- لماذا لم تگن گالإسراء؟ كان يمكن للهجرة أن تتم فى لمح البصر كما حدث فى الإسراء والمعراج أيضا، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد ألا يحرمنا من القدرة فالمسافة بين مكة وبيت المقدس أطول من المسافة بين مكةوالمدينة فى حياة سيدنا رسول الله فى أوقات المحن والشدائد فأجرى الهجرة وفق الأسباب لنتعلم كيف خطط النبى ورتب دليل الطريق ومن يأتى بالزاد ومن يمشى بالفتية ومن يمحو الأثر والرفيق والدابة وخالف الطريق والجهة تمويها على المشركين ولنتعلم ألا ننهار أمام المفاجآت غير المتوقعة حين وصل الكفار إلى الغار وسيطرت مشاعر الخوف على أبى بكر فكان الثبات من رسول الله وكان التماسك قائلا له: (لا تحزن إن الله معنا) "التوبة: 40) ولنتعلم درس التآخى والتراحم والتعاطف من المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار بالإضافة إلى حب الوطن وهو واجب يعلم للشباب. - مظهر شاهين: تدعونا إلى وحدة الصف - فوزى الزفزاف: مثال للمجاهدة والصبر - فكرى إسماعيل: تحثنا على الإتقان والأخذ بالأسباب حفلت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينةالمنورة بدروس وعبر تستلهم كل عام مع احتفال الأمة بحادث الهجرة، وأبرز الدروس تعليم المسلمين الأخذ بالأسباب والتخطيط الدقيق والاستعانة بأصحاب الخبرات حتى لو كانوا من غير أهل الإسلام لضمان نجاح أى مشروع، فالإسلام لا يعرف الفشل، وهذه رسالة يجب أن تعلمها الأمة وتعلمها لأبنائها. فى البداية يقول الشيخ مظهر شاهين إن الهجرة النبوية تعتبر الحدث الأعظم بعد نزول الوحى على سيد الخلق الرسول صلى الله عليه وسلم وحوصر ومعه الصحابة الكرام، وحاول المشركون قتل الدعوة الإسلامية فى مهدها إلى دار أخرى كرم فيها الرسول: أصحابه وفتح الله له قلوب الانصار وأرضهم واستطاع أن ينتصر وأصحابه من المهاجرين والانصار على المشركين فى غزوة بدر، وما أحوجنا إلى استلهام الدروس والعبر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فنحن أحوج ما نكون إلى وحدة الصف ونبذ الخلافات والنزاعات والانقسامات التى قسمت ظهر الأمة فى كثير من البلاد كالعراق وسوريا والسودان وتونس واليمن وليبيا وبدت بوادرها فى مصر منذ فترة. ويقول الشيخ فوزى الزفزاف عضو مجمع البحوث الاسلامية إن هجرة الرسول من مكة إلى يثرب لم تكن مكانية فقط وإنما كانت بداية لإقامة الدولة الاسلامية وفى الوقت ذاته كانت الهجرة مثالا للمجاهدة والصبر والحرص على نجاح الدعوة الاسلامية التى أوحى الله بها لرسوله صلى الله عليه وسلم كما كانت حدثا أظهر معادن الرجال وصدقهم فى إيمانهم وحرصهم على تنفيذ أوامر وتوجيهات وتعاليم الدعوة الإسلامية، ومن ثم وجب على الأمة أخذ العظة والعبر، فى مجاهدة النفس والغير فى سبيل تبليغ هذه الرسالة الخالدة، التى من أجلها تحملوا المشاق وتركوا ديارهم التى نشأوا فيها وتربوا على خيراتها وهذا النبى العظيم صلى الله عليه وسلم يضرب أروع مثل فى حب الوطن رغم العذاب والعنت الذى تحمله وأصحابه فى سبيل دعوته حيث قال عندما خرج مهاجرا إلى يثرب، والله إنى لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب البلاد إلى قلبى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت" وليعلم الجميع أن حب الوطن من الركائز الاساسية فى الإسلام، ولذلك قام رسول الله بعدة خطوات عملية لإنشاء وطن يسكن فى قلب كل من عاش فيه فقدها جاء النبى إلى المدينة ليس فاتحا وليس غازيا ولا مستعمرا وإنما أتى إليها برغبة أهلها الذين قابلوه، بالحب وسبقت ذلك مقابلات ومبايعات ودخول مجموعة من الرجال والنساء فى الاسلام قبل الهجرة حيث شرع الرسول الكريم فى بناء أول وطن له على التآلف والمحبة والعدالة الاجتماعية والمساواة الكاملة بين الجميع مطبقا مبدأ المواطنة فى معناها البسيط القوى فى التأثير والنتيجة. ومن جانبه يؤكد الشيخ فكرى اسماعيل وكيل وزارة الاوقاف الاسبق أن احتفال الأمة الحقيقى بالهجرة يجب أن يكون احتفالا نستلهم منه الدروس المستفادة من الهجرة لعلاج مشكلات الأمة الآن، وأهم هذه الدروس تعلم المسلمين الآخذ بالاسباب وهو من أهم ما دعا اليه الاسلام، فالنبى صلى الله عليه وسلم تحمل مع المسلمين الكثير من ألوان العذاب والإيذاء ومع ذلك لم ييأس وصبر وصابر لأنه على الحق وعندما أذن له بالهجرة كان التخطيط الدقيق منهجه فى الحياة فقد أعطى صلى الله عليه وسلم لكل شىء حقه وخطط للهجرة تخطيطا دقيقا منظما فى سرية تامة حيث وزع المسئوليات واختار الرجل المناسب للمكان المناسب ليعلم أمته أن تستند الاعمال لذوى الكفاءات والخبرة ومن هنا نجحت الهجرة. كما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم دروسا حقيقية تؤكد أنه رسول من عند الله ولم يكن يطلب الدنيا أو الجاة أو المنصب أو الرئاسة وانما جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور وذلك من خلال هجرته وأصحابه حينما أعتقد المشركون أنه ربما يكون من أصحاب الدنيا. ويشير الشيخ فكرى إلى أن الهجرة هذا الحدث العظيم اشترك فيه عامة المسلمين وشاركت فيه المرأة واشترك فيه الشباب وكان لهم دور عظيم فى نجاح الهجرة فقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقه أبا بكر الصديق واختار من الشباب عبدالله بن أبى بكر يعيش مع المشركين ويكون على صلة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأختار عبدالله بن أريقط اليهودى دليلا له فى الهجرة إشارة إلى سبب الاعتماد عليه لخبرته وليس لدينه حتى يعلم أمته قيمة الخبرة والاتقان ثم اختار من القاعدة الشعبية عامر من فهيرة ومن النساء أسماء وعائشة وأختار أقرب الناس إليه على بن أبى طالب لعمل جسيم ربما يكون أخطر مهمة كلف بها رسول الله أحدا فى هجرته حيث أمر عليا بأن ينام فى مكانه وأن يلتحف ببردته لا يهام المشركين بعد هجرته ورد الامانات إلى أهلها رغم كل هذا الايذاء موضحا أن أهم الدروس المستفادة من الهجرة أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يعمل لمصلحته فى المقام الأول وانما كان سندا قويا لاصحابه فلم يهاجر أولا ولم يترك المسلمين فى مكة أمام ايذاء قريش بل عاش مع أصحابه وحثهم على الهجرة أولا وانتظر الاذن له من الله ليؤكد صلى الله عليه وسلم لآمته أن هجرته كانت بمنزلة دروس حقيقية يمكن لأمته الاستفادة منها فى حل مشكلاتها مهما تكن بشرط الاستفادة من هذه الدروس والعبر ولأن المهاجر الحق هو ما هجر ما نهى الله عنه.