هناك شخص واحد يدعي مارجريت تاتشر في بريطانيا.. هذا ما قالته رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي للصحفيين في بروكسل عند سؤالها عن المفاوضات في بروكسل حول خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والمعروف اعلاميا باسم( بريكست) والتي قررت بريطانيا امس بدء خروجها من الاتحاد اعتبارا من الاربعاء المقبل. فقد أعلنت الحكومة البريطانية انها ستفعل المادة50 من معاهدة لشبونة في29 مارس الجاري لتطلق بذلك رسميا عملية الانفصال عن الاتحاد. جاء قرار ماي بعد اسبوع من الشغب داخل الحكومة والتي واجهت فيه حربا علي جبهتين, بنفس الطريقة التي قابلتها تاتشر المرأة الحديدية قبل ذلك خلال اصعب ايامها ابان رئاستها للحكومة البريطانية, عندما تحدثت عن اقرار الشيء علي حساب العدو والصديق. واذا اردنا رصد التشابهات بين الشخصيتين, تاتشر وماي في التاريخ والحاضر, فان تاتشر, المعروفة بالمرأة الحديدية, واجهت مشكلتين علي التوالي, الديكتاتورية العسكرية الارجنتينية التي احتلت جزر فولكلاند وهو ما جعل الاقتصاد البريطاني يمر بأزمة في1982, ما دعي تاتشر للدخول في حرب طويلة ومكلفة ضد الأرجنتين من أجل استرجاع الجزر, حتي ربحتها ورفع رصيدها السياسي لدي النواب المحافظين وغالبية البريطانيين. اما المشكلة الثانية, فكانت اتحاد العمال الذي كان بمثابة صداع في رأس الحكومات المتعاقبة حتي تمكنت من القضاء علي مشاغباته. من وجهة نظر ماسر هول, المحرر السياسي في صحيفة ديلي اكسبريس البريطانية ان ماي تواجه الآن التوأم المكافئ من الاعداء وهما ديكتاتورية بروكسل في جنيف والانفصاليين في اسكتلندا, فكلاهما يهددان المملكة المتحدة والبقاء السياسي لها كرئيسة وزراء بريطانيا. تعتزم ماي افساد التحالف الحالي ما بين اسكتلندا وفرنسا ضد بريطانيا عن طريق ضرب محاولات نيكولا ستيرجون رئيسة وزراء اسكتلندا وزعيمة الحزب القومي الاسكتلندي في اعادة استفتاء2014 الخاص باستقلال اسكتلندا عن بريطانيا علي امل اخفاء صدي هزيمة انفصالييها ولجعله شبه اضراب محسوب لخلق صعوبات شديدة حول مفاوضات البريكست. ويقول المحلل السياسي انه في مخطط ماي ان يلعب الاتحاد الاوروبي دور القوة الاوروبية التي تقف بجانب الاستكلنديين, وبينما يصبح راسماليو اليورو حذرين من التكاليف الاقتصادية الناجمة عن ترحيبهم بديون فصل استكلندا عن الكتلة البريطانية, فليتحرك الاتحاد ايضا لرأب الصدع بين ادنبرة وويستمينستر كنقطة ضعف يمكن استغلالها في مشاحنات اتفاق البريكست. واضاف ان تاتشر تعلمت سريعا ان رئيس الوزراء هو شخص واحد, فان حكم السيدة ماي لمدة6 سنوات بهذا الحصار العقلي والتغيرات المتتالية سوف يدخلها ايضا في حالة من العزلة.