غيب الموت أمس فنانة نادرا ما تجود بمثلها الشاشة إنها الفنانة كريمة مختار التي رحلت عن عالمنا عن عمر يناهز82 عاما وتشيع جنازتها عقب صلاة الجمعة, من مسجد عمرو ابن العاص, وتدفن في مقابر الأسرة, بينما تقرر إقامة العزاء يوم الاثنين المقبل في مسجد الشرطة بالدراسة. رحلت كريمة مختار أو ماما نونه تاركة خلفها العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية التي أثرت وجدان المشاهد, وجعلته في ارتباط دائم بهذه السيدة التي يشعر كل من يقترب منها وكأنها أمه, ولعل هذا هو السبب الذي جعل كل شخص سبق له التعامل معها أن يتملكه شعور فقدان الأم.. الدور الذي قدمته باقتدار شديد, ولم ينافسها فيه سوي الراحلة أمينة رزق لتكمل من بعدها حتي أطلق عليها ماما الفن, ليتأكد هذا الاسم عقب تقديم دور ماما نونه في مسلسل يتربي في عزو. لعل قارئ هذه السطور يتذكر بعضا من أعمالها السابقة والتي تركت أثرا كبيرا في ذاكرة المشاهد لن يمحوه الزمن, ومن بين أبرز هذه الأدوار زينب في فيلم الحفيد لم تمانع كريمة من تقديم دور الأم لجامعيين مثل ميرفت أمين ومني جبر, بل وفي نهاية الفيلم تصبح جدة وعمرها لا يتجاوز وقتها الأربعون عاما, إلا أن كل من شاهد العمل بما تحمله من جمل حوارية لم ينتابه شك للحظات في أنها هي الأم, ويبدو أن نجاح شخصية زينب كان مبررا لإعادة تقديم الدور مرة أخري ولكن في مسرحية العيال كبرت والتي حققت نجاحا مدويا ولا تزال رغم أن جميع أبطال المسرحية قد رحلوا عن دنيانا. الأمر لم يختلف في الفيلم الكوميدي رجل فقد عقله حيث قدمت دور الأم فهيمة التي أهملت نفسها لانشغالها في أمور المنزل لتكتشف خيانة زوجها فتقرر أن تغير من نفسها لنشاهد مباراة تمثيلية قدمتها الفنانة الراحلة بشكل متميز, وكذلك يا رب ولد, ولا ينسي المشاهد دورها المميز في مسلسل البخيل وأنا من خلال شخصية حكمت تلك المرأة أو الأم المغلوبة علي أمرها لما تعانيه من بخل زوجها ومعاناتها معه, وكذلك نحن لا نزرع الشوك. ولا يغفل أدوارها التي قدمتها في السنوات الأخيرة وتحديدا في فيلم الفرح حيث قدمت دور أم زينهم والتي قدمت فيها أحد أقوي المشاهد التي جاءت بالفيلم وتحديدا في مشهد خلافها مع نجلها خالد الصاوي والمشهد الآخر وهي تحاول إقناع الراقصة سوسن بدر بأن الرقص حرام وبعد ان روت لها الراقصة ظروفها الصعبة أعطتها أموال حتي لا تعمل بهذه المهنة. وكذلك دورها في ساعة ونص أم عبده تلك السيدة التي تركها نجلها تجلس في محطة القطار علي امل رجوعة ليهرب منها وتظل طوال الفيلم مقتنعة بعودة ابنها إليها مرة أخري, قبل أن يخبرها الكمسري بأن الورقة التي تركها ابنها معها تقول لمن يقرأها أنه هرب منها وأن من يجدها يودعها بأحدي دور المسنين, فتحزن لأنها تعتقد أنها السبب حينما أخبرته بأن دواء السكر الخاص بها قد نفد, وهنا يبكي بائع الكتب من طيبة الأم رغم قسوة الابن, وأخيرا الدور الذي جذب كافة الانظار في مصر والوطن العربي إليه هو يتربي في عزو والذي قدمت خلاله دور ماما نونا تلك السيدة التي يعتبرها الجميع أمهم وهو دورها أيضا في الحقيقة لتكون الحلقة الأخيرة بمثابة الفاجعة لأبطال العمل وللمشاهد بعد وفاة ماما نونا, ولعل الرابط بين كل هذه الأعمال هو دور الأم البسيطة المهمومة بمطالب ابنائها وزوجها وهو الدور الذي ارتضت به كريمة مختار منذ بدايتها وحتي وفاتها لتنجح بشكل كبير في تقديم هذه النوعية من الدور لدرجة إقناع المشاهد أنه يشاهد والدته علي الشاشة, قبل أن ترحل وتحزن القلوب, ولا يملك المشاهد غلا أن يتذكرها بأعمالها الجيدة وبساطة الأداء الذي تملكت به القلوب.