ليس من المستغرب تزايد عدد المليارديرات في الصين, لا سيما بعد التحول الهائل الذي طرأ علي ثاني أكبر اقتصادات العالم في الوقت الحالي الذي يأتي مباشرة بعد الاقتصاد الأمريكي والمرشح بقوة للعودة مرة أخري لاحتلال الصدارة من جديد التي ظل يحتفظ بها من عام1820 وحتي نهاية القرن العشرين, جاء هذا التحول نتيجة تخلي الصين عن نظرية الاقتصاد الموجه التي كانت تتبناها لعقود طويلة واتجاهها إلي اقتصاد السوق, ما فتح المجال أمام القطاع الخاص لأداء دوره والإسهام ب90% من الصادرات الصينية إلي العالم الخارجي. ورغم أن اقتصاد البلاد يمر بمرحلة من أبطأ مراحل نموه منذ تسعينيات القرن العشرين, إلا أن عدد المليارديرات في تزايد, وربما يرجع السبب في تنامي هذه الظاهرة إلي أن القطاع الخاص الصيني أصبح يلعب دورا محوريا في نمو الاقتصاد من حيث توفير الوظائف وتصدير المنتجات إلي الخارج حيث أسهم في عامي2011,2010 بنسبة تصل إلي نحو75% من إجمالي الناتج المحلي الصيني. وبعدما تخلت الصين عن احتكار ملكية أدوات الإنتاج التي كان يفرضها توجهها الاشتراكي, وسمحت لرجال الأعمال بالتملك والانطلاق إلي عوالم الصناعة والزراعة والإدارة والتصدير والاستيراد, أصبحت أخبار أثرياء الصين وصعود المزيد منهم كل يوم إلي المشهد المحلي والدولي مادة خصبة لوسائل الإعلام المختلفة وعلي مواقع التواصل الاجتماعي داخل الصين وخارجها. وتصدرت أخبار المليارديرات أمثال قطب العقارات شو جياين أغني رجل في الصين, الذي أطاح بالملياردير وانج جيان لين من صدارة قائمة أثرياء البلاد, وغيرهما المجلات المتخصصة في رصد ترتيب أثرياء الصين والعالم. وفي تقرير بثته وكالة أنباء أسوشيتيدبرس الأمريكية ذكرت أن ثروة شو مؤسس مجموعة إيفرجراند العقارية في مدينة قوانجتشو جنوبي الصين تضاعفت أربع مرات ووصلت إلي43 مليار دولار, بينما تراجع وانج إلي المركز الخامس حيث تقلصت ثروته بنسبة28% لتصل إلي23 مليار دولار. ويعكس هذا التغيير جهود بكين الرامية إلي التضييق علي الشركات التي تكدس الديون للقيام باستثمارات كبيرة في الخارج, وعوضا عن تشجيع رواد الأعمال علي التركيز علي النمو المحلي. وبدأت مجموعة وانج داليان واندا كمطور عقاري ثم تفرعت بالحصول علي استوديو في هوليوود وسلاسل سينما أمريكية وفرق كرة قدم إسبانية وشركة صناعة يخوت بريطانية. ويأتي جاك ما مؤسس شركة علي بابا الصينية العملاقة في مجال التجارة الإلكترونية كأحد أهم مليارديرات الصين الذي كان يعد رجل الأعمال الأغني في الصين قبل صعود شو جياين إلي صدارة المشهد. ويدرج تصنيف أكبر الثروات الصينية الذي نشر الثلاثاء الماضي,242 مليارديرا بالدولار في مقابل168 العام الماضي. وارتفعت ثروة جاك ما إلي19.5 مليار دولار في مقابل7.1 مليارات العام الماضي بعد إدراج أسهم شركته علي بابا في بورصة وول ستريت في سبتمبر الماضي بقيمة قياسية علي ما اعتبرت مجلة فوربس. وكان ترتيب هورون المرجعي الذي نشر نهاية سبتمبر اعتبر أن جاك ما هو أغني مواطن في الصين لكنه قدر ثروته ب25 مليار دولار. والمؤكد هو أن مؤسس علي بابا عرف صعودا صاروخيا إذ كان يملك قبل15 عاما60 ألف دولار فقط, وباتت قيمة مجموعته المدرجة في البورصة أكثر من240 مليار دولار. وتراجع وانج جيانلين صاحب مجموعة واندا التي تملك شبكة دور السينما الأمريكية إيه إم سي, من المرتبة الأولي إلي المرتبة الرابعة. فبعد سنة صعبة في المجال العقاري وهو مصدر عائداته الرئيسي, تراجعت ثروة وانج إلي13.2 مليار دولار في مقابل14.1 مليار العام الماضي بحسب فوربس. وسجل النمو الصيني تباطؤا كبيرا جدا في الربع الثالث من السنة مسجلا أدني معدل له منذ أكثر من خمس سنوات بسبب تراجع القطاع العقاري وضعف في الإنتاج الصناعي. إلا أن قطاع التكنولوجيا المتطورة والإنترنت لا يزال يقاوم مما جعل الأسماء الفاعلة فيه تحتل المراتب الثلاث الأولي في تصنيف فوربس ونصف المواقع في ترتيب أكبر عشر ثروات. كما حل روبن لي مؤسس باديو وهو محرك بحث الكتروني صيني يقابل محرك جوجل في المرتبة الثانية مع ثروة تقدر ب14.7 مليار دولار في حين كانت المرتبة الثالثة من نصيب بوني ما صاحب عملاق الإنترنت تن سنت مشغل خدمة الرسائل الشعبية وي تشات مع14.4 مليار دولار. وبمراقبة ما ينشر علي مواقع رصد الثروات في العالم مثل فوربس وغيرها نجد أن ثروات أغنياء الصين الأسرع نموا في العالم, الأمر الذي أسهم في ارتفاع تعزيز قيم الأصول العالمية هذا العام, وجعل الصين من بين أكثر المستفيدين منه وجعلها المركز الأسرع نموا في تكوين الثروات حول العالم. ووفقا لمؤشر بلومبيرج ارتفعت ثروة40 مليارديرا صينيا بنسبة%46.8 منذ بداية هذا العام, ما جعل الجنسية الصينية الأكثر هيمنة علي مكاسب ثروات الأثرياء حول العالم بعد ارتفاعها إلي417 مليار دولار. وزادت ثروة مؤسس شركة تسليم الطرود إس. إف هولدينج وانج وي, بأسرع وتيرة بين جميع مليارديرات العالم المدرجين بالمؤشر والبالغ عددهم500 شخص. ونمت ثروة وانج بنسبة%347.5, ليقفز إلي المرتبة التاسعة والثلاثين بين أثرياء العالم بثروة صافية تقدر ب20.9 مليار دولار. فيما حققت ثروة هوي كا يان, أكبر مكاسب مقومة بالدولار الأمريكي, بعدما أضيف لها21.6 مليار دولار, ليحتل المرتبة الثامنة والعشرين بين أغني أغنياء العالم, بثروة صافية تصل إلي29 مليار دولار.