قال الله تعالي:{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}(85 وما بعدها البقرة). مدح الله- هذا القرآن الذي أنزله فقال( هدي) لقلوب من آمن به( وبينات) لمن تدبرها علي صحة ما جاء به, ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام(2). قال الله- صلي الله عليه وسلم:( ولتكبروا الله علي ما هداكم): الهداية تشمل: هداية العلم, وهداية العمل, فمن صام رمضان وأكمله, فقد من الله عليه بهاتين الهدايتين, وشكره- سبحانه- علي أربعة أمور: إرادة الله بنا اليسر, وعدم إرادته العسر, وإكمال العدة, والتكبير علي ما هدانا, فهذه كلها نعم تحتاج منا أن نشكره بفعل أوامره, واجتناب نواهيه(3). أطلق الله عز وجل لسانك بالدعاء والطلب, فاعلم أنه يريد أن يعطيك, وذلك لصدق الوعد بإجابة من دعاء, ألم يقل الله عز وجل:( فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون). وشهر رمضان: موسم المتقين, ومتجر الصالحين, ميدان المتسابقين, ومغتسل التائبين وهو معسكر إيماني لتجنيد الطاقات, وتعبئة الإرادات, وتقوية العزائم, وشحذ الهمم, وإذكاء البواعث للسعي الدئوب لتحقيق الآمال الكبار. نعت رمضان بنعوت كثيرة فهو شهر المسابقة والمنافسة للخيرات و ربيع الحياة, شهر التعاطف, شهر الصيام, شهر القرآن, مدرسة الثلاثين يوما. في رمضان تتجدد الحياة كلها: تتجدد العقول بالعلم والمعرفة, والقلوب بالإيمان والتقوي, والمجتمع بالتواصل, والترابط, والعزائم باستباق الخيرات, والتنافس في الصالحات, تحتفل السماء بمقدمه السعيد: فتفتح فيه أبواب الجنان, وتغلق أبواب النيران, ويصفد كل شيطان من أجل الله- تعالي- وحده ترك الإنسان لذاته وشهواته وصام عنها شهرا كاملا.