كنت- ولم أعد- من أشد المعجبين بحسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني باعتباره رمزا للمقاومة والوقوف في وجه إسرائيل, حتي تأكد لي عام2008 أن عباءة المقاومة التي يرتديها الرجل ليست سوي قناع لإخفاء عمالته لإيران وارتهان مصالح بلاده علي المشيئة الإيرانية التي لعبت وتلاعبت بالقضايا العربية في إدارة معركتها مع الغرب حتي تفلت من غول الحصار الاقتصادي وتنجو ببرنامجها النووي وهو ما كاد يتحقق بالفعل في شهر يونيو المقبل ما لم تحدث مفاجأة. إيران أبدعت الصيد في الماء العربي العكر ودخلت علي قضايانا من بوابة مساندة الحقوق العربية المشروعة في فلسطينولبنان, وتقديم مساعدات مالية ضخمة ليس لوجه الله ولكن لخلق وكلاء لها من عينة نصرالله لبنان وأسد سوريا و مشعل فلسطين والمالكي بالعراق والحوثي باليمن.. والنتيجة الحتمية إصابة الحياة السياسية في هذه البلدان بالشلل وتعقد الأزمات فيها, وارتهان مفاتيح الحل في طهران وبدلا من أن تكون إيران جزءا من الحل إذا بها تصبح جزءا من المشكلة. وليس أدل علي عمالة نصر الله لإيران من هجومه غير المسبوق علي السعودية وعاصفة الحزم التي تشنها بمشاركة مصر و8 دول عربية علي الحوثيين الوكيل الحصري لإيران في اليمن, حيث خرج نصر الله علي كل القواعد الدبلوماسية والأخوة العربية وراح يكيل السباب للمملكة ولملكها المؤسس واتهمها بأنها تسعي للسيطرة علي اليمن, وهذا كلام مناف للحقيقة ومجاف للواقع ويقلب الحقائق, فإيران وليس الرياض هي التي تتغلغل داخل جوارها العربي وتفتعل المشكلات وتوظف ورقة الأقليات الشيعية لإثارة القلاقل في دول الخليج كما يحدث في البحرين واليمن وسبق وحدث في لبنانوغزة مما كرس الانقسام الفلسطيني وبدد دماء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن قضية العرب المركزية. تصريحات نصر الله أجبرت سعد الحريري علي الخروج من صمته والرد عليه بمنتهي القوة والحدة, مما يفتح باب السجال السياسي في لبنان ويهدد حالة التعايش الهش بين طوائفه, ويعيد مشهد احتلال ميليشيات حزب الله لبيروت علي غرار ما حدث في مايو2008 ومما يضاعف من هشاشة الوضع الأمني بلبنان أنه بدون رئيس إلي جانب جواره لسوريا التي تشهد حربا أهلية منذ2011 واستقبل لبنان أكثر من مليون لاجئ مما يشكل ضغطا هائلا علي موارده ويشكل عبئا إضافيا علي جهازه الأمني. الغريب والعجيب أنك إذا واجهت أي مسئول إيراني بتورط بلاده في الصراعات العربية وتعقيدها, فلن تجد منه إلا الإنكار الكامل وسيبرر تدخلها بوجه إنساني لا وجود له, لكن المستور انكشف مؤخرا مع الاقتراب من توقيع الصفقة مع الغرب إذ خرج مسئول كبير ليباهي بسيطرة إيران علي أربع عواصم عربية, كما فضحت صورة قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي يقود المعارك في العراق ضد تنظيمداعش المسكوت عنه في طهران وأكدت أنها شريك أساسي في القلاقل والاضطرابات التي تشهدها عدد من العواصم العربية. ثم أهي صدفة أن تقوم ميليشيات حزب الله باجتياح بيروت في مايو2008 وهو ما تكرر في سبتمبر الماضي من ميليشيات الحوثي في صنعاء ؟ ثم إن وقوف إيران إلي جانب الأسد سبب رئيسي في إطالة زمن الحرب الأهلية ووقوع المزيد من الضحايا والمزيد من التخريب. وفي لبنان لا يخفي دور إيران في إدارة اللعبة السياسية عبر حزب الله, وتعطيل اختيار رئيس للبلاد وهو الأمر المستبعد ما لم يتم التوافق السعودي- الإيراني, والشيء نفسه في غزة حيث يعد تحالف طهران مع حماس أهم أسباب فشل المصالحة الفلسطينية. إنني لا ألوم إيران أوغيرها من قوي التخريب الأجنبية بقدر النظام العربي الرسمي الذي فشل في صياغة حد أدني من التضامن وانتهي الأمر بانفراط عقد دوله. [email protected]