عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ثلاثة لاترد دعوتهم, الصائم حتي يفطر, والإمام العادل, ودعوة المظلوم, يرفعها الله فوق الغمام, وتفتح لها أبواب السماء, ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين وفي رواية: ثلاث دعوات مستجابات: لا شك في إجابتهن: دعوة المظلوم, ودعوة المسافر, ودعوة الوالد علي الولد أخرجه الترمذي, وأخرج أبو داود الثانية, وقال: دعوة الوالد, ودعوة المسافر, ودعوة المظلوم.. ذكر رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف بروايتيه خمسة لاترد دعوتهم فماذا عن الإمام العادل, وماذا له من منزلة في دين الله ولماذا كان ممن لاترد دعوتهم؟ونقول الإمام العادل صمام الأمان لأمته, به يعتدل طريقها وينتظم أمرها وتشرق شمس السعادة والمحبة والأمان في أرجائها وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في بيان مكانة الإمام العادل وما أعد الله له من الثواب وما عليه من الواجبات والمسئوليات, كما وردت ببيان عاقبة من خان من هؤلاء الولاة وغدر مما تقشعر منه الأبدان, ونظرا لأن المقام لايسمح بعرض ماجاء في ذك ترغيبا وترهيبا فإنه لايفوتنا أن نتوقف عند وصية جامعة للإمام الحسن البصري رحمة الله أوصي بها الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز حين طلب من الحسن النصيحة بعد أن تولي خلافة المسلمين فكتب إليه هذه الوصايا النورانية التي تصلح أن تقال لكل حاكم وأمير وولي أمر في المسلمين. س ماذا قال هذا الإمام عليه رحمة الله؟ قال: أعلم ياأمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل, وقصد كل جائر, وصلاح كل فاسد وقوة كل ضعيف, ونصفة كل مظلوم, ومفزع كل ملهوف, والإمام العادل ياأمير المؤمنين كالراعي الشفيق علي إبله, الرفيق الذي يرتاد لها أطيب المرعي, ويذودها عن مراتع الهلكة, أي يبعدها عن أماكن الهلاك] ويحميها من السباع, ويكنفها من أذي الحر والقر, أي يحميها من أذي الحر والبرد] والإمام العادل ياأمير المؤمنين كالأب الحفي علي ولده, ويسعي لهم صغارا, ويعلمهم كبارا, ويكتسب لهم في حياته, ويدخر لهم بعد مماته, والإمام العادل ياأمير المؤمنين كالأم الشفيقة, البرة الرفيقة بولدها, حملته كرها ووضعته كرها, وربته طفلا, تسهر بسهره, وتسكن بسكونه, ترضعه تارة وتفطمه أخري, تفرح بعافيته وتغتم بشكايته, والإمام العادل يا أمير المؤمنين وصي اليتيم وخازن المساكين, يربي صغيرهم ويمون كبيرهم, أي يوفر له المؤنة من طعام وشراب ونفقات] والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوانح: تصلح الجوانح بصلاحه وتفسد بفساده, والإمام العادل ياأمير المؤمنين هو القائم بين الله وبين عباده, يسمع كلام الله ويسمعهم, وينظر إلي الله ويريهم, وينقاد إلي الله ويقودهم, فلا تكن ياأمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد ائتمنه سيده واحتفظه ماله وعياله فبدد المال وشرد العيال, فأفقر أهله, وفرق ماله, وأعلم ياأمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش, فكيف إذا أتاها من يليها, وإن الله جعل القصاص حياة لعبادة, فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم, وأذكر ياأمير المؤمنين الموت ومابعده, وقلة أشياعك عنده, وأنصارك عليه, فتزود له, ولما بعده من الفزع الأكبر, وأعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذي أنت فيه, يطول فيه رقادك, ويفارقك أحبابك, يسلمونك في قعره فريدا وحيدا, فتزود له مايصحبك يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه.. إلي آخر هذه النصائح الغالية, والتي ترشدك إلي منزلة الإمام العادل وما عليه من واجبات ومثل هذا الإمام والحاكم والأمير جدير بأن يكون من زو السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, وأن يكون علي منبر من النور علي يمين عرش الرحمن يوم القيامة, وأن يكون ممن لاترد دعوتهم, فهل لمن تولي أمر الأمة في أي موقع من مواقع العمل أن يبذل جهده في تحري العدل فيما ولاه الله لينال هذا الشرف وهذا الفضل وذلك الثواب في الدنيا والآخرة؟