عندما لحن محمد أمين الموجي أغنية صافيني مرة لم يجد من يغنيها, رغم انه كان يحلم بأن يصبح مطربا, ورغم أنه عرض لحنه علي عبدالغني السيد ومحمد عبدالمطلب وعدد من نجوم الأغنية وقتها في بداية الخمسينيات لكن الكل رفض لانها لا تناسبه , مطرب واحد فقط وافق علي تأديتها, وقال: سأغنيها ورزقي علي الله, كان هذا المطرب هو حليم, الذي غناها ورزقه الله بها رزقا واسعا. لكن الوضع الذي خرجت به الأغنية للنور ظل مهيمنا علي تجربة الموجي طيلة حياته, بمعني انه كان سببا رئيسيا وشريكا اساسيا في نجاح العندليب وتجربته الغنائية, لكن وجود الموجي نفسه ظل مرتبطا بحليم الذي كان افضل قناة تصل بألحان الموجي للأذن. صحيح ان الموجي قدم ألحانا ناجحة لمطربين آخرين( علي الأدق مطربات) من أول أم كلثوم وليس نهاية بنجاة وفايزة وصباح, لكنه لم يستطع الخروج من دائرة حليم رغم محاولاته العديدة. من هذه المحاولات تقديمه لمطربين مثل ماهر العطار وكمال حسني ومحرم فؤاد, للدلالة علي أن موسيقاه هي التي انجحت عبدالحليم وتستطيع ان تنجح غيره, لكن هذه الحملة كانت صحيحة في نصفها الأول فقط, ولم يستطع الموجي تقديم حليم آخر رغم نجاح اغنيات مثل الحلوة داير شباكها لمحرم فؤاد, ولو سلمتك قلبي لكمال حسني وغيرهما. من محاولات الموجي للخروج من عالم حليم أنه فكر في أن يغني هو ويمثل, فظهر في فيلمين آواخر الخمسينيات بأدوار كبيرة لكي يدخل عالم النجومية ويعيد تقديم نفسه للجمهور كممثل( معروف ان نجومية الممثل اضعاف نجومية الملحن, كما أنها تخلق له شرعية وحصانة), لكن التجربة لم يكتب لها النجاح حتي ان احدا لا يتذكر اسم اي من الفيلمين. أقام الموجي عام1960 مدرسة لتخريج المطربين, وكان من المفترض ان يمنحه هذا مساحة اوسع من الاختيار, وفرصة أكبر في النجاح, لكن شيئا من كل هذا لم يحدث, وهكذا ظل الموجي مرتبطا بحليم حتي النهاية, وعندما توفي العندليب1977 كانت آخر أغنية قدمها هي قارئة الفنجان للموجي. بعيدا عن هذا, كان لي شرف لقاء الموجي, كان ذلك عام1994, عندما كانت ليلي غفران تعيد غناء جبار وأغنيات أخري لحليم من ألحان الموجي, حكي يومها الموجي حكايات طريفة وذات دلالة, للأسف لا يمكن حكي معظمها هنا, ومن هذه الحكايات عندماذهب وهوشاب لزيارة محمد عبدالوهاب ليأخذ رأيه في ألحانه, وبعد أسبوعين فوجيء بالإذاعة تذيع احد هذه الألحان بكلمات مختلفة, وبصوت رجاء عبده, ومنسوبة إلي محمد عبدالوهاب نفسه, كانت هذه الأغنية هي: البوسطجية اشتكوا. ذهب الموجي ليعاتب موسيقار الأجيال, فقال له: يابني, مفيش مشكلة لو الأب خد كرافتة من ابنه وحطها علي بدلته علشان تبقي اشيك, ومن يومها لم يسمع الموجي احدا اي لحن من الحانه قبل إذاعته, حتي رحل28 يونية1995, وربنا يرحم الجميع.