20 عاما كاملة مضت علي محاولات قطر زعزعة استقرار دول الجوار الخليجية والدول العربية والتدخل في شئونها الداخلية بكل السبل, من إيواء وتمويل قيادات الجماعات والمنظمات الإرهابية, لتأتي الصدمة التي لم يتوقعها المسئولون في هذه الدويلة الخليجية المثيرة للجدل متمثلة في إعلان السعودية ومصر والبحرين والإمارات واليمن وليبيا قطع علاقاتها معها. الدوحة متهمة بدعم الإرهاب, ورغم جدية وصرامة المقاطعة التي أعلنتها مصر والسعودية والإمارات والبحرين واليمن وليبيا, والتي من المتوقع أن تنضم إليها دول عربية أخري خلال الأسابيع القليلة المقبلة, إلا أن قطر لم تعترف إلي الآن بأخطائها, بل ردت بغضب علي المقاطعة بتوجيه الاتهام لدول المقاطعة بأنها تسعي إلي فرض الوصاية عليها, وزعمت أن القرار غير مبرر. كل الدول التي قررت مقاطعة قطر لديها مبرراتها القوية لاتخاذ القرار, فالسعودية قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع قطر لحماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف والطائفية التي تصر الدوحة علي احتضانها بهدف ضرب الاستقرار في المنطقة منها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة, إضافة إلي دعم ومساندة الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في كل من السعودية والبحرين. المنامة اتخذت القرار نفسه ضد قطر بسبب إصرارها علي المضي في زعزعة أمنها واستقرارها والتدخل في شئونها. الإمارات اتهمت قطر بتمويل واحتضان التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية, إضافة إلي نقضها البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأمريكية الذي اعتبر إيران دولة راعية للإرهاب في المنطقة. مصر من جانبها أعلنت أن قرارها سببه إصرار الحكم القطري علي اتخاذ مسلك معاد لها وفشل كل المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية, وعلي رأسها تنظيم الإخوان الإرهابي. وأعلنت الحكومة اليمنية بدورها قطع علاقاتها مع قطر بسبب دعمها المتمردين الحوثيين الموالين لإيران ودعم جماعات متطرفة في اليمن. قطر استبعدت من التحالف العسكري العربي الذي يدعم السلطات في اليمن للتصدي للمتمردين الحوثيين وهو قرار رحب به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. تداعيات المقاطعة العربية لقطر تشمل كل المجالات الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية والإعلامية والاستثمارية وغيرها, وانعكاساتها علي مجمل الأوضاع الإقليمية وعلي الأوضاع السياسية في قطر يصعب حصرها كلها في تقرير واحد, إلا أنها سوف تؤثر قطعا علي محاولات قطر طرح نفسها كلاعب إقليمي مهم في المنطقة. لم يعد أمام الدبلوماسيين القطريين إلا48 ساعة لمغادرة السعودية والإمارات والبحرين ومصر, أما المواطنون القطريون فقد أمهلوا14 يوما لمغادرة السعودية والإمارات والبحرين التي منعت مواطنيها من التوجه إلي قطر. ورغم أن الأزمة فتحت الباب أمام إيران وتركيا وعدد من الأطراف الدولية الفاعلة لعرض التوسط لإنهائها بالحوار والطرق الدبلوماسية, إلا أن تاريخ الخلافات بين دول المقاطعة والدوحة, وما تحملته كل الأطراف العربية من رعونة وتآمر حكام قطر تبدو أكبر كثيرا من أي جهود تهدف لاحتوائها.