كانت بخيتة تتمتع بنشاط كبير فعلي الرغم من مرور السنين التي رسمت علي وجهها تجاعيد الشيخوخة إلا أن عزيمتها لم تهن ولم تلن, فقد كان إصرارها علي مواصلة الحياة بحلوها ومرها يدعو للدهشة ويكشف عن صلابة معدن الشخصية المصرية.. مع بزوغ الشمس تستيقظ بخيتة لبدء يوم طويل في القيام بواجبات منزلها حتي لا تكون عبئا علي أبنائها الذين طلبوا منها ترك الأعمال المنزلية لزوجاتهم شريطة أن تخلد هي للراحة بعد أن تجاوز عمرها الستين عاما ولكنها رفضت ذلك بشدة. وفي صباح يومها الأخير.. خرجت بخيتة لشراء بعض مستلزمات المنزل من سوق قريتها بأولاد نصير بمركز سوهاج وأثناء عودتها شرعت في عبور شريط السكة الحديد متجهة إلي منزلها ولكنها شاهدت أحد القطارات قادما نحوها فأسرعت الخطي... لكن أقدامها تعثرت في القضبان لتسقط علي وجهها.. وعندما حاولت أن تلملم شتات نفسها..كان القدر أسرع واقترب القطار علي بعد خطوات منها فهشم رأسها والتهم جسدها النحيل وحوله إلي أشلاء. ظل عز الدين منتظرا عودة والدته ولكنها تأخرت كثيرا فخرج من المنزل لاستطلاع الأمر فأخبره أهل القرية عن وجود جثة مجهولة علي شريط السكة الحديد لم يتعرف عليها أحد فأسرع الخطي وقلبه يحدثه أنها جثة والدته وعندما اقترب.. عرفها من ملابسها. تم نقل الجثة للمستشفي وأخطرت النيابة لمباشرة التحقيق; وكان اللواء مصطفي مقبل مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج تلقي بلاغا من مأمور مركز شرطة سوهاج يفيد بالعثور علي جثة سيدة علي شريط السكة الحديد أمام قرية أولاد نصير فانتقل علي الفور اللواء خالد الشاذلي مدير إدارة البحث إلي مكان البلاغ, وبالفحص تم العثور علي أشلاء جثة لسيدة مجهولة الهوية في العقد السادس من العمر وترتدي جلبابا أسود ولم يستطع أحد من أهالي المنطقة تحديد ملامحها نظرا لتهشم الرأس ويرجح أن القطار رقم711 أسيوطسوهاج اصطدم بها أثناء عبورها شريط السكة الحديد من مكان غير مخصص لعبور المشاة. حضر نجلها عز الدين31 عامل وقرر أن الجثة لوالدته61 سنة ربة منزل, مضيفا بأنها خرجت لشراء بعض مستلزمات المنزل ولم يتهم أحدا بالتسبب في ذلك. بتوقيع الكشف الطبي علي الجثة بمعرفة مفتش الصحة أفاد بعدم وجود شبهة جنائية في الوفاة وأيدت تحريات إدارة البحث الجنائي ذلك, تم إخطار النيابة فصرحت بدفن الجثة وباشرت التحقيق.