تتداخل الأصوات في الحارة الضيقة, الجارات يثرثرن حول يومهن الطويل, يتناقلن أخبار من حضر ومن غاب, يشتكين غلاء الأسعار وندرة السلع, يتشاورن فيما سوف يجهزنه من طعام, يتبادلن دواء الكحة وطبق طعام, ويقتسمن رغيف خبز وبرتقالة, والأطفال يلعبون, يمرحون ويتشاجرون, أصواتهم عالية صاخبة, تغطي علي صوت التلفاز في الشقة المقابلة, وتشوش علي تلاوة عذبة تنبعث من راديو يشغله عم سيد البقال في دكانته الصغيرة منذ الصباح علي إذاعة القرآن الكريم. أما محمود, فإنه يتابع كل هذا الصخب, يشغل به وقته الطويل الذي يقضيه ملازما لسريره في غرفته الضيقة, لا يغادر فراشه إلا نادرا, لا يري ضوء الشمس, ولا يتنفس إلا الهواء الذي يعبق في الحارة محملا بروائح البيوت المتلاصقة, لا يعرف إلا القليل من جيرانه يأتون لزيارته علي فترات متباعدة, لا تشغله الدنيا ولا ما تموج به من أحداث, فقط يشغله عالمه الصغير وأهم ما فيه أمه التي تعبت كثيرا معه, وأبوه الذي يعاني ليوفر له طعامه ودواءه بقدر ما يستطيع, وإخوته يرمقونه بحب, يسلونه ويسامرونه ويلبون طلباته بمجرد الإشارة. محمود في الواحدة والعشرين من عمره, شاب لكن لا عنفوان ولا قوة ولا حول له كأقرانه, فمنذ مولده وهو يعاني ضمورا في المخ, وشللا نصفيا أقعده عن الحركة, دار به والده علي الأطباء والمستشفيات بحثا عن علاج, كان ذلك منذ زمن طويل, لكن الحالة استقرت هكذا, ولم يعد هناك أمل في التحسن أو الشفاء, فقط متابعة وعلاج حتي لا تتدهور حالته إلي الأسوأ. والد محمود رجل مسن, لا دخل ثابت له, يعمل ما تيسر من أعمال, أرزقي علي باب الله, والأسرة حالتها المادية متعسرة, ومع ذلك لم تقصر مع محمود, ولم تضق ذرعا به, هو ابنهم له مكانه في القلب, ولأنه عاجز عن الحركة ومريض, فإن شفقتهم به زادت محبته عندهم, يهتمون لشأنه, ويبذلون أقصي ما يستطيعون من جهد لتسهيل الحياة عليه, يوفرون من قوتهم ولقمتهم ثمن دوائه وما يحتاج إليه. تعيش الأسرة في ضنك من العيش, تتلقي مساعدات من الجيران والأقارب وكلهم رقيقو الحال وفقراء, ويمد بعض أهل الخير يد العون للأب لمساعدته علي تلبية احتياجات الابن المريض وباقي أفراد الأسرة, وتمر الأيام ويمضي قطار الحياة رغم الصعوبات, لكن الظروف تتغير, الأسعار تتضاعف, والغلاء الفاحش يضغط علي الفقراء, فتقل المعونات التي يتلقونها من أهل الخير, وتزداد تكلفة الطعام والدواء, حتي إن محمود وحده يحتاج إلي علاج شهري يتجاوز600 جنيه, وهو مبلغ كبير بالنسبة لهذه الأسرة الفقيرة, بل هي أسرة معدمة. يناشد والد محمود, الذي يقيم في حارة سعد الغفير من ش المدرسة, عرب العبابدة, الخانكة, أهل الخير وأصحاب القلوب الرحيمة مساعدته في تدبير نفقات ابنه محمود العاجز عن الحركة لإصابته بشلل نصفي وضمور في المخ, والذي يحتاج إلي متابعة دورية بالمستشفي مرتين في الشهر, وتدبير نفقات أسرته المعدمة, ويوجه نداءه ومناشدته أيضا إلي محافظ القليوبية