من سمرة الأرض الطاهرة العفة وصوت الناي والمزمار والأرغون وإيقاع الطبلة وصوت انهمار الماء خرجت لنا هند الراوي لتصدح بالفولكلور بعدما أغرقت روحها ومشاعرها في بحار التراث والفولكلور القديم وفولكلور الجنوب لتخرج تجربتها بمذاق غنائي مختلف عمن سبقوها. بدأت هند رحلتها الفنية في عمر مبكر حتي أنها تحكي عن أمها التي أهدتها في العاشرة من عمرها أغنية ما تقولش ايه ادتنا مصر وأوصتها بحفظها في قلبها الصغير, وبدأت رحلتها لتتعلم علي يد الفنانة فاطمة سرحان وأسطورة الفولكلور المصري جمالات شيحا وأصبحت عضوة في فرقة مواويل تشاركهم حفلاتهم حول العالم بتراث وفولكلور مصري اصيل حتي التحقت بفرقة مزاهر التي وجهت أسلوبها للمزج بين الفولكلور وموسيقي الزار لتزداد خبراتها بأسلوب متفرد حتي التقطتها فرقة أورانج بلوسوم الفرنسية. تقول هند الراوي: إن هذه الفرصة كانت نقطة فاصلة في حياتي بأكملها وخشيت ألا يوافق أهلي علي السفر نظرا لتقاليدنا وأعرافنا فأنا ابنة لأب بدوي وأم صعيدية ولكن إيمانهم بموهبتي ودعمهم لي جعلهم يوافقون علي مضض. من هنا انطلقت الراوي لتكون أحد أهم السفراء حول العالم وقوة ناعمة ترسم ملمح الفن المصري الأصيل لتبهر العالم بصوت مصري أصيل وكلمات وأنغام تلمس القلب قبل الأذن, وتضيف هند أن الفرنسيين والأوروبيين عموما شغوفون جدا بالموسيقي المصرية والفنون القديمة وكثيرا ما يتساءلون عن مصر وفنونها بانبهار وإعجاب وأنا احاول دائما أن أكون نموذجا لفتاة مصرية بكل مبادئها وأصولها وأتحدث كثيرا عن تقاليدنا المصرية الأصيلة المسالمة المحبة للخير ونحن المصريون نشأنا من هذه الجذور, ودائما اختار من الفولكلور والتراث ما يعبر عن البيئة المصرية الأصيلة المحبة للحياة. وتضيف أن أول أغنية غنتها مع الفرقه في طلتها الأولي بباريس كانت اغنية أمتي وهي مزيج من السيرة الهلالية والبردي في قالب موسيقي صوفي متناغم, ثم توالت الحفلات بنجاح ليكون حصيلتي معهم أكثر من ثلاثمائة حفلة حول العالم في أربع سنوات أغني تراث وطني الأصيل بمذاق موسيقي حديث بمصاحبة فرقة أورانج بلوسوم والتي تتمتع بجمهور عظيم ونجحت مع الفريق في رسم طاقة موسيقيه مصريه حداثة بمذاق مصري أصيل واستقبل الجمهور الأوروبي لوحتي التي أحاول رسمها منذ طفولتي. لكن لوحتي الحقيقية لم تكتمل إلا علي أرضي الحبيبة ووطني الكبير مصر فهي جذوري ووطني و ذكرياتي و طفولتي و نشأتي في أحضان ناسي وأهلي وأصدقائي وروحي المأخوذة لهذه الأرض وخيرها الطيب وذلك حينما وفقت بالغناء في مؤتمر الشباب بالإسماعيلية أمام رئيس الجمهورية, وفرضت علي الأحداث أغنية ما تقولش ايه ادتنا مصر فأدركت ما أوصتني به أمي لهذه الأغنية حينما قالت احفظيها بقلبك الصغير.. حينها تأكدت أنها تقديرات من الله لأغني ما أوصتني به أمي. وحينها أدركت تماما أن نجاحي ستكتمل قيمته هنا علي أرضي الطيبة مصر بين أهلي وخلاني وبين قلوب المصريين هذا الوطن هذه الارض هذه الذكريات هي الحقيقة التي كونتني ورسمت ملامحي بكل تفاصيلها النفسية والفنية. في النهاية رغم طول الرحلة وصعوبتها علي فتاة لم تتجاوز عقدها الثالث إلا أنها أصرت علي تراثها وأصالتها في رسالة بين أصالة الفن المصري وحداثة الغرب.