بعد تقديم الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي(93) عاما استقالته امس من منصبه كرئيس للبلاد نتيجة التظاهرات التي خرجت ضده علي مدي الأيام الماضية مما استدعي خروج الجيش للحفاظ علي الامن العام, لينهي بذلك حكمه الذي استمر37 عاما. وقد أعلن رئيس البرلمان جاكوب موديندا أمام النواب في ختام جلسة طارئة مساء أمس في هراري العاصمة استقالة موجابي في الرسالة التي ارسلها لرئيس البرلمان, وسط تصفيق النواب. وجاءت استقالة موجابي علي خلفية مجموعة من العوامل والمتغيرات السياسية والاقتصادية التي خلقت حالة من اليأس والإحباط والسخط لدي الشعب, هذه الدوافع والمتغيرات شكلت في ذاتها تحديات متشابكة ومعقدة لمرحلة ما بعد موجابي, الأمر الذي يطرح الكثير من التكهنات بشأن المستقبل السياسي لزيمبابوي ما بعد موجابي. وتمثلت هذه الدوافع وتلك التحديات في اهتزاز الثقة في النظام الحاكم وتحديات تثبيتها, فقد جاءت الأحداث والتطورات السياسية التي شهدتها زيمبابوي, كاشفة للفساد السياسي لنظام موجابي, خاصة خلال العامين الأخيرين, علي خلفية إقالته لنائبته السابقة جويس موجورو في ديسمبر2014, وما تبعها من إجراءات تبناها موجابي تمهيدا لتصعيد زوجته جريس موجابي, لتخلفه في حكم البلاد, وكان آخر الإجراءات إقالته لنائبه إيميرسون منانجاجوا في6 نوفمبر.2017 فبعد أن كان موجابي بطلا ثوريا, تراجعت شعبيته, بسبب تركيز جميع السلطات في شخصه, وتوظيفه لحزبه الحاكم زانوا في مناكفاته السياسية, ما أدي إلي تدهور وتآكل شعبية الحزب وفقدانه لقاعدته الشعبية. وبالتالي شكلت هذه البيئة السياسية في زيمبابوي والتي يكتنفها الغموض والضبابية تحديات جوهرية أمام من يخلف موجابي, سواء خلال إدارة المرحلة الانتقالية من الآن وحتي إجراء الانتخابات الرئاسية عام2018, أو ما بعد الانتخابات ومحاولة بناء الثقة السياسية مرة أخري. ومما يزيد من حدة هذا التحدي, تبلور المعارضة السياسية وتوحدها مع منظمات المجتمع المدني, إذ دعت115 جماعة من منظمات المجتمع موجابي للتنحي, واعتبرت مجموعة واسعة من قادة المعارضة, بما فيهم منافسه السياسي الرئيسي مورجان تسانجيراي, أن الوقت قد حان لرحيل موجابي, فضلا عن خروج الآلاف من المواطنين في العاصمة هراري وعدد من المدن الأخري يحتفلون بسيطرة الجيش علي البلاد. علي أي حال فإن التطورات السياسية في زيمبابوي, تشير إلي أنه في ضوء مهمة القوات المسلحة بالحفاظ علي أمن واستقرار مؤسسات الدولة من المتوقع أن يطرح الجيش منانجاجوا كرئيس انتقالي للبلاد, علي أن يتم إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في عام2018, ويكون منانجاجوا المرشح الأوفر حظا, مما قد يدخل زيمبابوي في مرحلة سياسية جديدة تتطلب التوافق علي قواعد ممارسة اللعبة السياسية في مرحلة ما بعد موجابي.