رغم أن تقليد المناظرات بدأ في أمريكا عام1960 بين كيندي ونيكسون, إلا أن هذه المناظرة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب هي الأهم باتفاق الجميع, كونها بين مرشحين غير محبوبين تحيط بهما الشكوك من جانب الناخبين الأمريكيين وخصوصا الشباب منهم. كانت المناظرة في السادس والعشرين من سبتمبر, غير أنها سبقت بأسبوعين من التوقعات والاستقطابات المريرة والدعم للمرشحين من الصحف والشخصيات والتنظيمات المختلفة.منذ أسبوعين أرسل375 عالما من أكاديمية البحث العلمي الأمريكية, منهم30 حاصلا علي جائزة نوبل, بيانا مفاده أن فوز ترامب بمنصب الرئاسة سيمثل نكبة علي التغيرات المناخية طبقا لتصريحاته المتكررة بعدم جدوي الاهتمام بها وبأبحاثها وأنها عملية نصب اخترعها الصينيون وأنه سيلغي اتفاقية باريس التاريخية بصددها. كان الوصف العالمي لغالبية الصحف أن ترامب غير مؤهل ولا يستحق منصب الرئيس الأمريكي وأنه يمثل خطرا شديدا علي الجميع لو حدث ذلك. وفي يوم السبت الرابع والعشرين أعلنت نيويورك تايمز تأييدها لكلينتون وأضافت:نحن لا نهدف فقط لمجرد التأييد لكلينتون ولكننا نحاول إقناع المترددين للتصويت لها أن يحسموا أمرهم وينتخبوها لأن ترامب هو أسوأ مرشح لمنصب الرئاسة في تاريخ أمريكا الحديث..وأن تأييدنا لها مبني علي قدراتها وصلابتها وخبرتها وشجاعتها وحنكتها السياسية..خدماتها المعروفة لم تقتصر علي قضايا المرأة ولكن شملت قضايا الأطفال والأسرة..وخلصت الصحيفة بعد السرد الطويل لمزايا وعيوب كلا المرشحين أن ترامب يجب ألا يصبح رئيسا لأنه كاذب وعنصري كريه وغير صادق الوعود. وفي يوم السبت أيضا كتب محرر مجلة نيويوركر المشهورة مقالا عنوانه ضرورة دعم هيلاري واصفا الانتخابات المقبلة بالأهم في حياة أمريكا الحديثة, وأنه سينتخبها لأنها جعلت حياتها كلها في الخدمة العامة وتحسين حياة الأطفال والمحرومين وأنها ذكية وقوية وعلي قدر كبير من المعرفة والثقافة وأنها صاحبة خبرة غير عادية وقادرة علي مواجهة التحديات والمخاطر وأنها مهتمة بالبيئة والمخاطر التي تحيط بالبشرية وأنها تفهم الأقليات في أمريكا..بالمقارنة فإن ترامب يسخر من النساء والمعاقين وأبطال الحرب الأمريكيين وأنه شديد الإعجاب ببوتين وأنه قد يكون متواطئا في أعمال قذرة معه..وقبل المناظرة بيوم عددت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أكاذيبه غير المسبوقة في التاريخ الحديث, ومنها كذبه أن الضرائب في الولاياتالمتحدة هي الأعلي في العالم, وأن أوباما مولود خارج أمريكا, وأنه كان ضد الحرب علي العراق. قبل المناظرة بست ساعات نصحت مجلة تايم هيلاري بأن تتحدي ترامب في المناظرة وأن تضغط عليه لتجبره علي أن يظهر حقيقته وليثبت للعالم انه غير لائق للوظيفة. استمرت المناظرة90 دقيقة وشاهدها أكثر من80 مليون أمريكي وكانت أشرس مناظرة في تاريخ الانتخابات الأمريكية..كانت مثل مقابلة لوظيفة الرئاسة الأمريكية أمام العالم كله بين شخصين أحدهما مستعد ومؤهل والآخر جاهل وغير مستعد ومغرور..كان هجومه عليها أنها مجرد كلام ولا عمل..وقاطعها أكثر من51 مرة طبقا لإحصائيات المناظرة..واتهمها بأنها كانت وراء ظهور داعش. من جانبها وصفته أنه مجرد رجل أعمال يتهرب دائما من دفع الضرائب..وأنه أشهر إفلاسه ست مرات ليتهرب من دفع أجور العاملين لديه..وأنه دائما ضد النساء ودائم السخرية منهن ومن مناظرهن. كانت مستعدة وذات خبرة, وكان ترامب فارغا جاهلا وغير مستعد..كان علي شاكلة أسلوبه الذي استخدمه في مناظرات الانتخابات المبدئية وطريقته التي استطاع من خلالها استمالة بسطاء الحزب الجمهوري غير المتعلمين والعنصريين والذين لا يهمهم أي معلومات محددة..إضافة الي أن هيلاري تملك من الخبرة والحنكة أكثر بكثير من كل الخصوم السابقين الذين واجههم ترامب فيما سبق..بسبب هذا كله كانت هيلاري كلينتون الفائزة في المناظرة بنسبة62%..ترامب27% طبقا لسي.إن.إن.