عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سمع النبيصلي الله عليه وسلم رجلا يدعو ويقول: اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت, الأحد الصمد, الذي لم يلد ولم يولد, ولم يكن له كفوا أحد, فقال: والذي نفسي بيده, لقد سأل الله باسمه الأعظم, الذي إذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطي , رواه ابن حبان في صحيحه, والإمام أحمد في مسنده, ورواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح] إذا تأملنا في كتاب ربنا وسنة نبينا صلي الله عليه وسلم لوجدنا ذلك واضحا, فمن أراد استجابة دعائه عليه أن يقدم بين يدي دعائه الثناء علي الله بما هو أهله وأن يظهر عبوديته له ثم يتبع ذلك بما يريد من خيري الدنيا والآخرة, والأمثلة علي ذلك كثيرة, فهذه سورة الفاتحة التي تقرأ في كل ركعة من ركعات الصلاة فرضا ونفلا, وتقرأ في غير الصلاةتقربا إلي الله تراها تبدأ بحمد الله وتصف الله بأنه رب العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, ثم تنقلنا إلي مقام المشاهدة لنعلن بين يدي ربنا أننا لانعبد غيره ولا نستعين بسواه, أما وقد أثنينا علي ربنا وأعلنا طاعتنا وحبنا وعبوديتنا وتوكلنا عليه آن لنا أن نطلب, فلنطلب أعظم ما يطلبه العقلاء من الناس, فلنطلب منه الهداية إلي صراطه المستقيم ولنحدد هذا الصراط فنقول: صراط الذين أنعممت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ولنختم هذا بقولنا آمين حينذاك تكون الإجابة, ودليل هذه الاستجابة ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال يقول الله تعالي: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين, فنصفها لي ونصفها لعبدي, ولعبدي ما سأل, إذا قال العبد( الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي, وإذا قال:( الرحمن الرحيم) قال الله: أنثي علي عبدي, وإذا قال:( مالك يوم الدين) قال الله: مجدني عبدي, وإذا قال:( إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي, ولعبدي ما سأل, فإذا قال:( اهدنا الصراط المستقيم, صراط الذين أنعمت عليهم غيرالمغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي, ولعبدي ما سأل والأمثلة علي ذلك من كتاب الله كثيرة. ونتساءل ماذا في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم من بيان لهذا الأدب العظيم في طريقة الدعاء لله رب العالمين؟. والجواب: روي البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل للصلاة قال: اللهم لك الحمد, أنت نور السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد, أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد, أنت الحق, ووعدك الحق, ولقاؤك حق, والجنة حق, والنار حق, والنبيون حق, والساعة حق, ومحمد حق, اللهم لك أسلمت, وبك آمنت, وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, وإليك حاكمت, فاغفرلي ماقدمت وما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, أنت إلهي لا إله إلا أنت فقدم هذا الثناء العطر علي ربه وأظهر استسلامه وعظيم إيمانه وحسن توكله وإنابته لمولاه ثم طلب منه جل جلاله أن يغفو له ما قدم وما أخر وما أسر وما أعلن, وقد شرح الله صدر نبيه وأعلي قدره وأخبره أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال:( إنا فتحنا لك فتحامبينا, ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما) وهذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها لما رأته يقوم الليل طويلا داعيا ضارعا باكيا قالت له: أتفعل هذا يارسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: ياعائشة أفلا أكون عبدا شكورا؟ وهذا مثال آخر يحفظه الكثير منا مما تعلمناه من رسولنا صلي الله عليه وسلم هو مايقوله من اشتد كربه وأراد أن يفرج الله همه وأن يكشف عمه: روي الإمام أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من كثر همه فليقل: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك, وفي قبضتك, ناصيتي بيدك, ماض في حكمك, عدل في قضاؤك, أسالك بكل اسم هو لك, سميت به نفسك, أوأنزلته في كتابك, أو أستأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي وجلاء همي وغمي, ما قالها عبد الا أذهب الله غمه وأبدله فرحا وقريب من هذا ما رواه الشيخان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم, لا إله إلا الله رب العرش العظيم, لا إله إلا الله رب الأرض, لا إله إلا الله رب العرش الكريم؟ فهل لنا أن نتوجه إلي ربنا بالثناء عليه وإعلان عبوديتنا له وحبنا له ليستجيب لنا الدعاء ويحقق الرجاء؟ أسال الله بنور قدسه وعظم طهارته وبركة جلاله أن يضرب علينا سرادقات حفظه وأن يدخلنا في حفظ عنايته وأن يجود لنا بخير من عنده, والحمدلله رب العالمين.