سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رسائل السيسي في قمة البحر الميت دعا إلي اتخاذ موقف واضح وحاسم إزاء التدخلات في شئون الدول العربية
الرئيس: العمل العربي المشترك هو أساس الحل لمختلف قضايا وأزمات المنطقة
حملت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام القمة العربية أمس العديد من الرسائل المهمة في مقدمتها تحذيره من المخاطر والتحديات التي تواجه الأمة العربية, وكذلك دعوتة لضرورة دعم العمل العربي المشترك في مواجهة هذه المخاطر وقال أن التحديات الجديدة التي عصفت بوطننا العربي تتمثل في انتشار الإرهاب وتزايد خطورته, وفي إضعاف كيان الدولة الوطنية, بل في تحدي فكرتها الأساسية كوطن جامع لأبنائه, وبوتقة تصهر الثقافات والطوائف والمذاهب المتعددة في ولاء واحد لوطن واحد, وأكد الرئيس أن ما شهدناه من ضياع الاستقرار حل عندما ضعفت المؤسسات الوطنية, وشهدنا انتشار الترويع للآمنين عندما حلت الصراعات الطائفية والمذهبية محل التعايش المشترك, وتزايدت التدخلات الخارجية في شئون الدول ومصائر شعوبها, وسرعان ما استغل الإرهاب الآثم الفرصة ليملأ الفراغ, الذي نتج عن عدم قدرة مؤسسات الدول علي القيام بدورها الأساسي في حفظ الأمن وتطبيق القانون. وفيما يلي نص الكلمة: أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. تنعقد قمتنا اليوم في ظل تحديات جسيمة تواجه المنطقة بأسرها, تحديات تستهدف وحدة وتماسك الدول العربية وسلامة أراضيها, وتهدد مقدرات شعوبها ومصالحها العليا, تنعقد هذه القمة وتتطلع معها أنظار شعوبنا لموقف قوي يستعيد وحدة الصف العربي, للوقوف بحسم في مواجهة الأخطار التي طرأت علي منطقتنا خلال السنوات الماضية, فأضعفت الجسد العربي حتي بات يعاني من تمزقات عدة, وأصبح لزاما علينا أن نتصدي للتحديات التي نواجهها برؤية واضحة, وإصرار كامل علي تعزيز أمننا القومي, والحفاظ علي مستقبل الأجيال المقبلة من أبنائنا وبناتنا. الأشقاء الأعزاء, علي مدي السنوات الماضية, تركزت التحديات الجديدة التي عصفت بوطننا العربي في انتشار الإرهاب وتزايد خطورته, وفي إضعاف كيان الدولة الوطنية, بل في تحدي فكرتها الأساسية كوطن جامع لأبنائه, وبوتقة تصهر الثقافات والطوائف والمذاهب المتعددة في ولاء واحد لوطن واحد, فرأينا ضياع الاستقرار عندما ضعفت المؤسسات الوطنية, وشهدنا انتشار الترويع للآمنين عندما حلت الصراعات الطائفية والمذهبية محل التعايش المشترك, وتزايدت التدخلات الخارجية في شئون الدول ومصائر شعوبها, وسرعان ما استغل الإرهاب الآثم الفرصة ليملأ الفراغ, الذي نتج عن عدم قدرة مؤسسات الدول علي القيام بدورها الأساسي في حفظ الأمن وتطبيق القانون. لقد تزايد الإرهاب وهدد حياة الملايين من البشر, في وطننا العربي وفي العالم أجمع, وأصبح يمثل ظاهرة عالمية لا يمكن التهاون معها أو القبول في شأنها بأية تبريرات, وأصبحت العلاقة بين الإرهاب وبين تهديد كيان الدولة الوطنية علاقة تفاعلية, فكلما قويت شوكة الإرهاب ضعفت الدولة, وكلما ضعفت الدولة تمدد نفوذ الإرهاب, ومن هنا يتحتم علينا العمل علي مسارين متوازيين في ذات الوقت, نحارب الإرهاب ونتصدي له بكل الحسم والقوة, في الوقت الذي نبذل فيه أقصي الجهد لتسوية الأزمات القائمة في المنطقة, واستعادة الأمن والاستقرار فيها, من خلال تمكين وتعزيز مؤسسات الدولة الوطنية, لتقوم بمهامها المنوطة بها. ولا يخفي عليكم أن مواجهة الإرهاب ليست بالأمر الهين, فهو كالمرض الخبيث يتغلغل في نسيج الدول والمجتمعات ويتخفي بجبن وخسة, لذلك فإن مواجهته يجب أن تكون شاملة, تبدأ من الحسم العسكري, وتستمر لتشمل العمل علي تحسين الظروف التنموية والاقتصادية والمعيشية في بلادنا وبشكل عاجل وفعال, والتصدي للفكر المتطرف علي المستوي الديني والأيديولوجي والثقافي, من خلال تطوير التعليم, وتعزيز دور مؤسساتنا الدينية العريقة, وعلي رأسها الأزهر الشريف, لدحض الأفكار المتطرفة التي تبثها المنظمات الإرهابية, بحيث يتم من خلال منظومة فكرية وثقافية متكاملة نشر وإعلاء قيم الدين السمحة, وتعزيز مبادئ المواطنة, والتسامح والتعايش المشترك, حتي تصبح أفعالا وممارسات مجتمعية راسخة, لا تترك مجالا من جديد لقوي الظلام تلك أن تنمو وتنتشر. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو, إنه لمن دواعي الأسف أن نري بعض القوي تستغل الظروف غير المسبوقة التي تمر بها منطقتنا, لتعزيز نفوذها وبسط سيطرتها, فقامت تحت مسميات وتبريرات مختلفة, بالتدخل في شئون الدول العربية, سواء من خلال التدخلات السياسية, أو العسكرية والأمنية, لا يعنيها في سبيل تحقيق ذلك أن تتفكك مؤسسات هذه الدول, أو أن تتهدد وحدة أراضيها وسلامة شعوبها. وأقول لكم بكل الصراحة والصدق, إننا يجب علينا جميعا, اتخاذ موقف واضح وحاسم إزاء هذه التدخلات, موجهين رسالة قاطعة, بأننا لن نسمح لأي قوة كانت بالتدخل في شئوننا, وأن كافة المحاولات التي تسعي للهيمنة المذهبية أو العقائدية, أو فرض مناطق نفوذ داخل أراضي الدول العربية, ستواجه بموقف عربي موحد وصارم, عازم علي حماية مؤسسات الدولة الوطنية, وقادر علي صيانة مقدرات الشعوب العربية, والوفاء بحقوقها في العيش الكريم والتنمية. الأشقاء الأعزاء, لعل الحالة الأكثر وضوحا للأزمات التي تواجه منطقتنا, هي المأساة المتواصلة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق والعزيز, والمعاناة الإنسانية الهائلة التي يعيش فيها, وهو يواجه التحديات الجسيمة في تلبية تطلعاته المشروعة نحو الحرية والكرامة والعدل, في الوقت الذي ينتشر فيه الإرهاب والاستقطاب الطائفي والمذهبي في ربوع الدولة السورية, التي تشهد تدخلا خارجيا غير مسبوق في شئونها ومقدرات شعبها. ورغم عمق المأساة, فإن الأسابيع الماضية قد شهدت تطورا إيجابيا, تمثل في استئناف المفاوضات في جنيف, بعد ما يقرب من عام علي توقفها, فضلا عما تم التوصل إليه من اتفاق علي جدول أعمال موضوعي, وبزوغ إمكانية للخروج من السجال العقيم حول القضايا الإجرائية, لمناقشة جوهر المشكلة وفرص تسويتها, علي أساس قرارات الأممالمتحدة ذات الصلة. ودعوني أؤكد في هذا السياق, أن الحل السياسي للأزمة السورية, هو السبيل الوحيد القادر علي تحقيق الطموحات المشروعة للشعب السوري, واستعادة وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية, والحفاظ علي مؤسساتها الوطنية والقضاء علي خطر الإرهاب والمنظمات المتطرفة, وتوفير الظروف المواتية لإعادة إعمارها وبنائها من جديد. لقد ساهمت مصر, ولا تزال, في مختلف الجهود الدولية التي تم بذلها لحل الأزمة السورية, انطلاقا من مسئوليتها التاريخية والقومية, وستظل مصر متمسكة بالحل السياسي التفاوضي, وبدعم المسار الذي تقوده الأممالمتحدة في جنيف. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو, لا تزال الأزمة الليبية مستمرة لعامها السادس, ولا يخفي عليكم مدي اهتمام مصر وحرصها علي استعادة الاستقرار في هذه الدولة الشقيقة, التي تربطها بمصر علاقات جوار مباشر وصلات شعبية ضاربة في أعماق التاريخ, ورغم توصل الأشقاء الليبيين إلي اتفاق سياسي في الصخيرات في عام2015 لإنهاء الأزمة, إلا أن الخلاف لا يزال قائما حول سبل وآليات تنفيذه, وهو ما يعكس أهمية مواصلة العمل نحو تشجيع الأشقاء في ليبيا, علي إيجاد صيغة عملية لتنفيذ الاتفاق السياسي, والاستمرار في مناقشة النقاط والموضوعات المحدودة العالقة, التي تحتاج إلي التوصل إلي توافق حولها بين الأطراف الليبية. ولن تدخر مصر جهدا في سبيل دعم جهود التوصل إلي حل ليبي توافقي, وستستمر في التعاون مع دول جوار ليبيا ومختلف القوي الدولية والإقليمية, والأممالمتحدة والجامعة العربية, من أجل الدفع قدما بمسار التسوية السياسية بدون تدخل خارجي, حتي يتمكن الشعب الليبي الشقيق من استعادة أمنه واستقراره, ويقضي علي الإرهاب والتطرف, ويحفظ وحدة الأراضي الليبية وسلامتها الإقليمية ويصون مقدراتها. السيدات والسادة, إن مساعي قوي الظلام والإرهاب لتفكيك الدولة الوطنية بجميع أرجاء الوطن العربي, لا تزال مستمرة, بل امتد تهديدها عبر السنوات الماضية إلي اليمن الشقيق, الذي ما زال يعاني من دعوات الاستقطاب المذهبي والطائفي. وتجدد مصر التزامها بدعم اليمن ومؤسساته الشرعية, كما أنها حريصة علي تقديم العون الإنساني وتأمين وضمان حرية الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر, وتؤكد مصر أيضا أهمية التعجيل باستئناف المفاوضات, للتوصل إلي حل سياسي علي أساس قرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. ومن جهة أخري, فإن العراق الشقيق يواجه بشجاعة الإرهاب وقوي الظلام, وأود أن أعرب في هذه المناسبة عن دعمنا الكامل للعراق الشقيق في حربه ضد التطرف, والتي قطع الشعب العراقي الباسل فيها أشواطا كبيرة نحو استعادة سلطة الدولة الوطنية, وبات قاب قوسين أو أدني من الإعلان عن تحرير كل المناطق التي استولي عليها الإرهابيون. وتري مصر أن المعركة التي يخوضها العراق الشقيق ضد داعش هي معركتنا جميعا, نحارب فيها من أجل هويتنا ومستقبل أبنائنا, وحقهم في العيش في وطن آمن ومستقر, يحتضن التنوع ويرفض التطرف, ويعلي قيم التسامح وقبول الآخر, وعلي قدر أهمية نجاح العراق الشقيق في معركته ضد الإرهاب في الموصل, فإن الجهود الدءوبة التي يشهدها حاليا لتحقيق المصالحة الوطنية والمجتمعية بين مختلف مكونات الشعب, تعد أيضا ضرورية من أجل استعادة الدولة الوطنية, وستدعم مصر كل جهد لتحقيق هذين الهدفين, وترحب بكل خطوة تستعيد العلاقات الطبيعية بين العراق وسائر أشقائه العرب, بما يعيد لهذا البلد الشقيق والمحوري, دوره الطبيعي في منظومة الأمن القومي العربي, والعمل العربي المشترك. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو, تظل القضية الفلسطينية, قضيتنا الأولي والمركزية في قلب وعقل كل عربي, وإنه لمن دواعي الأسف أن تستمر عصية عن الحل علي مدار عدة عقود, ومع استمرار هذا الوضع الذي نرفضه جميعا, تتصاعد حدة ووتيرة الأزمات التي تعاني منها الدول العربية, والعالم بأسره. لقد سعت مصر, ولا تزال, إلي التوصل إلي حل شامل وعادل لتلك القضية, يستند إلي إقامة الدولة الفلسطينية علي حدود1967 وعاصمتها القدسالشرقية, وقدمت كل نفيس وغال في سبيل دعم الشعب الفلسطيني, وإنهاء الاحتلال والمعاناة التي يمر بها هذا الشعب الشقيق, من منطلق مسئولياتها تجاه القضية وتجاه أمتها العربية والإسلامية, كما تسعي جاهدة من خلال تواصلها مع كافة الأطراف الدولية والإقليمية, لاستئناف المفاوضات الجادة الساعية إلي التوصل إلي حل عادل ومنصف, يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني, وفق الأسس والمرجعيات الدولية المتفق عليها. وتجدد مصر التزامها الكامل بمواصلة السعي نحو التوصل إلي حل لتلك القضية, يستند إلي موقف الدول العربية الساعي لإرساء السلام في تلك البقعة الغالية, انطلاقا من مبادرة السلام العربية, وبما يعزز من الاستقرار في كافة أنحاء المنطقة والعالم, ويساهم في بدء عملية تنمية حقيقية, تلبي طموحات الشعوب العربية وتطلعاتها لعيش حياة كريمة مزدهرة. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو, تؤمن مصر بأن العمل العربي المشترك, هو أساس الحل لمختلف القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة العربية, ومن هذا المنطلق, سعت خلال العام الماضي باعتبارها الممثل العربي في مجلس الأمن, إلي تنسيق المواقف بين الدول العربية, وتسليط الضوء علي مختلف القضايا التي تهم المنطقة, ووضعها في صدارة أولويات المجتمع الدولي. إن استعادة الجسد العربي عافيته, أصبح أمرا حتميا لمواجهة ما يهدد الأمة من مخاطر, وفي سبيل تحقيق ذلك, فإنه لا غني عن مؤسسات العمل العربي المشترك, وعلي رأسها جامعة الدول العربية, التي سعت منذ تأسيسها إلي تحقيق مصالح الدول العربية وشعوبها. وفي هذا الإطار, تؤكد مصر دعمها الكامل لجهود الأمين العام, في تطوير وإصلاح الجامعة العربية, تلك الجهود التي تهدف إلي استعادة التنسيق بين الدول الأعضاء, وتعزيز العمل العربي المشترك, بما يحافظ علي وحدة صف الدول العربية, التي تتشارك معا في ذات الأهداف والطموحات. وفي الختام, لا يسعني سوي أن أجدد شكري لأخي, جلالة الملك عبد الله الثاني, والمملكة الأردنية الشقيقة, علي استضافة أعمال قمتنا العربية, التي نأمل جميعا أن تساهم في صياغة واقع جديد, ومستقبل أفضل لكافة الشعوب العربية.