الصيام مدرسة سلوكية تربي المسلم علي القيم والأخلاق التي تهذب نفسه وسلوكه فلا انفصال بين العبادة والأخلاق والسلوك فكل عبادة تحمل في جوهرها قيما أخلاقية مطلوب أن تنعكس علي سلوك المسلم المؤدي لهذه العبادة وأن تتضح جليا في شخصيته وتعاملاته مع الغير وبذلك تحقق أهدافها ومقاصدها فالصيام من غاياته العظمي تحقيق التقوي كما قال الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون البقرة183 ولا تتم التقوي عند العبد إلا إذا حسن خلقه مع خلق الله تعالي ولهذا جمع النبي صلي الله عليه وسلم بين الوصية بالتقوي والوصية بحسن الخلق حين قال: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذي, وإقرارا لهذا المعني قال الرسول- صلي الله عليه وسلم-: من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه البخاري فكيف يكون صائما من يشهد بالزور أو يلقن شهادة الزور؟ وكيف يكون صائما من يظلم ويعتدي ويسفك الدماء بغير حق؟ وكيف يكون صائما من يأكل أموال اليتامي ظلما ويمنع إخوته حقوقهم في الميراث؟ وكيف يكون صائما من يرتشي أو يغش أو يطفف في المكيال والميزان؟ وكيف يكون صائما من يقضي ليله ونهاره في هتك أعراض الناس و نهش لحومهم والقيل والقال؟ وكيف يكون صائما من يعق والديه ويقطع رحمه؟ وكيف يكون صائما من يؤذي جيرانه؟ وكيف يكون صائما من يأكل أو يساعد علي أكل أموال الناس بالباطل؟ فبعض الناس وللأسف يحرمون أنفسهم من الطعام و الشراب وملذات الحياة في رمضان وليس لهم من وراء ذلك إلا الجوع و العطش و الحرمان!!! فلا يثاب علي صيامه فرب صائم- كما قال النبي صلي الله عليه وسلم- ليس له من صيامه إلا الجوع فصيام رمضان مدرسة متميزة يفتحها الإسلام كل عام للتربية العملية علي أعظم القيم, وأرفع المعاني, فمن اغتنمها فأحسن الصيام كما أمره الله فقد نجح في الامتحان ومن لم يترب في هذه المدرسة فهو كالطالب يدخل المدرسة ويخرج منها ولم يتعلم القراءة والكتابة فلابد وأن يتميز المسلم في صيامه أن يصوم صوما حقيقيا كما أراد الله.