يظهر فيلم دعائي, بثه تنظيم داعش الإرهابي علي شبكة الإنترنت, مقاتلين من التنظيم, يتجولان في مول تجاري, بين متجر للألعاب ومحل ملابس وأحذية نسائية, في حين يقول أحدهما فيما يشبه الإعلان التجاري: هذه المحلات في سوق الدولة تعالوا تسوقوا هنا. هذا الفيلم أحدث إصدارات الجهاز الإعلامي للتنظيم, والذي يستفيد من التقدم التكنولوجي الهائل, وقدرات الفضاء الإلكتروني, لتحقيق أهداف نفسية ودعائية, تدعم حربه ضد التحالف الدولي, ومن أشهر أفلامه في هذا المجال لهيب الحرب, الذي صدر في سبتمبر الماضي ونشر علي موقع يوتيوب, والفيلم مدته55 دقيقة, ويحتوي علي تغطية معارك التنظيم, بدءا من إعلان أمريكا الحرب علي العراق في عهد جورج بوش, وصولا إلي تجددها في عهد أوباما وحربه علي التنظيم. وتميز الفيلم بجودة فنية ومهنية عالية, وأجواء الرعب التي تصور التكتيكات الحربية, ولقي رواجا كبيرا, حتي حصل علي أكثر من مليوني مشاهدة في ساعات, وحاولت إدارة موقع يوتيوب إزالته مئات المرات, بدون جدوي. وتتنوع أساليب الحرب الدعائية, فمن أفلام تمجد في التنظيم, وتصور حالة الأمن والاستقرار في الأماكن التي يسيطر عليها, مثل فيلم المول التجاري, والفيلم الذي ظهر فيه الرهينة البريطاني جون كانتلي وهو يتجول في كوباني عين العرب, وهناك أفلام هدفها بث الرعب, كأفلام إعدام الرهائن بحز رقابهم, وآخرها الفيلم المغرق في السادية لإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا, مرورا بسلسلة أفلام صليل الصوارم, والتي تحولت إلي لعبة إلكترونية لتدريب الأطفال علي عمليات نصب الكمائن وإحراق المدرعات والقتل بدم بارد. وتتميز الأفلام التي يصدرها داعش باستخدام أحدث تكنولوجيا ووسائل التصوير والمونتاج, والإخراج المبهر علي طريقة هوليوود, كما أنها في الغالب موجهة إلي الغرب, حيث تصدر باللغة الإنجليزية, وتحمل ترجمة عالية الجودة بالعربية, وهو ما يعكس اهتمام التنظيم, الذي يضم أكبر نسبة من المقاتلين الغربيين ذوي الأصول العربية أو الذين اعتنقوا الفكر المتطرف, بمخاطبة الغرب, وخاصة الشباب, والعمل علي تجنيدهم وإغوائهم للانضمام إلي صفوفه. إن مواجهة حرب داعش الدعائية باتت ضرورة ملحة, ولا يكفي ما تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي, من إغلاق حسابات المنتمين للتنظيم والمتعاطفين معه, وتتبع ما يبثونه من مواد دعائية وحذفها, فهو أمر غاية في الصعوبة وغير مجد, ويتطلب الأمر التزام وسائل الإعلام الجماهيرية بعدم إعادة نشر أفلام التنظيم, حتي لا تتحول هذه الوسائل إلي منصات إعلامية للتنظيم, وهو ما التزمت به المؤسسات العريقة كالأهرام والبي بي سي في موضوع حرق معاذ الكساسبة. علي حافظ