نعي الرئيس التركي عبدالله جول معلمه وأباه الروحي نجم الدين أربكان رئيس الحكومة الأسبق, كما نعاه زعيم العدالة والتنمية الحاكم رجب طيب أردوغان, وكان أربكان قد لفظ أنفاسه صباح أمس بعد متاعب في القلب عن عمر يناهز الخامسة والثمانين, ويعتبر اربكان المولود في سينوب المطلة علي البحر الأسود مؤسس الأحزاب ذات المرجعية الدينية في ظل الجمهورية العلمانية وبرز نجمه في نهاية الستينيات من القرن الماضي عندما أنتخب عضوا بالبرلمان عن مدينة كونيا جنوب العاصمة أنقرة وفي عام1970 أسس حزب النظام الوطني إلا أنه تم حله مع انقلاب1971 ثم عاد ودشن حزب السلامة الوطني عام1972 وليشارك في حكومة اليساري الراحل زعيم الشعب الجمهوري بولنت إجيفيت الإئتلافية وكان أحد المؤيدين بشدة للتدخل العسكري في شمال جزيرة قبرص وهو ما تم بالفعل في يوليو عام1974, وبعد انقلاب العسكريين الأتراك بقيادة الجنرال كنعان إيفرين عام1980 زج به في السجن وعقب خروجه, قام بتأسيس حزبه الشهير الرفاة ومع بداية عقد التسعينيات يتأكد وجود أربكان علي الساحة السياسية, وفي الانتخابات المحلية عام1994 حقق حزبه فوزا ملفتا مستحوذا علي بلديات كبري في مقدمتها اسطنبول والذي تبوأ منصب العمدة فيها رجب طيب أردوغان أحد تلامذة الهوجا( الخوجا) الكبير. وفي الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في الخامس والعشرين من ديسمبر عام1995 جاء ترتيب الرفاة في المركز الأول بنسبة قاربت22% وبعدد أصوات تجاوز الستة ملايين صوت متفوقا علي جميع الأحزاب العلمانية آنذاك, إلا أنه لم يتمكن من تشكيل الحكومة, إلا في منتصف1996, وبالاشتراك مع حزب الطريق القويم بزعامة السيدة تانسو تشيللر لتستمر سنة واحدة فقط بعد الانقلاب الأبيض من قبل الجيش والذي عرف بمرحلة28 فبراير, وتحت دعاوي مخالفة المباديء العلمانية ثم حل الرفاة عام1998 وحرمان زعيمه من العمل السياسي لمدة خمس سنوات والمفارقة أن هذا الحكم كان آخر قرار أصدره رئيس المحكمة الدستورية حينذاك أحمد نجدت سزر الذي سيتولي رئاسة الجمهورية التركية حتي2007. ورغم إبتعاده القصري إلا أن الرجل العجوز استمر حضوره بقوة علي الساحة السياسية واستطاع أن يدير من وراء الكواليس حزب الفضيلة إمتداد الرفاة المنحل, والذي قاده رفيق دربه رجائي كوكتان. ومع بداية الألفية الثالثة ولنفس أسباب مناهضة القيم العلمانية يحل الفضيلة ليحل محله حزب سعادات ويعد أربكان الذي درس الهندسة الأب الروحي لكل من الرئيس الحالي عبدالله جول ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان, إلا أنهما انشقا عليه وكونا حزب العدالة والتنمية الحالي. وقبل شهرين فقط عاد أربكان إلي زعامة سعادات بعد أن تمكن من قيادة إنقلاب ضد زعيمه الشاب الدكتور نعمان توركلموش الذي فضل الاستقالة وتأسيس حزب آخر باسم صوت الشعب.