حققت الدورة الأولي من مهرجان الجونة السينمائي, التي تختتم اليوم الجمعة, ما يمكن تسميته بالإنجاز بنجاحها في عرض الفيلم السويدي البديع المربع مساء أمس بمسرح المارينا, في إطار الاختيار الرسمي خارج المسابقة, ليتمكن جمهور المهرجان من مشاهدة الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي في دورته السبعين في مايو الماضي. وقد لمع ذهب كان بالفعل في الجونة, حيث امتلأت القاعة عن آخرها بالمشاهدين الذين حرصوا علي حجز بطاقات الفيلم مبكرا حتي لا يفوتهم, وأشادوا به بعد مشاهدته, خاصة قدرته علي الاحتفاظ بروح كوميدية ساخرة رغم وعورة الموضوع الذي يتناوله, والذي يتلخص في إدانة الخلل الذي يعاني منه المجتمع السويدي, والذي يتمثل في اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء, وانتشار المتسولين, وسوء حالة المهاجرين. كما يحطم الفيلم, بقسوة, المثالية الأوروبية المعهودة وكل ما ارتبط بها من عنجهية وصلف وتوهم دائم بامتلاك الحقيقة.. ولا زال أصدق تعبير عن ذلك ما صرح به المخرج الإسباني الكبير بدرو ألمودوفار, رئيس لجنة التحكيم الرئيسية بالدورة السبعين من مهرجان كان السينمائي الدولي, في المؤتمر الصحفي الذي تلا حفل ختام وتوزيع جوائز المهرجان مساء الأحد28 مايو الماضي, حيث قال, ردا علي سؤال عما جذب لجنته إلي فيلم المربع وجعلها تمنحه سعفة المهرجان الذهبية, إن الفيلم يناقش قضية مهمة جدا, ومعاصرة جدا, هي ديكتاتورية الصواب السياسي, أو ديكتاتورية من يرون أنهم علي حق سياسيا, ورغم أنها قضية جادة جدا, إلا أنه تم طرحها بأعلي قدر من الخيال والسخرية. ويعد العمل, الذي أخرجه وشارك في كتابته روبن أوستلوند, أكثر الأفلام الأوروبية الحديثة تحديا وكسرا لأساليب السرد السينمائي الكلاسيكية والتقليدية في القارة العجوز, وتحديدا في شمالها الذي تنتمي إليه السويد, وهو يتتبع- بخفة ظل ورشاقة شديدة- حياة وأزمات مدير شاب لمتحف للفن الحديث والمعاصر, ويعتمد- مثل معروضات المتحف- علي أسلوب حداثي ومختلف في السرد يتميز بالسخرية المريرة, ويبدو بسيطا في ظاهره لكنه في الحقيقة ممتنع للغاية وشديد العمق بما يصل- خاصة في نصفه الثاني- إلي درجة الفلسفة. وكما يترقب السينمائيون نتائج مسابقات المهرجان اليوم, يترقبون أيضا نتائج مبادرة المنطلق التي تشكل جزءا من منصة الجونة السينمائية, وتتجاوز قيمة جوائزها خمسين ألف دولار, وتعد تعويضا للسينمائيين الشباب العرب عن غياب العديد من صناديق الدعم السينمائية, حيث تقدم الدعم المالي والفني لمشروعات أفلام عربية جديدة تحمل روحا مختلفة وتستطيع المنافسة دوليا. وكان قد تقدم للمشاركة في المنطلق أكثر من خمسين مشروعا عربيا, وأعلنت إدارته أنها اختارت مجموعة من المشروعات التي تمتاز بالرؤية الفنية المختلفة واللغة السينمائية المجددة, بالإضافة للجدية والدقة.ويتيح المنطلق المجال للمخرجين والمنتجين العرب ومشروعاتهم السينمائية- سواء كانت في مرحلة التطوير أو مراحل ما بعد الإنتاج- فرصا فريدة للحصول علي الدعم الفني أو المالي أو كليهما. خلال الجزء الأول من الفعالية التقي مخرجو ومنتجو الأفلام في مرحلة التطوير بمحترفين لمساعدتهم في مرحلتي الكتابة وخطوات الشراكات الإنتاجية, بينما تلقت أفلام مرحلة ما بعد الإنتاج ملاحظات ونصائح في عملية التقدم للفعاليات السينمائية وتقديم المحتوي بشكل صحيح. وركز النصف الثاني من منطلق الجونة علي مقابلةشركاء إنتاج محتملين ووكلاء مبيعات مختارين من بين المحترفين الدوليين. وتم اختيار المشروعات عبر لجنة تابعة للمهرجان, كما تم تشكيل لجنة تحكيم دولية تمنح الجوائز لأفضل المشروعات في مرحلة التطوير.