وسط حضور عربي وإفريقي كبير يتقدمه النجم عادل إمام, وبحضور وزير الشئون الثقافية التونسي محمد زين العابدين ومدير أيام قرطاج السينمائية المخرج إبراهيم لطيف, اكتسح الفيلم المصري اشتباك, للمخرج محمد دياب, جوائز المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة, أكبر وأهم أقسام الدورة27 من المهرجان الذي اختتم الليلة الماضية بقصر المؤتمرات بالعاصمة تونس, حيث فاز بالتانيت الفضي- الجائزة الثانية للأيام, وجائزتي أفضل تصوير لأحمد جبر وأحسن مونتاج لأحمد حافظ. تسلم الجوائز الثلاث الفنان طارق عبد العزيز, الوحيد الحاضر من أسرة الفيلم, الذي كانت الأهرام المسائي قد رشحته للفت نظر لجنة التحكيم الرئيسية, برئاسة المخرج الإفريقي الكبير عبد الرحمن سيساكو, لأنه يقوم بالدور التاريخي الأثير للسينما: طرح الأسئلة, مع الحرص علي عدم السعي إلي أي إجابات, بل والتأكد من عدم الحصول عليها, دون شعارات فارغة أو ادعاءات مغرضة, وعلي خلفية تقنية قوية, حيث اختار مخرجه, الذي كتب السيناريو أيضا بالاشتراك مع شقيقه خالد, ألا تخرج الكاميرا من سيارة ترحيلات حديدية صغيرة مطلقا, في مساحة تصوير لا تزيد علي8 أمتار مربعة, ووسط العديد من الشخصيات, ورغم ذلك تمكن صناع الفيلم من إضفاء العمق علي الصورة والأحداث معا. اللافت أيضا أن الالتزام بالصندوق الحديدي لم يعزل دياب وفريقه عن المجتمع الذي يعبرون عنه, حيث تواصلوا معه بلقطات موحية ومختارة بعناية للبيوت والسيارات الأخري في الطريق من داخل هذه السيارة الصماء, ومن خلف نوافذها الصغيرة المغطاة بالأسلاك, مما حول تلك اللمحات العابرة إلي نظرة خاصة علي الثورة المصرية, والربيع العربي كله, يمكنك التحفظ عليها, لكن عليك أن تحترمها. والمعروف أن الفيلم عرض في افتتاح قسم نظرة ما الرسمي والرئيسي بالدورة69 من مهرجان كان السينمائي الدولي في مايو الماضي, كما اختير لتمثيل مصر في مسابقة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية. كما فازت مصر بتنويه خاص للفيلم القصير عين الحياة, للمخرجة وفاء حسين, والذي شارك في مسابقة السينما الواعدة الرسمي. وذهب التانيت الذهبي إلي الفيلم الوثائقي التونسي زينب تكره الثلج, للمخرجة كوثر بن هنية, وهو يدور حول انتقال أسرة تونسية صغيرة للحياة في كندا, مع ما يستتبعه ذلك من آثار. وفاز الفيلم الفلسطيني3000 ليلة, للمخرجة مي المصري, بالتانيت البرونزي, كما تحصل علي جائزة أحسن سيناريو لمخرجته, وذلك لأنه يظل متفردا, مختلفا عن جميع الأنماط والأنواع, ومتمتعا بطابع إنساني شجي وروح حميمة خاصة, حيث يدور بالكامل تقريبا داخل معتقل إسرائيلي للسجينات الفلسطينيات والإسرائيليات, لكنه أعمق من مجرد استعراض الحياة والمعاناة اليومية للسجينات داخل السجن أو سرد تفاصيل محاولة مجموعة منهن الهروب علي سبيل المثال. ويعد العمل, وهو الفيلم الروائي الطويل الأول لمي, بل فيلمها الروائي الأول بشكل عام, واحدا من أنضج وأفضل الأفلام التي صنعت عن القضية الفلسطينية بشكل عام, وعن المرأة الفلسطينية بشكل خاص, حيث وضعت فيه مي خلاصة خبرتها الطويلة في صناعة السينما الوثائقية منذ عام1983, سواء بمفردها أو بالاشتراك مع زوجها المخرج جان شمعون. ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الكبري للفيلم الوثائقي السنغالي الثورة لن تذاع عبر التليفزيون, وهو عن نضال الشعب السنغالي للخلاص من حكم الرئيس عبد الله واد. وفاز الفيلم الفرنسي التونسي الروائي الطويل شوف, للمخرج الفرنسي التونسي بدوره كريم دريدي, بجائزتي أحسن ممثل لبطله فؤاد نبع وأفضل موسيقي, وهو يدور في عالم تجارة المخدرات بمدينة مرسيليا الفرنسية المكتظة بالمهاجرين العرب, والمقصود بتعبير شوف الأشخاص الذين يحرسون ويراقبون عمليات الاتجار لتنبيه من يقومون بها بقدوم الشرطة أو غيرها, أي الناضورجية بالتعبير المصري الدارج, وهو عمل بديع وشديد الواقعية. وذهبت جائزة أحسن ممثلة مناصفة إلي بطلتي فيلم(Divines), أو إلهيات(105 دقائق), عليا عمامرة وديبورا لوكوميونا, وهو من إخراج هدي بنيامينا(35 عاما), الفرنسية من أصل مغربي, ويعد فيلمها الروائي الطويل الأول وفازت عنه بجائزة الكاميرا الذهبية من مهرجان كان الأخير, وهو عن ازدواجية الالتزام بالدين وتجارة الممنوعات في نفس الوقت.. ويدور حول دنيا, التي تعيش في حي يعج بالمتأسلمين في باريس ويمارس جميع أنواع التجارة غير المشروعة, والتي تقرر- تحت وطأة سعيها للسلطة والمال والنجاح. وعرفت الأوساط السينمائية الدولية هدي بعد فيلمها القصير الثاني علي درب الجنة, الذي نال عدة جوائز بينها سيزار للفيلم القصير عام.2013