ما حدث في يوم8 أكتوبر يوم لقاء منتخبنا مع الكونغو في جولة الحسم وخطف تذكرة المونديال روسيا2018 لكرة القدم شيء يفوق الوصف شيء يجسد حكاية شعب.. شعب يعشق هذا البلد وشباب يذوب فيه حبا وغراما وانتماء.. من القاهرة ومن كل محافظات مصر حدث الزحف نحو الإسكندرية ومن الصباح حتي العودة في المساء كان هناك الكثير من المشاهد الممتلئة بالحكايات والحواديت الأهرام المسائي رصدت بعضا منها لتكون وثيقة للقاريء تدلل علي عظمة هذا الشعب وانتماء ابنائه لترابه في يوم فرحة مصر الكبري فتعالوا إلي المشاهد. المشهد الأول .. السفر إلي الإسكندرية يتوافد الجماهير من الصباح الباكر علي ستاد برج العرب بالإسكندرية والتفاؤل يملأ قلوبهم لأنهم سيكونون شاهدين علي لحظة رياضية فارقة في تاريخ كرة القدم, كل مشجع استعد بطريقته الخاصة لهذا الحدث العظيم فهناك مجموعة من الأصدقاء اتفقوا علي ساعة ومكان التحرك وأن يتجمعوا بسيارة أحدهم وآخرون يريدن عيش لحظات الفرحة فركبن أتوبيسا يقلهن مع مجموعة من روابط المشجعين, وأسرة بأكملها من الأب والأم والأطفال تستقل سيارتها الخاصة وكأنهم ذاهبون لرحلة لتنزه ولكن بمهمة وطنية. المشهد الثاني ..10 كيلو سيرا علي الأقدام بطول الطريق المؤدي للاستاد بدأت الأغاني الوطنية تعلو من السيارات المتوقفة بسبب التدكس الرهيب في الطريق وجميعهم يظنون أنهم وصلوا مبكرا ولا يدركون أن هناك من لم ينم طوال الليل وما أن شاهد نور الصباح حتي كانوا أول الواقفين أمام بوابة الدخول فيما فضلت مجموعات أخري من الشباب السير علي الأقدام لأكثر من10 كليومتر تجنبا للزحام الخانق وأملا في الجلوس في مكان مميز بالاستاد وهو ما أعطي فرصة لبائعي الأعلام والرسامين الموجودين علي قارعة الطريق لبيع بضاعتهم علي الوافدين الذين قاموا بشراء الأعلام ورفعها طوال الطريق. المشهد الثالث .. جحافل من البشر جهود مضنية يبذلها رجال الأمن والمرور بالشوارع لتسهيل حركة المشجعين إلي الاستاد ولكن دون جدوي فأعداد القادمين تفوق طاقاتهم علي التحمل خاصة بعدما وصل المشجعون لنقطة معينة يتعين عليهم ترك سياراتهم والتحرك بدونها ولم يبدوا استياءهم من المشي في جو حار ووسط مكان أشبه بالصحراء يتخذون من جرعات المياه والنكات وصلات للصبر علي ما ينتظرهم فهم يعتبرون أنفسهم في مهمة وطنية...يتغنون بأغاني النصر ويتبادلون توقعاتهم وأمنياتهم حول من سيحرز الأهداف الحاسمة ليتخلصوا من لعنة هدف مجدي عبدالغني في كأس العالم سنة90 المشهد الرابع .. تفتيش من أجل الأمان طوابير بالطول والعرض علي بوابات الدخول حول الاستاد احتشد أمامها المشجعون للمرور إلي المدرجات الكل في حالة تحفز بينما يعمل رجال الأمن علي تفتيشهم سريعا لمحاولة التغلب علي حالة الزحام الشديد ويهرع الجميع إلي المدرجات بحثا عن مقعد للجلوس فالأب يريد أن يطمئن علي أولاده وزوجته والشباب يرغبون في التجاور في المقاعد لعمل وصلة تشجيع موحدة أما الفتيات فيبحثن عن مكان. المشهد الخامس .. هتافات تفوق المعقول الأحمر والأبيض والأسود كانت هي ألوان كل الوجوه وملابسهم والوان مدرجات استاد برج العرب الذي ما أن جاءت الساعة الخامسة حتي كان قد امتلأ عن آخره... كل فئة تتحدي الأخري في التشجيع فما أن يهدأ الشباب حتي تهب الفتيات بأصواتها لتقول مصر وما أن ينهك الأطفال من الهتاف حتي ينهض العجائز ليلهبوا حماس الحاضرين الذين يعودون للتشجيع بصوت واحد وفي نفس واحد...حضور جماهيري فاق الحد والوصف ووجودهم لم يقتصر علي المدرجات فقط بعد أن امتلأت عن آخرها لتصل إلي الممرات مابين المدرجات ليرسموا لوحة فنية غاية في الروعة كل مشجع كانت له طقوسه الخاصة في مؤازرة الفراعنة فهذا ارتدي قميص المنتخب وأخري ارتدت القبعة المزينة بالألوان الثلاثة وهذه حملت العلم وآخرون يصرخون في الأبواق ومجموعة رسمت علي وجوهها ألوان العلم.. ويسعي الجميع لتسجيل تلك اللحظات بالتقاط صور سيلفي منفردة ومجمعة ليحكي كل منهم بعد مرور السنوات أنهم كانوا شاهدين علي إنجاز بلدهم بالتأهل للمونديال داخل جنبات برج العرب المشهد السادس .. أخيرا تشكيل المنتخب تعلن الإذاعة الداخلية للاستاد تشكيل المنتخب الوطني ويحظي كل لاعب بهتاف خاص من المشجعين بمجرد نطق اسمه.. ويزداد الحماس مع نزول اللاعبين واحدا تلو الأخر أرض الملعب لإجراء تدريبات الإحماء بينما تطارد صفارات الاستهجان لاعبي الكونغو الذين كانوا في حالة ذهول من هذا الحضور الجماهيري المرعب..تشتعل المدرجات بالهتاف والصراخ من جميع المدرجات سواء الدرجة الأولي أو الثانية أو الثالثة وحتي المقصورة..الكل يصرخ بثلاثة حروف مصر. المشهد السابع .. روسيا تناديكم يطلق الحكم صفارة بدء المباراة..يتأهب المشجعون للهتاف لتحفيز اللاعبين لحسم التأهل مبكرا دون الدخول في حسابات معقدة تقض مضجعهم وتجعلهم يؤجلون فرحتهم إلي مباراة النهاية...ما أن تأتي الكرة لمحمد صلاح حتي يزيد الهتاف لأنه مصدر القوة الذي تثق فيه الجماهير..ومع كل هجمة للاعبينا يلحقها الجماهير بالتشجيع من أجل إنهائها بالشكل السليم, وينتابهم القلق عندما يستحوذ المنافس علي الكرة بقول استر يارب...تصمت المدرجات فيستجيبون لنداء عصام الحضري حارس منتخبنا من الملعب بالهتاف ليجئ رد الفعل سريعا من الجماهير بصوت واحد العبوا الله يخليكوا..روسيا بتناديكوا...ويتسرب التوتر إلي النفوس مع انتهاء الشوط الأول دون أهداف ويدخل المشجعون في نقاشات جانبية ولكن يحدوهم الأمل أن هدف التأهل سيكون في الشوط الثاني. المشهد الثامن .. فرحة الهدف الأول تضرب الفرحة أرجاء الاستاد في الدقيقة ال62 من عمر المباراة بعد أن ضرب محمد صلاح دفاع المنافس وأحرز الهدف الأول الذي أثلج الصدور التي انتعشت من الهدف وأن الفراعنة ذاهبون إلي روسيا بعد30 دقيقة فقط.. ويدب النشاط في القلوب التي تخفق من السعادة ويتمني الجميع أن تتم الأمنيات علي خير وتطلق مدرجات الدرجة الثالثة الشماريخ تعبيرا عن السعادة وأن القدر أخيرا يستجيب لدعوات المصريين ويستمر الهتاف من الجماهير من المدرجات باختلاف درجاتها التي بدأت تعد الثواني المتبقية من المباراة ولاشيء علي ألسنتهم سوي كلمة يارب التي تدوي في أنحاء الاستاد خشية حدوث مالايحمد عقباه..فالفرحة الكبيرة لم تخرج بعد. المشهد التاسع .. الصدمة الكبري حدث أسوأ مشهد لم يكن في الحسبان الكونغو تحرز هدفا قبل نهاية المباراة بثلاث دقائق..كان بمثابة الصاعقة التي نزلت علي الجماهير التي تنوعت مشاهدها في المدرجات مابين صمت أطبق علي أجسادهم ودموع انهمرت وعيون جحظت غير مصدقة ما حدث.. وآخرون لطموا الوجوه..ووضعوا أيديهم علي رءوسهم من الصدمة التي لم يتخيلوها في أبشع كوابيسهم..حلم المونديال يضيع في الوقت القاتل..يزحف الوقت سريعا..التحفز يتجمع والمشاعر تتوحد... وتنقلب الأمنيات من انتهاء المباراة إلي إضافة وقت ويبقي السؤال من ينقذ الحلم؟..يتسرب اليأس إلي القلوب التي ليست في حمل صدمة جديدة...يأتي النداء من الجماهير التي التفت خلف هتاف واحد كاس العالم..كاس العالم كلمتان ظلتا علي ألسنة المشجعين وهم يرقبون ما تبقي من المباراة المشهد العاشر .. لعنة مجدي عبد الغني يحتسب الحكم5 دقائق وقتا بدلا من الضائع.. وتتساءل الجماهير هل هي كافية أم أن صفارة النهاية ستنطلق قبل تحقيق المراد؟..ليقف الجميع من مقاعدهم وهم يراقبون هجمات منتخبنا التي لم تصب الهدف حتي الآن..لتخرج النكت من المصريين في أحلك اللحظات هل مازالت لعنة مجدي عبدالغني تطاردنا أم أننا لا نستحق شرف المونديال؟...يسود صمت..يربت كل مشجع علي كتف من بجواره.. وهناك من لم تحمله قدماه فجلس يتوسل علي الأرض والدموع متحجرة في المقل..و علي لسانه فقط كلمة يا رب.. يا رب يا رب. المشهد الحادي عشر .. لحظة الانفجار تحدث المعجزة وتهبط منحة السماء علي ستاد برج العرب وكأنها قبلة إحياء الحلم بعد أن يحتسب الحكم ركلة جزاء لمنتخبنا قبل النهاية بدقيقتين..ويتجدد الأمل في العقول وأن الله لن يخذل المصريين هذه المرة..ويتصدي محمد صلاح بكل ثقة وشجاعة ويمسك بالكرة..وهنا عم السكون لمراقبة تلك اللحظة التي لن يجود الزمان بمثلها.. وما أن سكنت تسديدة تاجر السعادة في المرمي حتي هز زلزال الجماهير أرجاء برج العرب..خرجت الهتافات العفوية واحتضن كل مشجع من بجواره.. وحلقت الأعلام من جديد وصرخت الفتيات ابتهاجا بالنصر والتأهل الذي كاد يفلت من أيدي اللاعبين.