنا سلاحا مهما من القوة الناعمة داخليا وخارجيا, فالمسلسلات الإذاعية علي مدي عشرات السنوات كان لها تأثيرها علي المواطن المصري وكانت أيضا تصل للمواطن العربي بالخارج في شكل يؤكد تاريخ مصر وقيمتها وما تمتلكه من إمكانيات سواء من ممثلين أو مخرجين أو منتجين, ولذلك يجب أن نتفاءل قليلا لأن إعلام الدولة حاليا يستعيد عافيته, كما أن قطاع الإنتاج في الإذاعة والتلفزيون من الممكن أنه يصحح هذا الخطأ ويعيد للدراما الإذاعية دورها وأهميتها متمنيا أن يمتد ذلك للتلفزيون. وأضاف أنه من المهم أن يكون الاهتمام بعودة الإذاعة غير منحصر بمحاولة انتزاع اهتمام الجماهير باسم نجم أو غيره أو بموضوع لا يتسم بالقيمة الحقيقية وهي قدمت نجوما وحولت فنانين صغار لنجوم وبالتالي هي ليست بحاجة إلي ما نراه الآن من أعمال درامية تفصل خصيصا لاسم نجم فذإنجي لك في حد ذاته بداية ابتعاد عن القيمة الفنية الحقيقية للعمل.